يُشهَد للمُخْرِجة رشا شربتجي كفاءتها العالية وتَفوُّقها في مجالها، عبر مجموعة كبيرة من الأعمال التي تولّت إخراجها خلال مسيرتها الفنية، التي كان أبرزها «الولادة من الخاصرة» وآخرها مسلسل «طريق» الذي حقّق نسبة مشاهدة عالية جداً خلال عرْضه في شهر رمضان الفائت.رشا شربتجي تحدثتْ إلى «الراي» عن نجاح مسلسل «طريق»، وسيطرة المُخْرِج السوري عربياً، وعن الأعمال المشتركة، ومستوى الدراما السورية، وتحضيراتها... وتفاصيل الحوار تأتي في هذه السطور:

• ما الفارق بالنسبة إليك بين نجاح مسلسل «طريق» ونجاح الأعمال الكثيرة الأخرى التي توليتِ إخراجها قبْله؟- كل نجاح جديد يكون أجمل من الذي سبقه، ومعه أشعر بصعوبة الخطوة التي تليه، و«بتكون إيدي على قلبي»، وأشعر بالخوف وأتساءل: هل يا ترى الخطوة التالية صحيحة؟ وهل هي مَبْنيّة على قاعدة ثابتة أم لا. ونجاح مسلسل «طريق» تحديداً يعني لي الكثير، لأنه عَمَلٌ من بطولة نجمين أحبهما كثيراً، هما عابد فهد ونادين نجيم، ومن إنتاج شركة أحترمها كثيراً وأعتبر صاحبها أباً روحياً مع أنه ليس كبيراً في السنّ، وأقصد صادق الصباح، عدا أنني تعاونتُ فيه مع المُنْتِجة لمى الصباح التي أعتبرها أختاً لي. ونجاح مسلسل «طريق» كان مزدوجاً للإنتاج والإخراج، وهذا يُشْعِرني بمسؤولية مضاعفة. وهنا لا يمكنني إلا أن أتمنى كل الخير للجهة المُنْتِجة لأنها عائلتي الثانية. ولا شكّ في أن النجاح الذي حقّقه مسلسل «طريق» يرتبط في الأساس برواية «الشريدة» للأديب المصري نجيب محفوظ، الذي تنتمي والدتي إلى نفس بلده، هذا الروائي الرائع الذي حصل على جائزة نوبل، والذي نفتخر كلنا به، والذي ارتبط اسمي الصغير باسمه الكبير، وهذا الأمر مدعاة فخر لي. فكرة القصة ومضمونها والحفاظ عليها وعلى جدليّتها كانت أمانة في عنقي، ونجاح المسلسل يعني أنني نجحتُ في إيصال الرسالة التي قالها نجيب محفوظ في قصّته والتي كان تمّ التعبير عنها أيضاً في فيلم سينمائي بطريقة ما. كل هذا يجعلني أشعر بالسعادة وأقول: الحمد لله. • كان هناك رهان كبير على نجاح مسلسل «طريق» على خلفية انسحاب نادين نجيم من الجزء الثاني من مسلسل «الهيبة» وإعلان انضمامها إليه إلى جانب عابد فهد، في ثانية تجاربهما الدرامية. فهل شكّل هذا الأمر تحدياً إضافياً بالنسبة إليك كمُخْرِجة، خصوصاً أن المنافسة كانت واضحة بين العملَين؟- عندما أخرجتُ مسلسل «طريق»، لم أفكر في كل هذه التفاصيل، سواء لناحية انسحاب نادين نجيم من «الهيبة» أو ترْكها للثنائية مع تيم حسن، ومشاركتها لـ عابد فهد في «طريق». فأنا وافقتُ على إخراج «طريق» لأن الموضوع كان مشوقاً بالنسبة إلي، ولأن الشركة محترَمة وتَضْمن لأعمالها كلفة إنتاجية فنية عالية، عدا أنه يوجد انسجام كبير بيني وبين لمى الصباح في ثاني تعاون بيننا بعد مسلسل «سمرا». إلى ذلك، فإن موضوع المسلسل شكّل تحديا بالنسبة إليَّ، وكل ذلك قبل أن أفكّر بمنافسة «الهيبة» من عدمها، لأنّ كِلا العملَيْن من إنتاج الشركة نفسها، وهما مختلفان تماماً، ولا يمكن لأي شركة أن تُنْتِج عمليْن متشابهيْن.• وكيف يبدو لك الفارق بين العملين؟- «الهيبة» له جمهوره ويتمتّع بقاعدة شعبية عريضة جداً وشاركتْ فيه نجمة كبيرة جداً هي منى واصف والممثّل تيم حسن، وهو عمل «أكشن» تشويقي بوليسي يَعتمد على الإثارة والأحداث الكبيرة، بينما «طريق» عمل درامي اجتماعي يتوجّه إلى العائلة. كل عمل له جمهوره المختلف عن الآخر وكلاهما حقق نجاحاً كبيراً. نجاح «الهيبة» هو نجاح لنا كشركاء نتعامل مع نفس شركة الإنتاج، ونجاح «الهيبة» و«طريق» هو نجاح للشركة لأنها عندما تنجح يكبر اسمها ونحن نكبر معها وهي تكبر معنا. وكل ما فكرتُ فيه عند إخراج «طريق» هو تنفيذ عمل نظيف يحبه الناس، عمل يشبهنا، من بطولة نجمَين تجمع بينهما كيمياء عالية جداً. • هل ترَين أن هناك سيطرة للمُخْرِجين السوريين على الدراما العربية، خصوصاً بعد سيطرة واضحة للنجوم السوريين عليها؟