كان حسقيل ساسون ـ يهودي، أول وزير مالية للعراق عام 1921. وذات مرة أقام الملك فيصل الأول مأدبة طعام فسحب من خزينة الدولة 20 دينارا? فقام حسقيل بخصم دينارين كل شهر، ولما سأله الملك لماذا؟ قال: إنها حفلة خاصة وهذه أموال العراقيين... وأصبح من بعدها المثل القائل «لا تحسقلها» دلالة على عدم التساهل بالأموال، وهي تقال وفق ثقافتنا العربية لأي مسؤول متشدد كي «يتساهل قليلا»...!هذا المثل قيل نسبة لوزير المالية العراقي اليهودي (كفاءة ـ حقق العدل والمساواة) في عهد كان العراق يعيش عهد رخاء وازدهار، ولم يكن هناك مهاجرون ولا لاجئون... فمتى ما وجد العدل في توزيع الثروة? يتحقق الرخاء المعيشي وتزدهر البلاد. ولم يكن العراق وحده بل كانت مصر في عهد الملك فاروق في وضع تقرض فيه الدول، حتى إن الحياة المعيشية فيها كانت غالية لا يستطيع بعض الأوروبيين تحمل تكلفة السفر إليها... ولو سألت المصريين الآن عن «القطن المصري» والتعليم والإسكان على سبيل المثال، وعن مستوى النظافة أيام الملكية، لوجدت من الإجابات ما يشيب منه الرأس... أترك الإجابة للسادة والسيدات من القراء الكرام، ومن يفهم إجراءات الحوكمة وقول «لا يقدم من قوم إلا أخيارها»، ومن يفهم لغة الأرقام «الاقتصاد»!في الكويت? لم تعد المسألة كوضع نرغب في قياسه لقول «لا تحسقلها»، لأن الوضع «فارط» تجاوزنا فيه الفساد إلى مرحلة الإفساد، وهو مؤشر خطير جدا جدا جدا.لم يتبق لدينا سوى قول «لا تخربها» أو «لا تدمرها» بعد أن تربع على مجريات الأمور، الرويبضة وضعفاء الأنفس وسراق المال العام لدينا هم من طراز خاص يتفننون في «حبكة» السرقة وانتهاك حقوق العباد و«جيوبهم» والشواهد كثيرة، فلا يوجد لدينا اختيار للأخيار ولا عدالة وتكافؤ فرص ولا حماية للنسيج الاجتماعي!كل صور الفساد وسوء الإدارة، معلومة وبوجود وسائل التواصل الاجتماعي يستطيع العاقل متابعة نماذج الإفساد المعنوي والمادي، وكمتابعين نكتب وكثير ما نواجه بسؤال واحد: هي خربانة... وجايز لهم... فما الفائدة من طرحكم؟نعلم علم اليقين إن السواد الأعظم لا يعجبه الوضع، وكثير من العقلاء وأصحاب الأيادي الناصعة البياض مستائين من الوضع، لكن كما قيل «ما باليد حيلة»، والتعبير عن الاستياء هو أقل ما نستطيع اتباعه كوسيلة... ومع ارتفاع عدد المنادين بالإصلاح وخروجهم عن صمتهم قد يأتي اليوم الذي يتحقق فيه الإصلاح !الزبدة:إننا مع تطبيق القانون? تفعيل المواد الدستورية المنادية بوجوب العدالة? المساواة? تكافؤ الفرص? والحرية المسؤولة... والدفع باختيار رجال دولة للمناصب القيادية، وتبقى الحقيقة المرة وهي إن ما يحصل إنما هو من صناعة أيدينا: كيف؟من يختار النواب: نحن؟من يلاحظ الفساد: نحن؟من يعيش حالة عدم الرضا من الخدمات الصحية? التعليمية? الطرق? وبطء تنفيذ المشاريع وطريقة الإلتفاف على القوانين لخدمة مجموعة معينة باتت تسيطر على كل شيء... أعني كل شيء!لذلك، أرى إننا لو أصلحنا ذوات أنفسنا وحشدنا المجاميع، بما فيها مؤسسات المجتمع المدني للتصويت لاختيار الأفضل لأصبح بالإمكان كتابة شهادة ميلاد جديدة لمجلس الأمة، ليصبح التشريع والرقابة معمول بهما، حسب ما نصه عليه المشرع الكويتي ومن ثم ستتغير طريقة إدارة مؤسسات الدولة واستثماراتها.نعلم أن انفراد الأقلية بكثير من القرارات والمناقصات والدراسات التي تخدم مصالحهم مع عدم وجود مراكز بحثية: علمية? إدارية? اجتماعية? اقتصادية، في ظل صمت العقلاء الحكماء قد أوقع الضرر بالأغلبية.إنكم كـ «غثاء السيل»... عارف كيف؟وعليه، نتمنى أن يتحقق الإصلاح قبل وقوع الدمار إن كان حسب المشاهدات قد ظهرت بوادره... فلا محاصصة? لا تنفيع? لا تبادل مصالح? لا فزعة قبلية أو فئوية سيفيد العباد والبلاد، واستغلال هذه الأدوات الهدامة لن يصلح الأوضاع.... «لا تحسقلها»: متى تتحقق؟بالنسبة لنا «راحت علينا» بس خافوا على مستقبل الوطن ومؤسساته وجيل الغد... الله المستعان.terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi
مقالات
وجع الحروف
... لا تحسقلها!
06:29 ص