أصبحَ من «العيب» أن تلّمح إلى مدير إدارة أو موظفة في وزارة أو موظف استقبال، إلى أن إعطاء مواعيد تسلّم أو تخليص معاملة بشكل غير صحيح في كل مرة، إنما هو تعبير عن خرق لأدبيات المهنة وأعراف العمل الإداري المنظم الذي يراعي المراجعين القادمين تحت لهيب الشمس. فقط حاول أن تقول هذا الكلام بكل احترام وأدب مع غلق أول زرارين من قميصك، وتسريحة شعر جانبية ووضع يديك خلف ظهرك، لتكتشف أن الموظف الذي أمامك تحول إلى «ستاند أب كوميدي» وقال لك بصوت عال أمام المراجعين: «أخوي... تعرف تقول خمس مرات حوش خميس خوش حوش»!فينفجر الجميع من الضحك بمن فيهم القائل للملاحظة، في الوقت الذي على الجميع فيه أن يبكي مجتمعاً فقد ذوق الوقت، وهو التوقيت.لا شك أن أي قارئ قد تعرّض، ولو لعشر مرات على الأقل، لتأخير تسلّم معاملة أو تسلّم بيت حكومي أو قطعة أرض أو تأخير إنشاء جسر في طريقه إلى عمله، بل وصلنا إلى مرحلة تأخير العمل ذاته بعد الافتتاح الرسمي وقص الأشرطة وابتسامة المسؤولين لمشاريع تم إيهامنا فعلاً بأنها حلت مشاكلنا.حتى في تسلّم الحقائب من المطار، أصبح التأخير أمراً واقعاً عليك التعامل معه والاعتياد عليه لكي لا تموت قهراً وكمداً على ميزانية حكومية سنوية بلغت 18 ملياراً، بينما شركات قطاع خاص برأسمال يمثل 10 في المئة من هذه الميزانية، قادرة على إدارة مطارات!عندما يصبح كل شخص غير مسؤول عما ينتجه وعن العمل الواقع تحت يديه، يصبح التأخير نتيجة طبيعية لـ «سيستم» حكومي أصلاً متأخر عن ما حوله عشر سنوات على الأقل.وأقسم لكم بالله أن أحد أهم أسباب هذا التأخير، هو العقلية التي تعتقد أن «ولدنا» الذي أقصى ما وصل إليه من مهارات في الحياة هي أن يحذف ثلاث برتقالات في الهواء دفعة واحدة وجعلها تدور بشكل مثلث، وأحياناً يمشي على الحبل من دون أن يسقط على الأرض، مع مهارة إضافة هي الأكثر جدية حيث قدرته على التحليل السياسي القائم على حقوق الراعي وواجبات الرعية... هذا الكائن المسمى «ولدنا»، يجب أن يوضع في سيرك وليس في مؤسسة حكومية.أحاول أن أضبط الاتزان الانفعالي لي وأنا أكتب هذا المقال، محاولاً استدعاء الأشياء الجميلة في حياتنا لكي أقطر في عيونك إيجابية بدلاً من التشاؤم واللطم على حال الجميع يعرفه.ولكن حتى الإيجابية في حياتنا متأخرة... فعودة الرياضة المتأخرة لم يكن لها البريق واللمعان والصدمة ذاتها التي أصابتنا عندما منعنا منها.عموماً... من باب أنه مازال في حياتنا أشياء جميلة، أود أن أشكر بكل التقدير موظف إدارة التنسيق في وزارة التربية الأستاذ الفاضل عيسى العيسى على حسن تعامله مع المراجعين وذوقه العالي في تطييب خاطرهم على تأخير معاملات ليست ضمن صلاحياته، وعلى ابتسامته التي تدل على أن من يحبون أهل الكويت أكثر ممن يسعون إلى جعلهم في مؤخرة... «ولا بلاش»!قصة قصيرة:صوت المذيع:- هذا وقد أعلن السيد المحافظ أن افتتاح مشروع «السكلبوح» سيكون له أكبر الأثر في الناتج المحلي، وقد أشار إلى أن الافتتاح غداً تحت أقواس النصر.صوت الجمهور:- ما معنى كلمة «غداً»؟!moh1alatwan@
مقالات
خواطر صعلوك
«حوش خميس خوش حوش»!
07:53 ص