أراد أحد أقربائي أن ينضم إلى أهله في إسطنبول بعد أن تأخر في الحجز من جنيف، فلم يحصل على حجز إلا بشق الأنفس وبضعف سعر التذكرة الأصلي، رغم وجود ثلاث رحلات يومية من جنيف إلى إسطنبول!تساءلت عن سر تسابق الناس على السفر إلى إسطنبول بالرغم من أن رحلات الخطوط إلى جنيف لا يمكن أن تكون جميعها للعرب والمسلمين، فشاهدت مدينة ضمت جميع جنسيات البشر من جميع الأجناس والأديان، وتتميز إسطنبول باعتدال الجو معظم أيام السنة وبتوافر جميع أصناف الطعام ورخصها النسبي وطيبة أهلها، وتوافر جميع أنواع المواصلات فيها.فالتاكسي لا عدّ له وبتعرفة بسيطة جدا، والباصات تسير إلى كل مكان والترام والقطارات، ومع هذا فإن المدينة تعاني من الازدحام طوال الوقت، ولا تكاد تهدأ في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل!ما كنا نقرؤه في بلادنا من تدهور العملة التركية وصعوبة العيش فيها، يبدو بأنه دعاية مضادة لا وجود لها، فالناس يتمتعون بعيشة هنية ويمارسون حياتهم الطبيعية ويتفاعلون مع الأحداث بكل أريحية!مشكلة الأتراك أنهم لا يتقنون اللغات الدارجة كالإنكليزية والفرنسية، ولكن لديهم القدرة على التفاهم مع جميع الشعوب!ويبدو أن غالبية الشعب التركي يقدّر ما فعله لهم أردوغان خلال ثلاثين عاما، حيث نقلهم من الفقر والديون والفوضى إلى أن تحولت تركيا إلى مصاف الدول المتقدمة، وذلك بطريقة ذكية حيث لم يتصادم مع ماضيها العلماني وما جرّه على البلاد من ويلات، وقد شهدنا كيف ساهمت الأحزاب التركية العلمانية سابقاً في تدمير البلد عبر صراعها مع بعضها البعض، وكيف تدخل الجيش مراراً بالانقلاب على الحكم، زعماً منه بأنه يسعى لإعادة التوازن الى البلد.فما كان من أردوغان إلا أن احتوى الجيش وقلّص نفوذه عبر تغيير نظام الحكم، وفتح الباب للحريات ومحاربة الفساد، وقام بتوثيق علاقاته مع الغرب وبالمشاركة الفاعلة في حلف الناتو، وحوّل تركيا إلى بلد صناعي إلى درجة مشاركة الولايات المتحدة في صناعة أحدث أنواع الطائرات الحربية.ومع هذا فإن الغرب والولايات المتحدة الأميركية لم يعجبهم ذلك وسعوا إلى الانقلاب على حكمه قبل بضع سنوات، ولكن قدرة الله تعالى أفشلت مخططهم، وشاهدنا الشعب التركي ينزل إلى الشوارع ليحبط ذلك الانقلاب!كم يحزننا أن يقف البعض ضد تركيا، وأن يسعى للتحريض على أردوغان بحجة أنه يسعى لترسيخ حكم الإخوان المسلمين في تركيا والعودة بتركيا الى زمان الدولة العثمانية، فهؤلاء لم يراعوا طبيعة الشعب التركي الذي يحب الاسلام ويسعى للعودة الى تعاليمه، ويقف مع المسلمين في جميع قضاياهم.فالمسلمون في جميع أقطار الارض يتوقون الى العودة الى تعاليم دينهم وتطبيقه في حياتهم، ويرفضون سياسة التغريب والعلمنة!مطار إسطنبول الجديدمن المفترض أن يتم فتح المطار الجديد في إسطنبول خلال أيام عدة، وهو أكبر مطار في العالم، وهنالك مشروع كبير لشبكة المترو يتم بناؤه الآن، وكثير من المشاريع التي تعتبر مفخرة لتركيا.