يقول المثل الحديث:ينام السارق في بلادي دون قلقويكسب السياسي المال دون عَرقوينام المسؤول الفاشل دون أرقلأن القانون في بلادي... حبر على ورق!هل يتجه البلد نحو ذلك المسار؟!مَن يصدق بأن تتكشف لنا قضية ما يسمى بتزوير الشهادات بهذا العمق والاتساع من دون أن تجد من يدقّق فيها أو يشكك في انتشارها؟!لا شك أن ذلك الوافد المصري الذي تم القبض عليه متلبساً بهذه الجريمة هو الجزء الطافي من ذلك الجبل الكبير وأن ما خفي أكبر!يقول ذلك الوافد إنه تمكن من تزييف شهادات بكالوريوس وماجستير تحمل اسم جامعات مصرية حكومية وخاصة بطريقة احترافية، حيث تعمل معه منظومة متكاملة لختم الشهادات، ومن ثم التصديق عليها أمام الجهات المعنية في القاهرة!وتبين بأن الكثير من الموظفين، ومن بينهم مسؤولون في جهات حيوية، تورّطوا في شراء شهادات مزورة وقد تم تعيينهم بها في وزارات ومؤسسات!وقد تبين كذلك بأن كلمة السر (باسورد) التي أدخل ذلك الوافد من خلالها المعاملات، قد تمكن خلالها من إنجاز تسعة آلاف شهادة، وتوقعت المصادر أن يصل عدد الشهادات المزيفة التي تورط فيها المتهم نحو ألف شهادة (القبس 20 /7 /2018).وقد استغل بعض المغردين تلك الأوضاع المقلوبة في البلد لكي يبثوا لنا مجموعة من الاتهامات لكثير من الشخصيات التي حصلت على شهاداتها خلال فترة عملها، وتكلموا جازمين عن تزويرهم لتلك الشهادات، وذلك من أجل خلط الأوراق.وهذه القضية ليست جديدة، بل إنها تتكرر منذ زمن طويل، وشاهدنا مجموعة من القياديين يضيفون إلى ألقابهم حرف الدال، بينما هم على رأس عملهم وليس لديهم الوقت ولا الإمكانات المطلوبة لتحقيق ذلك، بينما شاهدنا الملاحقات الكبيرة بحق الذين يفشلون في الدراسة عن طريق البعثات.وقد كتبت كثيراً عن ما يسمى بدكاكين التعليم العالي التي يلجأ إليها خريجو الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب لاستكمال دراستهم للبكالوريوس، فيقومون بالتسجيل في جامعات غير معترف بها أو جامعات تتساهل في متطلباتها للتخرج، والحمد لله أن الموجة قد خفت عن السابق، لكن مشكلة الشهادات المزوّرة هي الأخطر، وهي قضية أخلاقية. فتصور أن ينتشر هؤلاء المزورون في جميع أنحاء البلاد ويشغلون أهم الوظائف، وكيف نلوم الناس إن هم شككوا بالجميع واتهموا الجميع؟ويبقى السؤال: ما الذي يدفع هؤلاء إلى التزوير، ولماذا تمثل الشهادة كنزاً ثميناً لمن يملكها ولماذا لا يتم اختبار مدعي التخرج لمعرفة مدى صدق فهمهم وخبراتهم؟ أما السؤال الأهم فهو: هل ستتم معاقبة المزورين وطردهم من أعمالهم وتغريمهم وسجنهم أم سنرى بعض نواب الأمة يساندونهم ويتدخلون للدفاع عنهم؟!نفوق للبلد!بالأمس نفوق للأسماك، ثم الأدوية منتهية الصلاحية ثم الفلافل المسمومة ثم الحاويات المهربة من الميناء، ثم تزوير الجناسي، واليوم وصلت إلى تزوير التعليم، فماذا بقي من القانون في بلادي؟
مقالات
نسمات
القوانين حبر على ورق!
01:29 ص