كم هو جميلٌ التحليق إلى اللامكان والدخول في عالم مليء بالصفاء والسلام والفن الحقيقي، حيث النغم الساحر والصوت الإنشادي الآسر.ففي سهرة فنية من طراز رفيع، تميّزت بمزيج من موسيقى «الجاز» واللحن الشرقي الأخاذ، أحيت الفرقة المصرية - الألمانية «كايرو ستيبس» أول من أمس، حفلاً موسيقياً مبهجاً، تخللته وصلة غناء للمنشد والمبتهل الشيخ إيهاب يونس، وذلك ضمن فعاليات الدورة الثالثة من «مهرجان السلام» الذي تنظمه أكاديمية لوياك للفنون الأدائية «لابا» بالتعاون مع حديقة الشهيد. شهد الحفل، حضور حشد جماهيري غفير، تقدمته رئيسة مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف، إلى جانب سفير جمهورية مصر العربية طارق القوني وسفير جمهورية ألمانيا الاتحادية كارلفريد بيرغنر، فضلاً عن حضور كوكبة من عشاق الموسيقى والغناء، ممن تسمّروا على مقاعدهم طوال فترة الحفل الذي امتد لساعتين. وسط أجواء فنية رائعة، تفاعل جمهور مسرح الشهيد مع الإنشاد الصوفي وموسيقى الجاز الغربية والموسيقى الشرقية، بعد أن تمت صياغتها بأسلوب جديد ومبتكر، من قِبل الفرقة الموسيقية «كايرو ستيبس» بقيادة الموسيقار باسم درويش، الذي تولى العزف على العود، وبمصاحبة أعضاء فرقته المكونة من 9 عازفين، معظمهم من عازفي الجاز الألماني، والذين أحبوا الموسيقى الشرقية من خلال سفرهم الدائم لمصر. فكان ماكسيمليان على الإيقاع، إنجليكا على الكمان، راغيد على الناي، ستيفن على الغيتار، سبيستيان على البيانو و جان بشري على آلة التشيللو، وماريا على الكمان، أما الإنشاد الصوفي فتألق في أدائه الشيخ إيهاب يونس.وتفنن عازفو«كايرو ستيبس» في أداء تسعة مقطوعات موسيقية، لكل منها قصة مستقلة بذاتها، رواها درويش قبل عزفها. إذ كانت البداية مع مقطوعة حملت عنوان «شمس»، التي عادة ما يستهل بها حفلاته، باعتبارها «سر الحياة والأرض، وضوئها الذي ينير الكون برداء السلام» وفقاً لتعبيره.بعدها، قدمت الفرقة مقطوعة بعنوان «عنبر»، تبعتها بـ«رقصة النيل»، التي وضع درويش لبنتها الأولى مذ كان في صعيد مصر، قبل أن يكتب شهادة ميلادها بعد أربعين عاماً في ألمانيا. ثم توالت المقطوعات الموسيقية التي تفشى سحرها في المكان، كمقطوعة «زنجبار»، ثم مقطوعة بعنوان «بكرا»، التي تحاكي الأمل المتجدد في الغد. ولم تنته وصلة الابداع والتميز عند ذلك الحد، بل قدمت الفرقة أيضاً، مقطوعة بعنوان «أداجيو البينوني» ذات اللحن الانسيابي والشاعري، لتقدم من بعدها مقطوعة «بيلاديو أليجيرتو». بينما حمل مسك الختام الطابع الخليجي لمقطوعة تعزف للمرة الأولى بعنوان «خليجي ستيبس» والتي أهدتها الفرقة كعربون للمحبة إلى الكويت، حيث وقّع ألحانها الموسيقار باسم درويش، في حين أعاد توزيعها العازفان المصري جان بشري والألماني سبيستيان.على هامش الحفل، تحدثت رئيسة مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف، قائلةً: «إن أكاديمية (لوياك) للفنون الأدائية (لابا) تحتفي بالسلام، وتعززه باستضافة فرق موسيقية متعددة الأصول والثقافات، مثل فرقة كايرو ستيبس التي تجمع ما بين الثقافة العربية المصرية والثقافة الغربية الألمانية والأوروبية». ولفتت السقاف إلى أن ما يميز حفل «كايرو ستيبس» هو حضور السفيرين المصري والألماني وزوجتيهما، وبعض كبار الديبلوماسيين في السفارتين، باعتبار أن الفرقة مصرية - ألمانية. مختتمةً بأن الحفل كان متميزاً بالرقي وبتفاعل الجمهور، «وكانت كل مقطوعة، تُمثل مفاجأة في حد ذاتها».  بدوره، لم يُخف الموسيقار باسم درويش فرحته العارمة، بما تلمسه من أصداء واسعة النطاق على مسرح حديقة الشهيد، قائلاً: «أود أن أعبّر عن امتناني وتقديري إلى القيمين على حديقة الشهيد وأكاديمية (لوياك) للفنون الأدائية (لابا) لاستضافتهم لنا في الكويت، في زيارة هي الأولى من نوعها لفرقة كايرو ستيبس».  ومضى درويش يقول:«ما تحمله موسيقاي من مزيج بين الجاز والموسيقى الكلاسيكية والإنشاد الصوفي، يبث السلام والمحبة وقبول الآخر والاحتفاء به من خلال الفن والموسيقى، وهذا ما يتماشى مع رؤية مهرجان السلام»، مردفاً:«هناك تعاون مشترك وفريد من نوعه بين فريق (لابا) وسفارة ألمانيا لدى الكويت، يهدف إلى تقديم مشروع يمتزج فيه الرقص الاستعراضي بموسيقى الجاز والموسيقى الكلاسيكية، وسيكون عملاً إبداعياً واستثنائياً بكل المقاييس».يذكر أن «كايرو ستيبس»، هي فرقة عالمية تأسست في العام 2002، كتعاون مشترك ما بين عازف العود المصري باسم درويش والألماني ماثياس فراي، وتسعى الفرقة إلى الدمج بين الموسيقى المختلفة من أنحاء العالم مع الموسيقى المصرية الأصيلة، خصوصاً الصوفية منها. كما حازت أخيراً جائزة الجاز ميوزيك أورد في ألمانيا، عن ألبوم «البساط الطائر».