- لا يمكن القول إن هناك سيطرة، بل شراكة للمُخْرِجين السوريين، وهناك الكثير من المُخْرِجين اللبنانيين المبدعين بينهم فيليب أسمر ونادين لبكي وغيرهما والكلام نفسه ينطبق على المُخْرِجين المصريين. ولا أحب أن يقال هذا مُخْرِج مصري أو سوري أو لبناني، بل مُخْرِج عربي، كما لا أحب تسمية عمل مشترك بل عمل جَماعي يضمّ لغة واحدة وأشخاصاً يجمع بينهم تاريخ واحد. هي شراكة صحيّة ومفيدة لكل الأطراف، شكّلت متنفساً للفنان السوري بسبب الحصار الذي عاناه والذي أدى إلى تَراجُع الإنتاج. وكما تميّز السوريون في بعض النواحي، فكذلك المصريون واللبنانيون، وتمكنت الأعمال الـ «بان عرب» من جمع المتميّزين من كل المجالات ومن مختلف الدول العربية، الذين قدّموا أعمالاً ناجحة أَحبّها الناس و«تُرفع لها القبعة».• في ظل الأزمة التي تعانيها سورية، هل ترين أن الفنان السوري بات يفضّل العمل خارج بلده لأنه ينال حقه اكثر؟- على الإطلاق. مسلسل «شوق» عمل سوري بحت من إنتaاج «إيمار الشام» وهي من أهمّ شركات الإنتاج على الساحة العربية، وتُرفَع لها القبعة لناحية اختياراتها والإنتاج الضخم الذي تقدمه. وبالرغم من مشاكل التسويق التي تتعرّض لها الأعمال السورية، واصلت «إيمار» التحدي، ولم تتراجع في مستوى الأعمال التي تقدّمها، وأَنْتجتْ عملَين يُعدّان من أضخم ما أُنتج في الساحة العربية، وهما حققا النجاح، وقُدِّم من خلالهما أهم نجوم الدراما السورية. ولكن من الناحية التسويقية، يكون الوضع أفضل بعيداً عن العمل السوري، ولكنه يبقى مدللاً ويتمتع بحضور قوي. الأعمال السورية التي عُرضت في شهر رمضان تستحقّ المنافسة، ولأنها لم تُعرض على شاشات عربية، فإن هذا لا يقلل من شأنها. الحمد لله أننا صمدنا بالرغم من أننا عشنا حرباً تدور رحاها منذ 7 سنوات، وفي المقابل لا يمكن أن ننكر أن هناك تدنياً في مستوى بعض الأعمال الفنية، كما هي الحال بالنسبة إلى أيّ دراما عربية أخرى. والأعمال الـ «بان أراب» شكّلت متنفساً لكل الكوادر الفنية السورية كي تظل حاضرة على الشاشات العربية في ظل الأزمة التي عشناها.• مَن أخطأ ومَن أصاب في الموسم الرمضاني 2018؟- بصراحة لم أشاهد أي عمل، لأن تصوير مسلسل «طريق» استمرّ حتى 15 رمضان، وبقيتُ في العمليات الفنية حتى 26 منه. وبعدها دخلتُ في حالة سُبات عميق في ضيعة زوجي في أعلى الجبل. وكل ما أريده حالياً هو الراحة بعد عناء العمل، وأن أستمتع بنجاحي بهدوء. ربما في الفترة المقبلة، وبعد مشاهدة بعض الأعمال عند إعادة عرضها، أستطيع أن أحدّد مَن أخطأ ومَن أصاب، مع أن رأيي الشخصي قد لا يكون صائباً، فأنا لستُ حكَماً وقاضياً للأعمال، «لأني أصغر من هيك».• هل صحيح أنه سيكون هناك جزء ثانٍ من مسلسل «طريق»؟- كلا.• من حيث المبدأ، هل أنت مع فكرة الأجزاء؟- لو تم منذ البداية التحديد بأن العمل سيكون مؤلَّفاً من عدة أجزاء، ويتناول مراحل تاريخية معيّنة، أو أن موضوعه يتحمل أن يكون فيه أكثر من جزء، فلمَ لا. أنا خضتُ تجربة الأجزاء وكنتُ معها من خلال مسلسل «الولادة من الخاصرة» الذي عُرض في ثلاثة أجزاء، لأنه كانت هناك أحداث وشخصيات وبيئات جديدة. لا يمكنني أن أقول أنا مع أو ضدّ فكرة الأجزاء بالمطلق، فليست كل الأعمال تتحمل أن تكون أكثر من جزء واحد، وهناك أعمال كثيرة لي نجحتْ ورفضتُ أن يُنتَج جزء ثانٍ منها، وفضّلتُ عليها تقديم عمل آخر مختلف، وهذا أفضل من استثمار نجاح العمل بشكل مجاني. • ما تحضيراتك للفترة المقبلة؟- أنا بصدد التحضير لعمل من إنتاج شركة الصبّاح، وهو مؤلف من 60 حلقة، ومن كتابة كلوديا مرشليان بالإضافة إلى مشروع آخر يتم تجهيزه لشهر رمضان 2019.