توقفت طويلا عند خبر تعيين الرئيس الأميركي المنتخب «باراك اوباما» لمنافسته في الانتخابات هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، فبحسب منطق الامور في عالمنا الثالث فإن من ينافسني يصبح عدوي والواجب هو تحطيمه وعزله والانتقام منه لا سيما وان هيلاري قد مارست نقدا لاذعا بحق اوباما خلال فترة التنافس وحاولت كشف عيوبه لكي تفوز عليه، لكن مصلحة الولايات المتحدة تتطلب الاستفادة من جميع الكفاءات المتوافرة لمواجهة اكبر تحد تواجهه الولايات المتحدة في تاريخها الحديث، كما ان الابقاء على روبرت غيتس الجمهوري وزيرا للدفاع هو خطوة اخرى في تحصين ولاية اوباما ورص صفوف الشعب الاميركي في مواجهة التحديات.
يقارن الكاتب جيكوب وايزبيرغ في مقال له في مجلة «النيوزويك» ما بين موقف اوباما وموقف الرئيس جورج دبليو بوش الذي جعل من الولاء الشخصي المطلق له الاختبار الاساسي، بل انه صار ينظر إلى من يتحداه حتى في المجالس الخاصة وكأنه مؤشر على انعدام القدرة على الثقة بهم.
وكانت نتيجة ذلك هو فيض امام المسؤولين انصاف الاكفاء انما الموثوقون او غير الاكفاء بالمرة.
ثم يبين وايزبيرغ درسا مهما كم نحن بحاجة لاستيعابه من اجل النهوض ببلادنا فيقول: (ان احاطة الرئيس نفسه بالموالين المتشددين انما يولد نوعا من التقوقع والانفصام عما يحدث، ومع مرور الوقت، فإن هذا الولع المرضي بالولاء ينحدر إلى رأي «مافيوي» بالسياسة وهو ما يوفر الارضية المناسبة لإساءة السلطة، وتوضع قائمة بأسماء الاعداء ويتقوى شعور جنون الشك».
في الكويت
لو نظرنا إلى قائمة التعيينات في المناصب القيادية على مدى عقود طويلة لوجدنا بأن معيار الولاء والقرابة وعدم المعارضة هو السائد، فبالرغم من وجود كفاءات كثيرة في البلد، لكنها تقابل بالاهمال والرفض والتجميد لأنها لا تنطبق عليها شروط «هذا ولدنا».
تحدث نائب سابق في ديوانية عن فترة تولي وزراء منتخبين لوزارات مهمة وكيف طردوا جميع الكفاءات وعينوا المقربين لهم في اهم المناصب القيادية، فتجد مكتب الوزير فيه سبعون موظفا دون حاجة لهم، وتجد وكلاء مساعدين ومديرين بشهادات ابتدائية او متوسطة، وبين النائب بأن هؤلاء الوزراء قد اخترعوا وسائل خبيثة لقطع الطريق على ديوان الخدمة المدنية ان يمنعهم من تعيين اقربائهم، فيقومون بتعيين المطلوب تعيينه اولا في مكتب الوزير (مما لا يتطلب خبرة سابقة او تدرجا وظيفيا او شهادة) ثم بعد اشهر ينقلونه إلى منصب مراقب او مدير في احد قطاعات الوزارة، ثم يرتفع الى منصب وكيل مساعد.
وفي حالة تم حل الوزارة قبل ان يحقق الوزير اهدافه، فإنه يكتب عشرات القرارات بتعيينات المقربين بتواريخ سابقة ثم يعممها لكي تكون واقعا يعجز من يأتي بعده عن رفضها. هذه الفوضى العارمة التي تعيشها الكويت في طرد الكفاءات وتقريب الخواص قد تكون اهم سبب في العجز الكامل الذي نواجهه في البلد وسقوط البلد إلى دركات الفساد الاداري والمالي والعجز والفشل.
جاء احد الولاة إلى الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز، فقال له إنه قد سافر شهرا ليصل اليه، فسأله عن سبب قدومه فقال له: لقد قرأت الرسالة التي ارسلتها اليّ تنصحني فيها بعدم الجور والظلم فانخلع قلبي منها، فجئتك لأطلب منك اعفائي من تلك المسؤولية العظيمة.
