في أحد أفلام أسطورة الفن العربي عادم إمام... كان يمثل دور السارق، وكان قبل أن يخرج من بيته ليلاً متجهاً إلى الجهة التي ينوي سرقتها، كان يذكر الله كثيراً، وعند دخوله إلى المنزل الذي ينوي سرقته، وعندما يكون وجهاً لوجه مع الخزانة التي ينوي سرقتها، وقبل أن يمد يده لها يقول بسم الله الرحمن الرحيم، ويذكر الله. وفي الفيلم نفسه، كان ضابط الشرطة قبل أن يخرج من المخفر متجهاً للقبض على السارق يذكر الله، وعندما تحين اللحظة الحاسمة قبل أن يلقي القبض على السارق، يقول بسم الله الرحمن الرحيم.لا أدري لماذا تذكرت هذا الفيلم عندما استمعت إلى الاستجوابات الأخيرة، فالمستجوب بدأ كلامه بذكر الله، وذكر آيات من القرآن الكريم، وكذلك من وقف للرد لتفنيد محاور الاستجواب بدأ رده بذكر الله وذكر آيات من القرآن الكريم ظناً منه أنها تؤيد موقفه!لكن ليس هذا موضوعنا. الموضوع المهم هو أن هذه الاستجوابات كشفت الخلل بالمؤسسة التشريعية والرقابية، وأثبتت هذه الاستجوابات أن المؤسسة في طريقها للتصادم مع بعضها البعض، وهذا التصادم ليس مستبعداً أن يصل إلى الشارع، وشرارة الطرح القبلي والعائلي والطائفي والفئوي إن وصلت إلى الشارع، فإنها قد تشعل الأخضر واليابس، وكل ما علينا سوى النظر إلى الدول التي أحرقها هكذا طرح لنتعظ. وهل يعقل هذا التعامل بسطحية مفرطة مع الاستجوابات... سطحية هدفها تفريغ الاستجوابات... فهذا الاستجواب تحول إلى صراع قبلي، ما أضاع فرصة حقيقية على البلد من أجل تصحيح العديد من الأوضاع وصيانة المال العام، وكان الدفاع عن الوزير ليس الهدف منه الدفاع عنه، فالوزير ليس بحاجة لهكذا دفاع، إنما الهدف هو إثبات وجود داخل القبيلة. والاستجواب الثاني تم جره بشكل متعمد للصراع الطائفي، علماً بأن الوزيرة ليست بحاجة لهكذا طرح، لأن موقفها واضح وإخلاصها في العمل لا غبار عليه.المضحك أن نواباً كنا نعتقد أنهم اذكى من الوقوع بهذا المطب، نراهم قد سقطوا في اختبار الطائفية، أما اختبار التعصب العائلي والقبلي فسقوطنا كان مدوياً.إذاً كيف نستطيع أن نستثمر هكذا وضع من أجل النهوض بالمؤسسة التشريعية؟سعادة رئيس المجلس... إن الوقت الآن يعتبر من أفضل الأوقات لتعمل أنت مع المخلصين من النواب الشباب لسن القوانين والتشريعات التي تحارب هكذا طرح وتقضي عليه قبل أن يستفحل. إن المطلوب قوانين تحد من هكذا طرح تحت قبة البرلمان، وإلا فإن ما قام به رئيس مجلس الوزراء بتحويل الجلسة للسرية يعتبر قمة الحكمة مع هكذا أوضاع، فهو بذلك وأد الطرح القبلي والعائلي والطائفي في مهده.
مقالات
قبل الجراحة
استثمار الأخطاء
06:28 م