| نواف السعد |
/>
/>الإبداع شيء عظيم جدا خصوصا عندما يكون في أمور الثقافة والأدب، وأعظم الإبداع ان تجعل من قصة حياتك أو من مأساة حصلت لك لوحة فنية تبهر الناظرين، ولهذا بعض المبدعين تراهم يحولون بعض جراحهم ومآسيهم إلى روايات ومسرحيات ولوحات فنية جميلة جدا، يبوحون فيها عن مشاعرهم وجراحهم لا ترى الكثير من الناس... بل من المثقفين يعلمون ان هذه التحفة الفنية كتبت أو رسمت بدماء الجرح أو بصرخات الآهات.
/>في عودة ملتقى الثلاثاء الثقافي... كان هناك موعد مع احد المبدعين الكويتيين، الذي أتحف الجمهور من المثقفين الكويتيين والصحافيين المميزين وغيرهم، الذين حضروا هذه الندوة في أطروحاته وآرائه الجميلة، وهو المخرج المبدع ناصر الكرماني، الذي قام بتأليف وإخراج تحفته الفنية مسرحية «غسيل ممنوع من النشر»، التي لاقت كل إحسان وتقدير من المثقفين وفي الكويت وخارجها، ومازالت تطلب من البلدان الأخرى من اجل مشاهدة هذه التحفة الفنية.
/>ان مسرحية «غسيل ممنوع من النشر»، ما هي إلا آهات ومآس أراد الكاتب والمخرج ناصر الكرماني ان ينشرها، مع العلم ان مثل هذا الغسيل ممنوع من النشر، وفي هذا اللقاء كانت هناك كثير من الأسئلة من جمهور المثقفين، الذين جعلوا الغسيل الممنوع من النشر ان ينشر عليهم في الندوة، وان يطلعوا عليه وان يروا ان هذه التحفة الفنية لم تكن إلا بعض جراح ومآسي هذا الفنان المبدع ناصر الكرماني، ان أسئلة الحضور من المثقفين والصحافيين هي التي هيجت ما في مكامنه، واستخرجت ما في ماضيه من مآس وأحزان، وكانت هذه الأسئلة من جمهور الصحافيين والمثقفين ذكاء وفطنة.
/>ان الغسيل- الذي هو ممنوع من النشر والذي أراد ان ينشره الفنان والمخرج المبدع- هو حاصل ما نعيشه في كل يوم وفي كل بقاع الأرض، ان الغسيل الذي أراد المبدع الكرماني ان ينشره هو غسيل الذكريات والأيام، وغسيل الطبقية الموجود فينا، غسيل المعزب الذي يخطف حتى المحبوبة من يد الفقير ويغتصبها، بل يغتصب كل من سكن أرضه أو عمل في ارض المعزب، ان الغسيل الذي أراد المبدع ان ينشره هو الأسرة والأبوية الظالمة والزوجة المظلومة وغسيل الطبقة البورجوازية وما فيها من فضائح ومشاكل، تلك التي تتحملها الطبقة البروليتارية دوما وأبدا، وهناك غسيل مهم جدا هو ان الطبقة العليا وأجيالها هي التي تستأثر بكل شيء، والطبقة العاملة تظل عامله هي وكل أجيالها من بعدها وهذا ممنوع ممنوع من النشر.
/>واكتمل نشر الغسيل حينما جعل المبدع الكرماني في تحفته الفنية الاسم هو فلان وهو يرمز إليه هو أولا، وكل من يشاهد هذه المسرحية انا وأنت ومن كل الطبقات، وبما ان الأنثى مهمشة في مجتمعاتنا- همشها دون تقصير من شأنها- لكن هذه هي صورة المجتمع، ان مسرحية غسيل ممنوع من النشر التي قيل انه اشتغل في تأليفها سنتين تحفة فنية تحتاج من المثقفين الاهتمام بها.
/>ان كنا تكلمنا عن هذه التحفة الفنية من الناحية الإخراجية والتأليف، فيلزم منا ان نمدح بكل فخر شباب مسرح الخليج العربي الذين اخرج هذا العمل بهم، وهم الممثلون الذي زادوا هذه التحفة جمالا وطلاوة مع العلم ان بعضهم خرج من ورشة وليس خريج المعهد العالي للفنون مثل بعضهم، ولكن في الندوة لقد أشاد الكثير بطاقات الشباب الذين بهم أخرجت هذه التحفة بل البعض يتغرب الا يكون له دور فعال في الحركة المسرحية والفنية في الكويت، بعد هذه التجربة الجميلة لهم، وهذا ما تعود عليه الجمهور من مسرح الخليج العربي ان يخرج منه طاقات وتحف فنية عظيمة وما صقر رشود رحمة الله عليه عنا ببعيد.
/>وفي النهاية، أراد ناصر الكرماني ان ينشر غسيلا ممنوعا من النشر، دون ان يكون هناك رقابة أو مقص يقطع هذا الغسيل من النشر ونجح المبدع في نشر غسيله، هو وغسيل فلان وكلنا فلان في مجتمع ذي الطبقات والمسميات، التي ما انزل الله بها من سلطان.
/>وفي النهاية، عندما قام المبدع بنشر غسيله الممنوع حاز إعجاب الكل، ولهذا فاز بجائزة الدولة التشجيعية في تحفته الفنية وغيرها من الأمور، وكان يستحقها المبدع لأنه حول بعض مآسيه وأيامه المحزنة إلى تحفة فنية تسر الناظرين.
/>الإبداع... بحر سواحل كثيرة ومن أعظمها ان تستخرج مكامنه وترسم لوحة فنية وتعمل تحفة عظيمة، وهذا ما فعله المبدع ناصر الكرماني، في ان جعل تحفته تزين سواحل الفن المسرحي.
/>