تتميز الكويت الحبيبة بمزايا عدة منها المجلات الثقافية، التي منحت الكويت تميزا كبيرا استطاعت ان تصل عبر المطبوعة الثقافية الى المواطن العربي بكل تلقائية قبل أكثر من نصف قرن، وقتها لم يكن هناك الشبكة العنكبوتية «الانترنت»، ولا القنوات الفضائية، ولا بقية وسائل الاتصال السريعة التي باتت تعمل على سرعة ودقة التواصل بين مختلف دول العالم.وللاسف ورغم انتشار التعليم الا ان المجلات الثقافية، باتت اقل تأثيرا بسبب ايقاع الحياة السريع وبسبب وسائل الاتصال الحديثة، التي دفعت الاجيال الحديثة نحوها والابتعاد بشكل عام عن كل ما هو كتاب لتبقى الثقافة محصورة على النخبة.ومن المجلات الكويتية الرائدة مجلة «العربي» التي صدرت في عام 1958م، وقد لعب أول رئيس تحرير لها الدكتور أحمد زكي دورا رئيسا في انطلاقتها وتميزها، فانطلقت لتنافس اشهر المجلات العربية وتفوقت عليها لما تحمله من تميز على جانب الشكل والمضمون، كما ان اسم المجلة لعب دورا في جذب القارئ العربي اضافة الى انها رخيصة الثمن وبها تحقيقات بصفحات ملونة قدمت للقارئ العربي نبذة مفصلة عن وطنه العربي، كما ان عمالقة الادب العربي في مصر ولبنان وسورية والمغرب العربي واليمن كتبوا في تلك المجلة، التي استطاعت ان تدخل المنزل العربي وان تصل الى الانسان العربي بكل تعدداته العمرية والثقافية والأيديولوجية، الا انها توقفت في عام الاحتلال ثم عادت لكنها باتت اقل تألقا وتأثيرا بسبب المناخ الثقافي، وبسبب ان الجيل الجديد من الشباب بات لا يقرأ المجلات الثقافية، وبسبب ان بعض الاسماء التي أدارت وعملت بالمجلة، كانت اقل ابداعا واقل اهتماما واندماجا مع المعطيات الثقافية.ولدينا مجلة «الكويت» التي أسسها الشيخ عبد العزيز الرشيد والآن تصدرها وزارة الاعلام وحسنا فعلت كي تحافظ على استمرار مجلة قديمة لها ثقلها، وقد مرت المجلة بمراحل أثرت على مكانتها خاصة بعد فترة التحرير، الا انني لاحظت اخيرا تطورها بصورة كبيرة وعودتها لتألقها من خلال قراءتي للاعداد التي صدرت خلال السنوات الخمس الاخيرة، حيث لاحظت انها تطورت كثيرا، وانها حققت قفزات تحسب لصالح القائمين عليها وسبب التألق من وجهة نظري الخاصة انها باتت تنطلق من المكونات الكويتية ثم الخليجية والعربية ثم الاسلامية والعالمية، وأتمنى ان تستمر بذلك الامر الإيجابي صحافيا وثقافيا وفنيا.ولدينا في الكويت بعض الاصدارات الثقافية مثل سلسلتي عالم المعرفة والثقافة العالمية حيث يتم إصدارهما من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، وهما رمزان ثقافيان مهمان في الكويت استطاعا ان يفرضا حضورهما الاكاديمي والثقافي، ونتمنى ان يحققا المزيد من التميز الذي تحقق في السنوات الاولى لانطلاقة السلسلتين الثقافيتين لما لهما من مكانة مرموقة فكل عدد عبارة عن ثقافة مركزة.وتوجد مجلة «فنون» التي تصدر من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ايضا وهي مجلة تعنى بالفنون بشكل عام، كما أن هناك بعض المجلات التي تعنى بالثقافة والتي تصدرها بعض جمعيات النفع العام، الا انها لا تقدم الكثير لدرجة ان اعضاء تلك الجمعيات لا يقرؤونها، فما بالك بالاخرين.ولاننا نعيش في عالم القنوات الفضائية فاننا بحاجة ماسة لقناة ثقافية تقدم الجانب الثقافي، وتلك نقطة عادية الكل يعرفها ويستطيع القيام بها ولكن تكمن المشكلة الحقيقية في عملية المضمون، فلا بد ان تكون قناة جاذبة ثم يتم تقديم المادة الثقافية والفنية بصورة جذابة، وتلك عملية ليست سهلة تقع على عاتق أهل الإعلام والثقافة... عندها نستطيع ان نجاري العالم المتسارع عبر سلاح ثقافي يضمن ثقافتنا وهويتنا في عصر العولمة والذوبان في ثقافة الآخر، الامر الذي يؤدي الى تدهور أوضاعنا العربية التي لا تخفى على أي متابع في كل المجالات.* كاتب وفنان تشكيلي كويتي