«عندما أغني، أغادر سطح الأرض وأجدني أُحلِّق فوق السحاب»!هذه ليست مجرد عبارة بليغة، نطقت بها مغنية الأوبرا الكويتية أماني الحجي، ولا هي عنوان شاعري وضعتْهُ لفكرة تنتمي إلى «اللامعقول»!بل هي وصف منطقي لتجربة حقيقية، ومشاعر تعتري رائدة الفن الأوبرالي في الكويت، عندما تنسحب من ثرثرة الواقع، لتعتلي منصة الغناء، مستسلمةً إلى عالم من صنعها الخاص لا يعلو فيه شيء على صوت الموسيقى وطرب الغناء! «الراي» حاورت أماني الحجي، لتتحدث عن الغناء حين ترتحل بها إلى العصور الكلاسيكية، وفخامة المسارح الأوبرالية العريقة، وروائح مقاعدها الممزوجة بعصير الإبداع! الحجي، كشفت خلال حوارها مع «الراي» عن آخر لقاء جمعها مع العملاق الراحل عبدالحسين عبدالرضا والفنانة القديرة حياة الفهد، قائلة: «عندما يأتي الثناء والإطراء من هرمين كبيرين من طراز بوعدنان وأم سوزان، حينئذٍ سيكون للغناء مذاق آخر». وإذ لفتت إلى أن فن الأوبرا بات يلقى آذاناً صاغية لدى الجمهور الكويتي خلال العامين الماضيين، تطرقت إلى أمسياتها الغنائية الأخيرة مع «أوركسترا بوخارست»، وكذلك في ملحمة «شروق الشمس»... والتفاصيل في هذه السطور:

• لم يكن الغناء الأوبرالي في السابق يلقى آذاناً صاغية لدى المستمع الكويتي، قبل أن تتبدل الحال في الوقت الراهن على نحو دراماتيكي، فهل نستطيع القول إن أماني الحجي كانت مصباح الطريق لهذا الفن العريق في وطن النهار؟- الحمد لله، فإن تعبي لم يذهب هباءً، بل أثمر نجاحاً منقطع النظير، وهو ما تجلى خلال العامين الماضيين، عبر ما قدمتُه من أمسيات عديدة لاقت في معظمها تفاعلاً وانسجاماً من جانب الجمهور الكويتي والغربي على السواء.• وكيف رأيتِ التفاعل مع فنك الذي يُعَد من الفنون الخاصة جداً؟- لقد بدت الجموع في أكثر من حفل أحييتُه كمن يشاهد فيلماً رومانسياً، أو كمن يستمع إلى قصة خيالية مشوقة، ولا يود أن يُفوِّت لحظة واحدة من دون الاستمتاع بفصولها. هذا الأمر أثلج صدري ومنحني دفعة معنوية كبيرة للمضي قدماً في الغناء الأوبرالي. ولا أغفُل أيضاً عن دور الإعلام الكويتي، المرئي والمسموع والمقروء، في تسليط الضوء على هذا النوع من الفن، الذي يعد من أصعب الفنون في كل أنحاء العالم، ونحن نطمح إلى المزيد من المقابلات الخاصة والتغطيات الصحافية للأمسيات التي تقام في مسرح الفنان عبدالحسين عبدالرضا أو في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، أوغيرهما من المراكز الثقافية في البلاد.• حدثينا عن مشاركتك في ملحمة «شروق الشمس» التي قُدِّمت في ختام فعاليات «الكويت عاصمة الشباب العربي» في مركز الشيخ جابر الثقافي؟- الحق أنني أشعر بالفخر والاعتزاز لمشاركتي في هذه الملحمة الوطنية، التي لامست العمق الحضاري والتاريخي لدولة الكويت، وكانت بحقٍّ منارةً ثقافية من طراز رفيع، حيث قدمت من خلالها «أوبرا عايدة»، ولاقت أصداء واسعة النطاق من قبل جمهور مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، وبهذه المناسبة أود أن أتقدم بالشكر للمخرج عبدالله عبدالرسول الذي تولى الإخراج والفكرة والسيناريو لـ «شروق الشمس»، كذلك الشكر موصول لكل الممثلين والمغنين والموسيقيين الذين أسهموا في نجاحها وقدموا أدوارهم في أبهى صورة.• وماذا عن مشاركتك في الغناء مع أوركسترا بوخارست الفيلهارموني؟- لا أخفيك أنني كنتُ أتمنى منذ سنوات طوال أن أتغنى بمعية أوركسترا عالمية، والحمد لله على أن أمنيتي تحققت وأصبحت واقعاً ملموساً فور غنائي مع «أوركسترا بوخارست»، إذ راودني شعور كبير منذ اللحظة الأولى لوقوفي على خشبة المسرح كي أغني، بأنني لست على سطح الأرض، وإنما أسير محلِّقةً فوق السحاب، واعتراني إحساس حقيقي كأنني كنت أنتمي إلى العصور الكلاسيكية وأشدو في المسارح العريقة التي شهدت وقوف كبار الموسيقيين والمطربين في الغناء الأوبرالي.• وما انطباع الموسيقيين في «أوركسترا بوخارست» بالمواهب الكويتية في الغناء الأوبرالي؟ - لا شك أن أعضاء الأوركسترا كانوا «مصدومين» جداً من تطور الأوبرا في الكويت، خصوصاً أن الغرب ينظرون إلينا نحن العرب كـ «دول عالم ثالث»، ويعتقدون أننا لا نزال بعيدين تماماً عن هذه الساحة الخاصة من الغناء، لكن نظرتهم تبدلت عقب الحفل، وباتوا يدركون أن هناك مواهب كويتية واعدة في هذا المجال، لاسيما بعدما أديت رائعة «أجل يسمونني ميمي» من أوبرا «لابوهيمي» للمغني العالمي جاكومو بوتشيني.• لديكِ خلطة سرية خاصة تعودتِ أن تتناوليها قبل الغناء، فما مكوناتها؟ - من مكوناتها حليب دافئ مع بيض وعسل وقليل من الفانيلا، أتناولها يومياً «على الريق»، على مدى أربعة أيام قبل الحفل، وهذه الخلطة تعمل على «فلترة» الصوت وصفائه، إلى جانب أنها تبث الطاقة في الجسم. وقد نصحتني بها الدكتورة عصمت الديبالي التي لها الفضل - من بعد الله - في تربية صوتي، وهي بمنزلة والدتي «أطال الله في عمرها».• هناك صورة تجمعك مع العملاق الراحل عبدالحسين عبدالرضا والفنانة حياة الفهد، خلال مشاركة الكويت في معرض «إكسبو ميلانو» العام 2015... فهل وجها إليك شيئاً خاصاً من النصائح؟ - عندما يأتي الثناء والإطراء من هرمين كبيرين بحجم وبقيمة الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا والفنانة القديرة حياة الفهد، حينئذٍ سيكون للغناء طعم آخر، حيث أشادا بي كثيراً إبان غنائي وقتذاك، ونصحاني بالاستمرار في الغناء وعدم التوقف من أجل رفعة اسم الكويت عالياً في المحافل الدولية.• هل تحدثينا عن تطلعاتك ومشاريعك المقبلة؟ - ليست لديّ مشاريع فنية في الوقت الحالي، خصوصاً أننا في موسم الصيف والسفر، لكننّي أتطلع إلى الغناء في أوبرا دبي، إلى جانب الغناء بمعية الفرقة السيمفونية السلطانية في عُمان، وأدعو الله أن تتحقق هذه الأمنيات في القريب العاجل.