... ربما تكون ظاهرة اتجاه الكثير من الكويتيين -في رحلاتهم السياحية- إلى تركيا تحديدا، حافزا لجامعة الكويت كي تؤسس قسما لتعليم اللغة التركية، أو على الأقل تنظيم دورات متفرقة، وهذا يساهم بقدر كبير في التعرف على الثقافة التركية التي نجهل معظمها، ولا نعرف القواسم المشتركة بينها وبين الثقافة العربية، وارجو ان يتم هذا الأمر بمعزل عن السياسة، بحيث تكون المواضيع التي على أساسها نتعلم اللغة التركية، متعلق بالآداب والفنون والثقافة بكل ألوانها، وكذلك التاريخ وحتى الجغرافيا.فالانفتاح على ثقافة تركيا قديما وحديثا، من الممكن أن يفتح آفاقا جديدة للدارسين، ويكشف لنا عن كنوز نحن غافلون عنها، ولم نعطها حقها من البحث والدراسة.وكل من زار تركيا أدهشه الكثير مما رآه هناك خصوصا في الأماكن التراثية التي تحكي تاريخ الدولة العثمانية، والمساجد التي ستظل قائمة تشير إلى حقبة مشرقة من التاريخ الإسلامي، سواء اختلفنا أو اتفقنا في مدلولاتها وآثارها التي ترتب عليها وضع دولنا العربية لاحقا، إلا أنها حقبة تميزت بالكثير من الإشرافات والنجاحات.والمتابع للحداثة التركية في مختلف المجالات الشعرية والنثرية والعمارة والسينما والمسرح وخلافه، سيجد أن ذلك يتم وفق أطر منظمة، وفي تشكيلية ثقافية، يراعى فيها مسألة التنوع الثقافي الذي تشهده تركيا المعاصرة الآن، وسيلاحظ كذلك تعدد الأسماء في هذه المجالات، بحيث لا يجد اسما أو أكثر مسيطرا على الساحة.فلو أخذنا فترة الثمانينات مثالا سنجد أن المجتمع التركي قد ابتعد عن السياسة واتجه إلى المعرفة والفن والثقافة. لتظهر أسماء لها قيمتها العالمية أمثال مصطفى نجاتي سبتجي اوغلو بمؤلفاته حول التاريخ التركي. خصوصا سلسلة رواياته «تاريخ الإمبراطورية العثمانية من الانتصار في معركة ملازجيرت 1071 وحتى عهد ضعفها»، وفي رواياته الأخرى تحدث عن التحولات الاجتماعي التي شهدتها تركيا الحديثة. ومن ثم اختيرت مسرحية له، كأفضل عمل مسرحية في المهرجان المسرحي بين الجامعات الأوروبية. وترجمت مؤلفاته إلى لغات عدة. وأورهان باموك، وضع اسمه ضمن قائمة «أفضل 21 كاتباً في القرن الحادي والعشرين» خلال تقرير صحيفة الاوبزرفر البريطانية عام 1999، وحصل عام 2003 على جائزة دبلن للأدب بفضل روايته «أنا اسمي الأحمر» التي طبعت في 24 لغة، كما حصد جائزة نوبل للأدب عام 2006. وحظي كتاب تورغوت اوزاكمان، وعنوانه «هؤلاء الأتراك المتهورون»، بأهمية عالمية، وهي رواية تاريخية تحكي كفاح الأتراك من أجل الاستقلال، مما جعله الكتاب الأكثر مبيعاً وقراءة خلال عام 2005، وحصل بذلك على «جائزة شرف مؤسسة الفنون». ونذكر من الكتّاب الذين لهم قيمتهم في الأدب التركي: عائشة قولين ونازلي إيراي وبوكيت أوزونير وكورشاد باشار وبينار كور وإحسان أوقطاي آنار وآليف آلاتلي. وبالتالي يمكن القول إن دراسة الأدب التركي من أهم الدراسات التي من المفترض الاعتناء بها في الكويت وعدم إهمالها، من أجل الكشف عن كنوزها المخبأة، وهي كنوز ستزيد من ثراء ثقافتنا من خلال المزيد من التعدد والانفتاح على ثقافات الآخر.*كاتب وأكاديمي كويتي