ضحكت من قلبي عندما قرأت كلام المتنبئ الجوي الكويتي يقول إن الخميس الماضي كان أول يوم من بداية الفصل الصيفي، وقلت في نفسي: وماذا عن الشهرين الماضيين اللذين ذقنا فيهما المر بسبب تسلّط الشمس على رؤوسنا؟!وبالفعل، فإن الشمس لم تكذّب الخبر، فقد تسلّطت علينا ورفعت درجة الحرارة إلى الخمسين درجة.إذاً، فنحن ما زلنا في بداية الصيف، والله يستر من بقية الأيام، ونتوقع أن ترتفع الحرارة إلى أكثر من 55 درجة!يقول البعض إن ذلك لا يؤثر فينا، فنحن لا نتعرض لحرارة الشمس إلا لدقائق قليلة يومياً، وبقية الوقت نعيشه داخل المباني الكونكريتية وسط التكييف ولله الحمد!حتى أوروبا بدأت تعاني من ارتفاع درجات الحرارة صيفاً.وفي الحقيقة، إننا نشعر بحر الصيف كذلك داخل بيوتنا، فقد بدأت جميع أنواع الحشرات بالخروج من مكامنها بسبب الحر الشديد، والمياه في الخزانات تحرق من يلمسها!ونرى قطط «الفريج» تلتصق بالأبواب بحثاً عن تسرب الهواء البارد من خلال الفتحات!حتى الحَمام الذي لا يجد له ظلاً فوق السطوح، تراه يختبئ تحت مكيفات الهواء وتسقط أعداد كبيرة منه صرعى فوق السطح!ولو فكرنا بالعمال المساكين الذين يعملون تحت أشعة الشمس في ظل درجات الحرارة الرهيبة، فإننا نشعر بأننا مشتركون في إثم تشغيلهم!بالأمس، انتفض إخواننا في البصرة والنجف ضد حكومتهم الفاسدة، وقاموا بأعمال الشغب، وقد ساهمت درجات الحرارة ونقص الخدمات والفساد في تفجير عقول الناس وخروجهم عن طورهم، ولكن بارك الله في التكييف الذي يغطي على كثير من مآسينا ويستر عوراتنا!هناك فئة من المواطنين قد وطنوا أنفسهم وأقنعوا أهاليهم بعدم جدوى السفر، وأن ما يجلبه من المتاعب وخسارة النقود أكبر بكثير من المتعة الموقتة التي يحصلون عليها، لذا فقد عودوا أنفسهم على الجلوس في الكويت، ونحن نحسدهم على ذلك القرار الحكيم. لكن ازدياد درجات الحرارة السنوي وضغط الأطفال، يساعد على التمرد والانفلات من ذلك الالتزام، ومهما سافر الناس صيفاً وتقطعوا في أقطار الأرض، فإن الشمس تنتظرهم ليرجعوا لكي تعوضهم ما فاتهم من قسطهم من الحرارة والرطوبة والغبار!قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفَسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير (البرد)» (رواه البخاري ومسلم).أعاذنا الله وإياكم من شر جهنّم.