سبني الغريب فقلت لصاحبي العزيز: «جرح الخنجر يطيب وجرح اللسان ما يطيب». فقال: إنه غريب «واللي ما يعرفك ما يثمنك». فقلت له: «الغريب ذيب وعضته ما تطيب». فقال: عليك أن تتجاهل كثيرا في حياتك ولا تدقق في كل شيء... عش حياتك واترك العناد وإياك أن تكون «أذن من طين وأذن من عجين».عشت حياتي فسبني القريب، فقلت لصاحبي: وماذا عن القريب؟ فقال: لا تستغرب، فقد قالوا قديما «الأقارب عقارب»، ولكن احذر، فـ«أصابع اليد مو سوى»، فلا تجعل أقاربك طبقة واحدة! وكما قالوا «الناس أجناس»، وعش حياتك ولا تكن حساسا!مشيت بعدها متأملا كلام صاحبي، ولكن سرعان ما سبني الحبيب... فقلت لصاحبي: وماذا عن الحبيب؟ قال لي: «من سبك حبك، وضرب الحبيب مثل أكل الزبيب». تجاهلت هذا الموقف، ولكن كثرت الطعونات وبتكرار من الأحبة، فرجعت إلى صاحبي ولكنه لم يدعني أكمل كلامي هذه المرة، وقال غاضبا: هل العيب من كل هؤلاء الناس؟ وأنت دائما الشخص المظلوم؟ قلت له: صدقت، العيب مني! وكنت قاصدا بذلك أن «العيب إن خرج من أهل العيب فليس بعيب». رأى حكيم هذه المواقف التي حصلت لي كلها، موقفا بعد موقف، فقال لي ناصحا: «متزعلش على ناس ما تسواش، أنت اللي أديتهم سعر لما كانوا ببلاش». فقلت له: زدني بارك الله فيك.. قال: «من رادك ريدو، ومن طلب الجفا زيدو». وإن رفعت الناس فوق قدرهم، فلا بد أن يأتي اليوم ويضعونك دون قدرك. فالناس لا تقدر من يقف بجانبهم لأنهم مضمونون -في نظرهم- وربما يرون أن معروفه إليهم كالواجب عليه! وفي المقابل يحبون من يتجاهلهم أو يحتقرهم، فـ «القطو ما يحب إلا خناقه».هنا علمت أن العيب ليس من الناس، وإنما العيب على من أعطى فرصة للناس ليوجهوا سهامهم إليه. وقد أدركت في الختام أن كثرة التواضع تجلب المذلة، لا سيما مع غير الكفؤ، وأدركت أيضا أن «من سوا نفسه سبوس لعبت فيه الدياي»! سوا: جعل. والسبوس: قشر الأرز.