«الدورة الثانية من مهرجان الكويت السينمائي ستنطلق قريباً». هكذا بشَّرت رئيسة ومؤسسة «الفرقة السينمائية الأولى» ومبادرة «النوير التطوعية»، الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، جمهور ومحبي الفن السابع، معربةً عن أن «المهرجان يهدف إلى تحفيز صناعة السينما في الكويت، ويعمل على تشجيع المواهب الشابة على المضي قُدماً لشق طريق النجاح في هذا المجال».انتصار الصباح، شدَّدت في هذا الحوار مع «الراي» على «أن الفرقة السينمائية الأولى تعمل بدأب لزيادة الإنتاج السينمائي خلال الفترة المقبلة، وذلك لخفض التكلفة المالية ولرفع جودة الأفلام المحلية، بعدما أصبحت حاضنة لكل المبدعين ممن كانوا يتوجهون صوب الدراما التلفزيونية في وقت مضى، ويخشون الولوج في السينما»، مزيحةً اللثام عن مشاريع عدة ستبصر النور في الأيام الآتية، ومعبرةً عن اعتزازها بالأفلام الثلاثة التي أنتجتها الفرقة السينمائية الأولى في الفترة القصيرة الماضية، وهي «حبيب الأرض» و«العتر» و«سرب الحمام». انتصار الصباح تطرقت إلى نقاط وقضايا عدة تَرِدُ تفاصيلها في هذه السطور:? فلنعد إلى البداية، كيف نبتت وترعرعت فكرة تأسيس «الفرقة السينمائية الأولى»؟- بدأت الفكرة، منذ شروعنا في تصوير الفيلم الوطني «حبيب الأرض»، الذي تناول سيرة الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل، بعد أن دارت نقاشات عدة بيني وبين صنّاع العمل، حول إمكانية تأسيس «الفرقة السينمائية الأولى» لوضع الكويت على المسار الصحيح في خارطة الفن السابع، لاسيما أن لدينا الأرضَ الخصبة لبناء سينما قوية، كما تتوافر لدينا كل الإمكانات والمقومات من فنانين وفنيين وكُتّاب ومخرجين لصناعة أفلام مهمة. فقد كانت اللبنة الأولى لتأسيس الفرقة السينمائية مستلهمة من تجربة المسرحي الكبير الراحل زكي طليمات، الذي أشرف على تأسيس فرقة المسرح العربي في الكويت خلال مطلع الستينات من القرن الماضي، بعد أن جمع كل النجوم الكويتيين في فرقة واحدة، لتنطلق من بعدها الحركة المسرحية المحلية، ولتصبح لدينا 4 فرق أهلية قبل ظهور المسارح الخاصة. نحن سلكنا الطريق ذاتها لكن في مجال السينما، حيث نعمل حالياً على تدريب مجموعة من أصحاب المواهب، لكي يكون في مقدورهم إنتاج أعمالهم الخاصة بأنفسهم، وحينئذٍ ستندفع عجلة الإنتاج السينمائي في الكويت وبقوة.? قدَّمت الفرقة منذ نشأتها 3 أعمال سينمائية بواقع فيلم واحد كل عام، فلماذا لا تكون هناك زيادة في الإنتاج السينمائي بحيث نرى عملين أو 3 أعمال في السنة؟- نحن نبحث حالياً في إمكانية زيادة الإنتاج السينمائي، وإن شاء الله سنعمل على ترجمة هذا الأمر، وتحويله إلى واقع ملموس، خصوصاً أننا في شركة دار اللؤلؤة - الجهة المنتجة للأفلام الكويتية - بصدد شراء جميع المعدات اللازمة التي نحتاج إليها لصناعة الأفلام، عوضاً عن تأجيرها بمبالغ باهظة الثمن، وبذلك ستنخفض تكلفة الإنتاج وترتفع جودة الأعمال في وقت معاً، بل ستشهد الساحة الكويتية زيادة في الإنتاج السينمائي على نحو غير مسبوق، لأن الفرقة أصبحت حاضنة لكل المبدعين ممن كانوا يتوجهون صوب الدراما التلفزيونية في وقت مضى، إذ كانوا يخشون الولوج في الأعمال السينمائية، لاعتقادهم أنها ستكون مغامرة عالية التكلفة، وبالتالي هي غير مربحة، لكننا نستطيع القول إننا تمكنا اليوم من تغيير طريقة التفكير لدى الممثلين والفنيين حول السينما الكويتية، الذين باتوا يرونها من منظور مختلف كلياً.? في رأيك، هل سنرى نجوماً كباراً في السينما الكويتية على مدى السنوات الخمس المقبلة، خصوصاً أن لديكم «مصنعاً للمواهب» في ملتقى الفن السابع؟