كان مشهد اختي اجيال وهي جالسة شاردة الذهن وقد اتكأت على خدها بيدها مشهدا اقلقني، فسألتها: ما بك ما الذي اعتراك واحزنك وابكاك؟
اجابت: صورة ابي الغالي تتراءى لي في كل ركن ومكان بصوته وبنظرته وبضحكته ... اشتاق لذلك الحنان.
قلت: صدقيني ... ابي لم يغب عن مخيلتي لحظة واحدة فأنا اراه في وصال بالمحبة، اراه في ابتهال بالتواصل، اراه في اعتدال بالتسامح، وبالكرم اراه في مشعل، اراه في جمال في كل قيمة جميلة اعيشها او اسمعها او احس بها... احبه كل يوم اكثر من ذي قبل.
قالت: لقد انتهى وجوده بيننا... سينساه الناس.
قلت: اهله واحبابه سيذكرونه على الدوام... ابدا لن ينسوه مهما طالت وتوالت الاعوام.
اقتربي مني يا اجيال سأحكي لك عن ابي الغالي... لقد رحل عنا بالجسد لكنه لايزال حيا في قلوبنا. نراه في كل مكان واينما نذهب ... ابي الصديق الصدوق الذي جعل المحبة والصراحة والصدق المبدأ الاعلى لنا.
اجيال ان ابانا رحل وترك وراءه ثروة من الحب في قلب كل من خالطوه، كتبوا عنه حيا فمدحوه وكتبوا عنه راحلا فأبنوه ورثوه، حتى انه باسم «سفير الحب» سموه.
شهدوا له بالوفاء والطيبة، بالعطاء والتضحية، بالكرم والسخاء، مواقفه نبيلة يذكرها الاحباب والاغراب، مواقفه تجعلني واياك نفخر بوالدنا الخلوق.
اجيال، ان كل الاجيال احبته ولاتزال تحبه معنا.
قالوا عنه الكثير، قالوا: انه رحل عنا بابتسامته وسماحته.
قالوا: لقد خلف سيرة عطرة وتاريخا مشرفا وفراغا لن يملأه احد من بعده.
قالوا: انه فنان لا يشبه الا نفسه.
قالوا: هو صاحب التلقانية، والابتسامة الهادئة الشهيرة.
قالوا: انه نجم اجتمعت فيه مواصفات الفنان الانسان.
ابي يا اجيال ترك لنا رصيدا مشرفا من حب الناس والسيرة الحميدة الباعثة على الفخر.
ازاحت اجيال يدها ومسحت بها دموع الشوق لرؤياك يا ابي وارتسمت بدلا عنها ابتسامة هادئة ورثتها منك، فقد رأتك فعلا بين سطور الحوار وفي معاني الكلام، فهدأت نفسها، وتنفست الصعداء.
رحمة الله عليك يا أبي. واسكنك فسيح جناته.


ابنتك المحبة
منال محمد سريع السريع