سعد بن ثقل العجمي... شاعر كويتي شاب، تتدفق القصائد من وجدانه، تدفقا هادئا... يحمل في مفرداته الفلسفة والحكمة والتنوع الدلالي، الذي يبحث في الحياة عن الإنسان بكل تطلعاته وأحلامه.والعجمي... رغم ابتعاده عن الأضواء، نتيجة لما تتميز به أخلاقه من حياء، وعزة نفس، إلا أنه سيظل فارس الكلمة، الذي يتعامل مع القصيدة من منظورها الجمالي الخلاق، ومن خلال مخزون ثقافي اكتسبه الشاعر من اطلاعه الواسعة في التاريخ والاجتماع والفقه الديني وخلافه.وديوانه «منتظر الصحراء»- في طبعته الأول- ركز على الكثير من المضامين التي تحتفي بالكلمة في أجمل تجلياتها، مستعينا بقدرته على تحريك سكون المفردات، بما يمكن أن نطلق عليه الحدس الشعري، الذي يدخل بعمق في المعنى من أجل إبراز جوانبه المضيئة، تلك التي تتوهج فيها الصور الشعرية في تألق وحضور:كل السؤلات...ماتت!قبل أن تصلايا طور سيناء...هل ما زلت مشتعلا؟تاهت...خطى الغيمصحرائي: كعادتهاظمأى!أيروي صداها الحب إن هطلا؟إنها كلمات من قصيدة «منتظر الصحراء»، التي اتخذها الشاعر عنوانا لديوانه، وفيها يعرج إلى موضوع يتعلق بعشقه للصحراء: «ملامحي:/‏ تسكن الصحراء/‏ خيمتها:/‏ بيت من الشعر»، وهي رؤى استلهمها الشاعر من خلال الوصف الدقيق، والتناغم مع مختلف العناصر التي تعج بها الصحراء.فيما «قصيدة قابلة للانفجار» اتسمت بالتواصل مع مختلف جوانب الحياة عبر ممرات شعرية متقنة، بينما الصحراء لا تزال حاضرة ليقول:أنا...لن أجرجرفي القصيدة ناقةأضحتلدى عصريمن الأغرابصحراء أجدادي...بنينا فوقهاخيماولكن !ناطحات سحاب!وفي غموض شعري جذاب... تفاعل الشاعر في قصيدته «ما وراء الياء»، وذلك وفق منظومة حسية تتجاوب مع الواقع والخيال معا في أنساق شعرية متواصلة مع الوجدان ليقول:لا تبحثي!فالتيه:في أسمائيإني اختبأت...وراء حرف الياءوعبر إشارات شعرية ربما تكشف مكنون الشاعر سنجد أننا إزاء لحظات حياتية معبرة، وضعها الشاعر في صبغة رمزية من الصعب فك طلاسمها: «ليت الذي.../‏ أخذ الحقيبة/‏ ردها/‏ إذ لم يجد فيها/‏ سوى أشيائي».و«مساءات استثنائية...»، تعبر عن مدلولات شعرية استلهمها الشاعر من خلال مفردات رشيقة، ذات مفردات هادئة، وفي مقاطع شعرية مزدانة بالعاطفة المتوهجة بالحيوية ليقول:ولي قلب...له بابعصيّمحكم الإغلاق!سأفتحه...بعهد الحبنعم العهدوالميثاق.وتنقل الشاعر في قصائده من خلال مواضيع وأغراض شعرية مزدانة بالتميز والحضور كي نقرأ قصيدة «سفر تكويني»، تلك التي يلمع فيها المعنى في سياق شعري متحرك في أكثر من اتجاه، في تناص مع التاريخ والتراث العربي والإسلامي، بينما انتقل في قصيدة «قبلة»، إلى معانٍ أخرى، بينما اتسمت قصيدة «هِبة الحسين» بالمعاني اللفتة، ذات المفردات القوية المنحوتة في جسد الحياة:آثار عطركِ...في كفيوفي عنقيووحي طرفكِ...منسابعلى الورقأفضل الليل...فستانا لتلبسه.وتمتعت قصيدة «أهرامات الأعراب» ببعدها التاريخي، الذي يتوغل فيه ويتواصل مع الحضارة، في معانٍ مختزلة، بالإضافة إلى ما تضمنته قصيدة «هوى الفتى الغلّاب»، من تداعيات شعرية ملهمة، وقصيدة «وردت الكوثر»، بما فيها من جمال المعنى، و«هليمان قبيلة»، و«ظلال الألحان»، و«هيت»، تلك القصائد التي اتسمت بالتجديد في بنيتها الشعرية، والاتصال المباشر مع المعاني من دون تجاذبات أو مناوشات.والعجمي... شاعر وباحث كويتي، لديه إلى جانب ديوانه الشعري «منتظر الصحراء»، كتاب «حجية سنن الخلفاء الراشدين»، وهو بحثه الذي حصل بموجبه على الماجستير، وعضو في الكثير من الجمعيات والملتقيات وحصل على مراكز متقدمة في مسابقات شعرية ودينية وفي فن الخطابة.