كان الوقت يشير إلى قرابة الحادية عشرة مساء ونحن في طريق العودة إلى الديوان بعد عشاء دعاني إليه أخ حبيب على نفسي (أخ لم تلده أمي) ومكانته عندي تجاوزت مكانة الأخ و«يقول علي».الحديث كان عن وضع الحراك الذي كاد أن يعصف بالبلاد لولا حكمة حضرة صاحب السمو حفظه الله ورعاه وحفظ الله لهذا البلد الذي غطى خيره مشارق الأرض ومغاربها... وأثناء الحديث قيل لي: انت عرف عنك إنك مع الحراك... ومن أعضاء التكتل الشعبي ولهذا السبب استغلت تغريدة لك ليتم تأويلها بشكل مسيء؟استغربت من القول... وجاءت إجابتي بكل عفوية كما يلي:بالنسبة للحراك? نعم أنا كنت مع الحراك بأهدافه الوطنية الأولية في بداية الأمر حيث كان وطني المقصد محاربا للفساد، ولم أشارك سوى بالمسيرة المرخصة وكتبت عنها وكنت وما زلت أردد بقناعة ان هناك فرقا بين التعبير عن الرأي المسؤول وبين تجاوز الحدود من لفظ وفعل، وكنت ضد الخروج إلى الشارع وضد بعض المطالبات. وللعلم كثير من أحبتنا كانوا مع الحراك في بدايته وبعد أن تم تحصين الصوت الواحد شاركنا بالانتخابات وذكرنا هذا في مقالات ولقاءات كثيرة... وطاعة ولي الأمر والمصلحة الوطنية هي المحرك لنا وما زلنا وسنظل نتحدث عن مكامن الخلل وأوجه الفساد لإيماننا المطلق بأن لا تنمية أو تطور في ظل وجود فساد ومفسدين، وهي مهمة وطنية واجتماعية وشرعية وتاريخية، حسب ما ورد في الأثر من أهميتها الحيوية... وبعد أن انحرف الحراك عن الخط القويم، ابتعدنا عنه وفضلنا الكتابة على النهج نفسه الذي اتخذناها منذ عقود من الزمن!أما التكتل الشعبي? فلو عدنا للوراء نتذكر انه كان هناك مخيم للتكتل الشعبي وتربطني علاقة طيبة بأعضاء التكتل آنذاك والذين هم الآن خارجه وظلت العلاقة الشخصية كما هي، لكن مسألة انني عضو به فهذا غير صحيح إطلاقا... ثانيا أنا طال عمرك، إعلامي واجتماعي بالفطرة تربطني بكل الفعاليات وجمعيات النفع العام الإسلامي منها والليبرالي والاقتصادي والاجتماعي، علاقات جيدة، فهل يعني انني عضو فيها؟ يبدو ان رسالة الماجستير التي كانت عن د. سعد البراك واختبار النمط القيادي له كدراسة حالة قد ربطها البعض في تكوين انطباعه مع الأسف.والسؤال هنا:هل تستطيع إلصاق التهمة بشخص ما؟ في وضعنا الاجتماعي سهل جدا ولو أبحرنا في وسائل التواصل الاجتماعي لوجدنا معظمه مجافيا للحقيقة وغير صحيح واستغلت الساحة لتصفية الحسابات!هل يبقى الفرد على وجهة نظر وموقف معين إلى الأبد؟ طبعا لا، فالإنسان بطبيعته وفطرته يتعلم من الأخطاء وتتغير الأهداف والتوجهات مع تغير المعطيات والظروف، فالحراك مثلا، كنت مقتنعا به في بداياته وبعد إتضاح صورته وتغير وجهته ودخول أطراف فيه? أبقيت مع الصالح منه فقط وتمسكنا بطريق مكافحة الفساد والمهمة الاجتماعية والإدارية الملقاة علينا بحكم تخصصنا وخبرتنا.هل نغلق الباب في وجه كل من اتهم بأنه مع الحراك؟ أعتقد ان البعض استغل الوضع لإقصاء الكفاءات وعمل BLOCK عليهم كي تبقى الساحة لهم ولأتباعهم، وهناك دلائل واضحة في هذا المجال والخاسر هو المؤسسات والعباد... خذ عندك مؤشر مدركات الفساد على سبيل المثال لا الحصر.يا أخي إذا الله عز شأنه يغفر الذنوب إلا أن يشرك به، فما بالنا نحن البشر لا نتحقق من الأمور ونلتمس العذر... وتمعن بقوله تعالى في الآيتين «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء» و «إن الله يغفرالذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم»... مؤسف جدا إننا لا نستوعب الدرس الآلهي من هاتين الآيتين. لهذه الأسباب يبقى التحقق من الأمور أمر الزامي ولننظر لمن حولنا ونبادر بالتسامح في ما بيننا ونزيح كل مجموعة محرضة من قياديين ومستشارين لا يريدون الخير للبلد والعباد. الزبدة:هذا بالنسبة للحراك وحقيقته وكيف إنه استغل من قبل البعض للإساءة إلى أهدافه الوطنية الصرفة التي انطلق منها، وكيف ان البعض أتهم بأمور لا علاقة له بها على الإطلاق وحكموا على ظاهر الأمور ولهذا السبب ذكر الله عز شأنه في محكم تنزيله «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»... يعني نحن نحكم وفق وكالة «يقولون» أو «ينشرون» خصوصاً مع علمنا بأن عملية «القص واللزق» أشتهر بها كثيرا من أحبتنا هداهم الله.في المقال المقبل سأتحدث عن جانب «السارق» وخطره المستقبلي على المجتمع ومكوناته... الله المستعان.terki.alazmi@gmail.com