- إن شاء الله، وهذا ما نعمل بدأب لتحقيقه في الآتي من السنوات، فأنا ومن خلال زياراتي للورش الفنية في الفرقة السينمائية الأولى، وجدتُ شغفاً كبيراً من جانب المتدربين الجدد، بتعلم أبجديات العمل السينمائي، فالبعض منهم يعملون في مهن أخرى بعيدة عن الفن، لكن ما قادهم إلى هذه الورش هو حبهم للعمل في السينما، وللتعرف على تفاصيل الفيلم السينمائي بدقة بالغة عبر حضور جميع الورش بمختلف تخصصاتها، سواء ورشة كتابة السيناريو أو التمثيل أو الإخراج، وغيرها من التخصصات في السينما، التي تُغاير تماماً نظيراتها في الدراما التلفزيونية والمسرحية.? لا يخفى أن الأعمال التي قدمتموها كانت ثرية في مضامينها ورسائلها، ولامست وجدان شريحة واسعة من المجتمع الكويتي، وتجلى ذلك من خلال أفلام «حبيب الأرض» و«العتر» و«سرب الحمام»... لكن السؤال الآن: ماذا بعد؟- لدينا الكثير من المشاريع التي ستبصر النور تباعاً، لكن كل شيء في وقته حلو، كما يقولون.? ما بين الأفلام الثلاثة التي قدمتها الفرقة السينمائية الأولى، ما أكثر عمل تفخرين به على المستوى الشخصي؟- كل الأعمال التي قُدمت هي مثل أولادي. أحببتُ الفيلم الأول لأنه الكبير، والفيلم الثاني لأنه الغالي، والفيلم الأخير لأنه الصغير، فلكل واحد منهم محبته ومكانته المميزة، ورونقه الخاص بالنسبة إليَّ.? هناك كوكبة من الشخصيات البارزة أثْرت الحياة السياسية والفنية والشعرية في الكويت، من بينهم الفنان عبدالحسين عبدالرضا والشاعر فهد العسكر والمفكر أحمد الربعي وغيرهم الكثير، فهل تعتزم الفرقة السينمائية الأولى تخليد هذه الأسماء سينمائياً في أعمالها المقبلة؟- لاشك أن هذه الأسماء وغيرها التي خلّدها تاريخ الكويت، تحظى باهتمام بالغ الأهمية لدى الفرقة السينمائية الأولى، لكن مشكلة هذه النوعية من الأعمال التي تنتمي إلى فئة «السيرة الذاتية» أنها تخضع لأمور شديدة التعقيد، فلا بد أولاً من موافقة الورثة جميعاً من دون استثناء، قبل إنتاج فيلم يتعلّق بشخصية فنية أو ثقافية أو سياسية، فنحن لا يمكننا صنع فيلم عن سيرة ذاتية لشخصية عامة في معزل عن موافقة ورثته على المشروع، وقد واجهتنا هذه المشكلة بالفعل في فيلم «حبيب الأرض»، إذ بعد معاناة طويلة قضاها فريق العمل أشهراً عدة في بلاتوهات التصوير، وجدنا معارضة في الأوقات الأخيرة من قبل ورثة الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل، لكننا تداركنا الأمر في نهاية المطاف، وتحققت الموافقة والحمد لله. وللعلم فإن أفلام السير الذاتية في جميع أنحاء العالم لا تخلو من بعض «البهارات» من باب الجمع بين المتعة والتشويق في وقت معاً، فكلا العنصرين مطلوب، ومن ثم ليس بالضرورة أن يكون التوثيق للسيرة الذاتية بنسبة 100 في المئة، فلا ضير من أن يكون هناك 20 في المئة تشويق و80 في المئة توثيق، لمواكبة السياق الدرامي ولكي تتحقق الرسالة والمتعة في وقت واحد.? هل لديكم الإمكانية لتأسيس مهرجان سينمائي كبير في الكويت، كمهرجان دبي السينمائي أو مهرجان الدوحة للأفلام وغيرهما؟- لدينا مهرجان الكويت السينمائي، وأنا عضوة فيه، ومن المقرر أن تنطلق دورته الثانية قريباً، تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون، ومهرجان «الكويت السينمائي» لا يشبه غيره من المهرجانات التي تُعنى بالفن السابع، حيث ستتبنى هذه الدورة تحفيز صناعة السينما في الكويت، وتشجيع المواهب الشابة على المضي قدماً كي تشق طريق النجاح في هذا المجال.? بعيداً عن الفن السابع، متى شرعتِ في السير على طريق الأعمال الإنسانية؟