قارن ذلك بأولئك الذين يقفزون قفزا ليصلوا إلى المناصب دون كفاءة او امانة ثم بعدها يسخرون وظائفهم لمصالحهم الشخصية ويغشون الناس، فهل عرفت سبب تردي اوضاعنا وتدهورها؟
د. وائل الحساوي
wae_al_hasawi@hotmail.com
يقارن الكاتب جيكوب وايزبيرغ في مقال له في مجلة «النيوزويك» ما بين موقف اوباما وموقف الرئيس جورج دبليو بوش الذي جعل من الولاء الشخصي المطلق له الاختبار الاساسي، بل انه صار ينظر إلى من يتحداه حتى في المجالس الخاصة وكأنه مؤشر على انعدام القدرة على الثقة بهم.
وكانت نتيجة ذلك هو فيض امام المسؤولين انصاف الاكفاء انما الموثوقون او غير الاكفاء بالمرة.
ثم يبين وايزبيرغ درسا مهما كم نحن بحاجة لاستيعابه من اجل النهوض ببلادنا فيقول: (ان احاطة الرئيس نفسه بالموالين المتشددين انما يولد نوعا من التقوقع والانفصام عما يحدث، ومع مرور الوقت، فإن هذا الولع المرضي بالولاء ينحدر إلى رأي «مافيوي» بالسياسة وهو ما يوفر الارضية المناسبة لإساءة السلطة، وتوضع قائمة بأسماء الاعداء ويتقوى شعور جنون الشك».
في الكويت
لو نظرنا إلى قائمة التعيينات في المناصب القيادية على مدى عقود طويلة لوجدنا بأن معيار الولاء والقرابة وعدم المعارضة هو السائد، فبالرغم من وجود كفاءات كثيرة في البلد، لكنها تقابل بالاهمال والرفض والتجميد لأنها لا تنطبق عليها شروط «هذا ولدنا».
تحدث نائب سابق في ديوانية عن فترة تولي وزراء منتخبين لوزارات مهمة وكيف طردوا جميع الكفاءات وعينوا المقربين لهم في اهم المناصب القيادية، فتجد مكتب الوزير فيه سبعون موظفا دون حاجة لهم، وتجد وكلاء مساعدين ومديرين بشهادات ابتدائية او متوسطة، وبين النائب بأن هؤلاء الوزراء قد اخترعوا وسائل خبيثة لقطع الطريق على ديوان الخدمة المدنية ان يمنعهم من تعيين اقربائهم، فيقومون بتعيين المطلوب تعيينه اولا في مكتب الوزير (مما لا يتطلب خبرة سابقة او تدرجا وظيفيا او شهادة) ثم بعد اشهر ينقلونه إلى منصب مراقب او مدير في احد قطاعات الوزارة، ثم يرتفع الى منصب وكيل مساعد.
وفي حالة تم حل الوزارة قبل ان يحقق الوزير اهدافه، فإنه يكتب عشرات القرارات بتعيينات المقربين بتواريخ سابقة ثم يعممها لكي تكون واقعا يعجز من يأتي بعده عن رفضها. هذه الفوضى العارمة التي تعيشها الكويت في طرد الكفاءات وتقريب الخواص قد تكون اهم سبب في العجز الكامل الذي نواجهه في البلد وسقوط البلد إلى دركات الفساد الاداري والمالي والعجز والفشل.
جاء احد الولاة إلى الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز، فقال له إنه قد سافر شهرا ليصل اليه، فسأله عن سبب قدومه فقال له: لقد قرأت الرسالة التي ارسلتها اليّ تنصحني فيها بعدم الجور والظلم فانخلع قلبي منها، فجئتك لأطلب منك اعفائي من تلك المسؤولية العظيمة.
قارن ذلك بأولئك الذين يقفزون قفزا ليصلوا إلى المناصب دون كفاءة او امانة ثم بعدها يسخرون وظائفهم لمصالحهم الشخصية ويغشون الناس، فهل عرفت سبب تردي اوضاعنا وتدهورها؟
د. وائل الحساوي
wae_al_hasawi@hotmail.com