هل قناعة بعض القيادات النفطية بالعمل المؤسسي حقيقية؟ هل تؤمن هذه القيادات بأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية؟ الإجابة طبعاً «لا». وبعيداً من صدمة الاستنتاج، فإن أروقة القطاع النفطي تعج بكلام غادر الغرف المغلقة إلى العلن وأصبح اختلاف الآراء يحدد توجهات وأهداف بعض القيادات بعيداً من العمل الجماعي المؤسسي.مصادر نفطية توقعت لـ«الراي» عودة السجال بين السلطتين واستمرار الأزمات التي يعيشها القطاع النفطي «لأنها فعلاً تبدأ من الداخل وليس من الخارج، إذ لا توجد ثقافة لدى البعض بالعمل المؤسسي إلا بالكلام وليس بالفعل... وهذا يندرج على كل المستويات». ورأت المصادر أن الأمور وصلت إلى حد «أن بحث أي ملف أو مناقشة تفاصيل معينة يمكن أن يؤدياً إلى أزمة أو على الأقل يخلق نواة لأزمة يمكن أن تنفجر في أي لحظة. خصوصاً الملفات الخلافية التي طرحت في مجالس الإدارات المختلفة، فالمشكلة هنا ليست في القرار ولكن في تقبل القرار وتحديداً من قبل من اعتبره خارج توجهاته وبالتالي تبدأ هنا كرة الثلج في الازدياد».وعلى الجانب الآخر، هناك قيادات حتى في المراكز الوسطى تتولد لديهم مع الوقت قناعات بأن دورهم قد تم تهميشه أو أن آراءهم تم تجاهلها رغم أن العمل المؤسسي يختلف عن ذلك. وتعتبر المصادر أن المشكلة هنا تصبح شخصية «وبالتالي يبدأ هؤلاء عمليات تكوين جبهات داخلية وخارجية لإثبات أن وجهات نظرهم هي الصائبة واعتقاداً منهم أن هذه الطريقة قد تعيدهم إلى الواجهة أو تعيد إلى مواقفهم مشروعية وحضوراً».وتؤكد المصادر ان المشكلة الحقيقية في القطاع النفطي «سابقاً، وحالياً، ومستقبلاً... داخلية، وتظهر مع نهاية كل مرحلة تنفيذية حيث تبرز النزعات الشخصانية الصدامية، ولو بوسائل تنفيذية ناعمة، التي تسمح بزرع الفرقة بين الفريق وبدء التسريبات إلى الخارج ليبقى القطاع النفطي في حلقة مفرغة تحت ضغط التدخلات الخارجية المعتمدة على التكتلات الداخلية».ورأت المصادر ان الحل يكمن في «قناعات القيادات الحقيقية بالعمل المؤسسي لأن القطاع النفطي تحديداً يجب أن تكون له خصوصية وفرادة وأن ينأى بنفسه تماماً عن الصراعات الداخلية، إضافة إلى ضرورة تأهيل كوادر تؤمن بأن العمل في أهم قطاعات الدولة هو عمل جماعي سواء توافقت القرارات مع آرائهم أو لا، والفيصل فيه قرار الغالبية داخل مجالس الإدارات».وأضافت: «أما تكوين التكتلات والتحالفات داخلياً ومد جسورها خارجياً فهي تعيد القطاع النفطي إلى مربع الأزمات مع اقتراب كل دورة تنفيذية أو كل فترة زمنية معينة، إذ تتداخل هنا الصراعات على المناصب والتطلعات الوظيفية مع تنفيذ الاستراتيجيات العامة وهو أمر يجب الفصل فيه لأنه مضر للقطاع وللقيادات على حد سواء... ولا تفرح لأزمة يتعرض لها مسؤولك اليوم فغداً قد يأتي دورك».وأشارت المصادر إلى أهمية «مراعاة الثقافة العملية المؤسسية لدى الكوادر الوطنية لبناء قناعات حقيقية بأن الاختلاف لا يعني التهميش ولا الاستغناء عن الدعم والاراء حتى لو لم يؤخذ بها لأنها في النهاية تُغني النقاش وتمثل ركناً أساسياً من الفكر الجماعي وزاوية مهمة لإبراز جوانب مطروحة من الجهات كلها».وتؤكد المصادر أن الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية رغم التحديات التي واجهها القطاع «كانت بسبب التماسك الذي أظهرته القيادات النفطية وصلابتها وقناعاتها بالعمل المؤسسي والأهداف الاستراتيجية، بيد أن هذا الترابط بدأ يتعرض لاهتزازات حيث أظهرت الأزمات المتتالية سواء الداخلية أو الخارجية وجود احتقان داخل القطاع وخروجاً لاختلاف الآراء من دائرة البيت الواحد»، متسائلة:«هل تطغى الأهواء البشرية والتطلعات إلى السلطة النفطية على الإنجازات؟»، هذا ما ستظهره الشهور المقبلة.