يبدو أن الشهادة الجامعية لم تعد تتمتع بوهجها الوظيفي مثل السابق، أقله لدى الشركات العملاقة، حيث أشار تقرير متخصص بالتوظيف، إلى أن 15 من كبرى الشركات العالمية من بينها «آبل» و«إرنست آند يونغ» و«هليتون» لم تعد تشترط الشهادة الجامعية لتقلد وظائف في مجالات محددة. وبين التقريرالذي نشره موقع «Glassdoor» أن معظم الوظائف التي تطلبها هذه الشركات في قطاع التقنية والتسويق، يخضع المتقدم للوظيفة إلى اختبارات تحدد مدى الخبرة التي يتمتع بها، وقدرته على ملء الشاغر بكفاءة، ومناسبة إمكاناته الفنية لمتطلبات الوظيفة المعلن عنها.محلياً رحبت أوساط اقتصادية بالفكرة، لافتة إلى أن الخبرة والإبداع العملي في بعض القطاعات الوظيفية ليس بالضرورة أن تكون مرهونة بالشهادة.وفي هذا الخصوص أوضح الخبير الإداري، هاني المير، أن هناك العديد من الأشخاص يتقلدون مناصب تنفيذية في العديد من الشركات المحلية بشهادات أقل من الدرجة الجامعية، لكنها حالات قليلة، مشيراً إلى أن تضييق وزارة الشؤون على الشركات التي لديها موظفون من دون شهادات في مجالات معينة قرار خاطئ يحتاج إلى دراسة أعمق.وقال«لا يمكن تصنيف من لا يحمل شهادة جامعية على أنه عمالة هامشية، فهناك أشخاص يتفوقون على أصحاب الشهادات بمراحل طويلة»، داعياً الشركات والمؤسسات المحلية إلى أن تحذو حذو نظيراتها في دول الغرب، والتي تبني أنظمتها الإدارية وأنظمة تقييم الأداء على أساس القدرات والخبرات لا على أساس الشهادات.وأفاد بأن ما يعزز هذا الرأي هم الهاكرز، إذ إن أغلبهم أشخاص مبدعون لا يحملون شهادات جامعية، بل اكتسبوا خبرة على مدى سنوات طويلة، مكنتهم من اختراق دفاعات قوية جداً لمؤسسات عالمية ومرموقة، ما يعتبر دليلاً راسخاً على أن الشهادة الجامعية ليست الأساس في بعض المهن.وأشار المير إلى أنك قد تجد شخصاً لديه كاريزمة وشخصية واثقة، وكلمات منمّقة، لتسويق منتج يتفوق بمراحل على الموظف الذي يحمل شهادات في التخصص نفسه، لكنه غير قادر على التسويق والبيع بالوتيرة نفسها.واستدل المير في حديثه باللائحة المالية الداخلية لهيئة أسواق المال التي لم يعدها محاسب بل حامل لشهادة في الفيزياء، مبيناً أن خبرته لسنوات طويلة في المجال المالي وعمله لفترة طويلة في المناصب ذات الصلة أهّله للقيام بذلك.وإذ أكد المير أن هناك بعض المهن لا تحتاج إلى شهادة جامعية، لفت في الوقت نفسه إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على بعض الأعمال التخصصية مثل الطب والهندسة وغيرها.من جانبه، قال مدير التسويق في شركة «B. Global»، الشيخ مبارك فهد الصباح، إن الشركة التي يعمل فيها لا تعتبر الشهادة الجامعية، رغم أهميتها، أساساً للتوظيف، إذ تشجع أصحاب المواهب والمبدعين وتستقطبهم للعمل فيها حتى لو لم يكونوا من أصحاب شهادات، بشرط اجتيازهم لكل الاختبارات والمقابلات التي تجريها.ولفت الصباح إلى هذا الأمر ينسحب على قطاعات وظيفية معينة في الشركة، مؤكداً في الوقت نفسه أن بعض الأشخاص ممن لا يحملون شهادة موهوبون بشكل أكبر ممن لديه شهادات.وأكد الصباح أن أي مؤسسة يجب أن تميّز الأشخاص الذين يحملون شهادات عن غيرهم إذا كانوا يشغلون الوظيفة نفسها، سواء بالراتب أو الحوافز أو البدلات، إذ من غير الانصاف مساواتهم.ودعا الصباح جميع المؤسسات إلى العمل على التأكد من الخبرة والموهبة والقدرات التي يملكها المتقدم إلى العمل بغض النظر عن شهادته، لاسيما في الوقت الذي تفشت فيه ظاهرة الشهادات المزورة ووصلت إلى مراكز حساسة في الدولة.بدوره، قال الشريك التنفيذي في شركة «بيكرتيلي» هشام سرور، إن العلم والموهبة والخبرة يكمل كل منها الآخر، ولا يمكن الاعتماد على واحدة منها دون الأخرى.وأوضح أن التغاضي عن طلب الشهادات العلمية في التوظيف غير مقبول، كما أن المؤسسات يجب أن تخضع المتقدم إلى اختبارات متعددة للتأكد من خبرة وموهبة المتقدم لإغلاق الباب دون مزيفي شهاداتهم.وفي حين أكد سرور على وجود الشهادة والخبرة والموهبة مجتمعة، أشار إلى أنه يوجد في الكويت العديد من المسوقين والمبرمجين الموهوبين لايملكون شهادات ولكنهم حققوا نجاحاً لافتاً، مؤكداً أن هؤلاء لن يستطيعوا الوصول إلا إلى أفق محددة فقط.ولفت إلى أن لدى الشركات التي تناولها تقرير«Glassdoor» رؤية معينة في طريقة إدارة المواهب، وأنها قد تكون خطوة منها لتخفيض التكاليف، إذ إن راتب صاحب الشهادة العلمية والخبرة لا يمكن مقارنته مع من اكتسب خبرة لسنوات معدودات في المجال نفسه.وتساءل سرور عن كيف يمكن لأي شخص تسويق منتجات تمويلية من دون أن يحمل شهادة علمية تخوله التعامل مع هذه الأدوات المعقدة، موضحاً في الوقت عينه أن الخبرة وحدها لا تكفي وقد يضر صاحب الخبرة من دون شهادة الشركة التي يعمل فيها من حيث لا يدري.