تشكّل الجلسة التشريعية التي يعقدها البرلمان اللبناني اليوم وغداً، وهي الأولى له منذ انتخابه في 6 مايو الماضي، محطّة بالغة الأهمية في مسار المأزق الذي تعيشه البلاد في ظل تمادي أزمة تأليف الحكومة الجديدة والتي تدخل اليوم شهرها الخامس.ورغم ان «اليافطة» التي ينعقد البرلمان تحت رايتها هي إقرار مشاريع واقتراحات قوانين بعضها فائق الأهمية لملاقاة مقررات مؤتمر «سيدر 1» وتالياً إبقاء فرص استفادة لبنان منها «على قيد الحياة» ريثما يتم تشكيل الحكومة، فإن التئام مجلس النواب كهيئة تشريعية في ظل حكومة تصريف أعمال تُقابِله في الكواليس السياسية هواجس تقفز فوق الطابع «الاضطراري» لجلسة اليوم وغداً التي حظيت بموافقة كل الأطراف بمَن فيهم «تيار المستقبل» الذي يقوده الرئيس المكلف سعد الحريري. واذا كانت الجلسة التشريعية تعكس في أحد جوانبها تسليماً من أطراف الصراع على تشكيل الحكومة بأن مسار التأليف ما زال يحتاج الى أشواط لتذليل العقبات التي تعترضه وبأن ثمة حاجة لـ «التعايش» مع هذا المأزق، فإن أوساطاً مراقبة تبدي حذراً كبيراً حيال التشريع في ظل حكومة تصريف أعمال، معربة عن الخشية من أي انزلاقٍ لهذا المسار وتَمدُّده في اتجاهٍ يشمل أيضاً توسيع حدود تصريف الأعمال حكومياً، بما يوحي بأن النظام يعمل على طريقة BUSINESS AS USUAL بمعزل عن موقع رئاسةِ وزراءٍ مكتملة الصفات ومجلسِ وزراءٍ كامل المواصفات، مع ما يعنيه ذلك من تأثير على لعبة التوازنات في النظام التي يرعاها اتفاق الطائف بحيث يظْهر على أنه يَمْضي بقاطرتيْن: مسيحية (رئاسة الجمهورية) وشيعية (رئاسة البرلمان) فيما غياب الحكومة ورئاستها (السنية) غير ذي أهمية.وتوقّفت الأوساط عند الاعتراض الذي سجّله الرئيس السابق للحكومة تمام سلام على الجلسة التشريعية بوصْفها «سابقة دستورية» وكلامه في حديثٍ صحافي عن ميل واضح لدى بعض الأطراف «لإحداث سوابق تعدل عمل الحياة الدستورية التي أقرّت في اتفاق الطائف».وبمعزل عن البُعد «العميق» للجلسة، فإن الأنظار تتّجه إليها لرصْد أمريْن: الأول إذا كان السجال الذي اندلع بين النائب ياسين جابر (من كتلة الرئيس نبيه بري) ووزير الطاقة سيزار ابي خليل (من التيار الوطني الحر - حزب الرئيس ميشال عون) على خليفة ملف الكهرباء ودخول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خطّه سيترك تداعيات على مسار الجلسة ولا سيما ان علاقة بري - التيار يحكمها تطبيعٌ مستجدّ فيما علاقة التيار - التقدمي محكومةٌ بهدنة هشّة «عمرها» بضعة أيام. وكان جابر عبّر في تسجيل صوتي انتشر بقوة عن انتقادات قاسية لعهد عون وأداء فريقه بملف الكهرباء، معتبراً انه جرى تفويت فرصة عظيمة على لبنان برْفض عرْض شركة «سيمنز» ابان زيارة المستشارة انجيلا ميركل لبيروت (يونيو الماضي)، مذكراً بأن «جميع الديبلوماسيين في الأمم المتحدة يسألون كيف ترفضون عرْض سيمنز وكيف تعاملون ميركل بهذه الطريقة، هل أنتم مجانين»؟ مضيفاً: «يا للأسف الشديد، هذا العهد سيدمّر لبنان بشكل غير مقبول، والآن عشية جلسة الاثنين يضغط رئيس الجمهورية ووزير الطاقة لينالا 500 مليون دولار غير المليار ونصف المليار دولار، ليؤمنا الكهرباء لعدد من الساعات حتى نهاية 2018. للأسف الشديد البلد يؤخذ للهاوية». وبعدما غرّد جنبلاط معلناً «ليت المعنيين يسمعون ما قاله جابر، صوت مدوّ ينضم للحريصين على المصلحة العامة ويفضح مهزلة البواخر التركية»، أعلن أبي خليل «ليت (الاصوات الوطنية) لجأت الى الوقائع والمحاضر بدل الشائعات والقيل والقال اذ لم نعد نعرف ماذا تريدون: اتباع الاصول او التراضي كما تعودتم. استطراداً سيمنز لم تشارك بأي مناقصة».أما الأمر الثاني الذي يجري رصْده فهو ما يُتوقع ان تشهده الجلسة من إثارة عنوان «الخطر الاقتصادي - المالي» وبعض أرقامه التي تسابِق إشاعات طالت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وصحته وإمكان استقالته وهو ما ردّ عليه معتبراً «ان كل ما يقال لا يتعدى الشائعات التي تهدف الى زعزعة الوضع النقدي الجيد»، معلنا «استقالتي غير واردة على الاطلاق».بدوره، غرّد الحريري قائلاً: «لم يبق امام المتحاملين على وطننا إلا بث الشائعات الكاذبة حول صحة رياض سلامة! ألتقيه دائماً، وأكلمه يومياً واتصلتُ به للتو: صحته حديد والحمد لله»!
خارجيات
نائب من كتلة بري يتّهم عهد عون بأنه «سيدمّر لبنان»
12:23 م