- العمل الإنساني هو فطرة مغروسة في نفسي منذ الصغر، والحمد لله، فبعد تحرير الكويت من براثن الاحتلال البغيض بدأتُ في ممارسة هذه النوعية من الأنشطة، التي من شأنها أن تُوقد جذوة الأمل في الوجدان، وترسم الابتسامة على شفاه الكثيرين. ففي إحدى المحاضرات العلمية التي أقيمت في مستشفى الصباح ودعيتُ إليها بصحبة اثنتين من صديقاتي، كان هناك بروفيسور أميركي يحاضر عن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لدى الأطفال والمعروف علمياً بـ «ADD»، ولأن الموضوع يحمل في ثناياه عمقاً إنسانياً كبيراً قررتُ الانخراط أكثر في هذا العمل التطوعي، فعملتُ وتدرجت وأصبحت عضو في الهيئة التنفيذية للجمعية الكويتية لرعاية الأطفال في المستشفى (KACCH)، وعضو في الهيئة التنفيذية لبيت عبدالله لرعاية الأطفال (BACCH). وعضو في الذراع الكويتية لمنظمة هيومن رايتس ووتش (HRW). أنا حالياً بصدد الانتهاء من تأسيس منظمة «انتصارس الخيرية العالمية» Foundation Intisars لدعم النساء الناجيات من الحروب نفسياً، لاجتياز تلك الفترة العصيبة التي مررن بها، وإعادة النظر إليهن بالحياة من زاوية جديدة وبرؤية مستقبلية مشرقة.? أطلقت مبادرة «النوير» التي ترأستِها حملة بعنوان «مليون ابتسامة كويت»، فما مضمونها؟- الحملة تهدف إلى تدريب العقل على رؤية كل ما هو إيجابي من خلال أدوات بسيطة وسهلة تمرن العقل على هذا الأمر، وهناك نظرية في علم النفس الإيجابي مُفادها أن كل شيء يتصنعه العقل الواعي، فإن العقل الباطن يصدقه. مثلاً إذا أردت أن تكون سعيداً فلا بد أن تتصنع الابتسامة، وإذا أردت أن تبدو شجاعاً فعليك أن تتظاهر بالقوة وبرباطة الجأش والثقة بالنفس. كما أن هناك أبحاثاً علمية تؤكد أن النظر إلى الوجوه المبتسمة والتأمل فيها لمدة 20 دقيقة يمكنه أن يغير حياة الناس ويحوِّلها من الحزن إلى السعادة في غضون 7 أسابيع.? متى أُسست مبادرة «النوير»؟- في العام 2013 انطلقت المبادرة، حيث تم افتتاحها بالتزامن مع اليوم العالمي الأول للسعادة، علماً بأن الكويت هي أول دولة عربية احتفت بهذا الحدث الكبير، وهذا مصدر فخر واعتزاز بالنسبة إلينا كمواطنين كويتيين.? هل لديكم خطط مبتكرة جديدة تتهيؤون لبلورتها، خلال السنوات المقبلة؟- بكل تأكيد، فإن شمعة الأفكار لا تنطفئ في مبادرة «النوير»، حيث نعمل بدأب على ابتكار خطط ومشاريع جديدة ستبصر النور تباعاً، وقبل طرح أي فكرة جديدة لا بد أن تخضع أولاً للتجربة، فإذا نجحت نبادر بترجمتها إلى الواقع، على غرار ما تحقق في حملة «بريق» التي لاقت نجاحاً كبيراً خلال تطبيقها هذا العام في 24 مدرسة، وهو ما دفعنا إلى توسعتها، كي تشمل 36 مدرسة ثانوية من البنين والبنات في الفصل الدراسي المقبل، بعدما لاقت التجربة استحسان ومباركة الجميع لاسيما من جانب وزارة التربية. كما أطلقنا قبل فترة وجيزة تجربة بعنوان «الشباك الأصفر» وهي تُعنى بقطاع الخدمات الحكومية، حيث وجدنا أن العاملين في هذا القطاع يكابدون ضغوطاً شديدة في العمل، لذلك فإن هذه التجربة تُسهم في حث العاملين على الإيجابية للعمل بشكل أفضل، والحمد لله فإن التجربة حظيت بنجاح منقطع النظير، وتجلى ذلك من خلال ما قدمناه من تجارب في صيدلية مستشفى العدان مع 15 صيدلانياً، ونعكف حالياً على تعميم التجارب على بقية المستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى كل الجهات التي يوجد في أروقتها قطاع للخدمات.? وماذا عن تجربة «بومارانج» التي أطلقت أخيراً في عدد من المدارس؟- «بومارانج» هو برنامج توعوي ضد التنمُّر، حيث ابتكرنا طريقة جديدة للتصدي لتلك الظاهرة، لحث الطلاب على الإيجابية، ولتشجيعهم على اللطف والعطاء، بأدوات سهلة وغير معقدة بالنسبة إلى الطلاب الصغار، وذلك من خلال إشراكهم في بعض العروض المسرحية، ثم بعد نهاية كل عرض نُجري استفتاء لهؤلاء الطلاب، كي نتلمس انطباعهم حول التنمر وأخطاره. خلال العام الدراسي المقبل سوف نطبق التجربة في 14 مدرسة خاصة، وسوف نعمل على إدراج الطلاب من المدارس الحكومية في هذا البرنامج قريباً.
فنون - سينما
حوار / «نعمل في دار اللؤلؤة على زيادة الإنتاج لتقديم أفلام أكثر تميزاً»
انتصار الصباح لـ «الراي»: مهرجان الكويت السينمائي - 2... ينطلق قريباً
انتصار الصباح (تصوير سعد هنداوي)
12:46 م