نقصة رمضان عادة كويتية خليجية قديمة. وعند البحث عن معنى كلمة نقصة لم أجد لها معنى قريبا سوى كلمة «استنقص»، بمعنى عندما يود شخص ان تشاركه أو تقاسمه في شيء هو يملكه، يقوم باستقطاع جزء منه ويستنقصه لك. والجميل انها ليست مرتبطة بوجبة أو اكلة معينة، وانما قد يستنقص التاجر لصديقه التاجر صفقة تجارية مربحة من باب المحبة. ولكن ما هو سبب ارتباط كلمة نقصة بشهر رمضان؟ ارتباطها بشهر رمضان بسبب عادتنا الجميلة في الماضي حيث نجد ربات المنزل،أمهاتنا وجداتنا عندما كن يقمن باعداد وجبة الفطور لعائلاتهن، كانت ربة الأسرة تقوم باستنقاص جزء من هذه الوجبة أو بعمل وجبة أكبر من أجل إرسال طبق من فطورها إلى منزل جارتها، وتقول هذا الصحن نقصة لبيت أم فلان. وكانت في رمضان عملية تبادل أطباق الفطور بين الجيران تبدأ قبل الافطار بنصف ساعة، وعند موعد الافطار نجد السفرة تحتوي على اطباق متنوعة من نقصة الجارات والأهل.نقصة رمضان كانت بسيطة جدا من أكل البيت ومن أطباق المنزل غير مكلفة وتتجسد فيها روح الأخوة والمحبة والمودة بين الجيران وتثبت مدى التقارب والتواصل الاجتماعي بين العائلات والجيران في الكويت قديما. وهي ما أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال عليه الصلاة والسلام «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع الى جنبه». وقال عليه افضل الصلاة والسلام «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه». أما نقصة رمضان حاليا فنجدها اكثر تكلفة عن ذي قبل، ودخلت بمظاهر البذخ والاسراف والتكلفة المالية الكبيرة وانتقلت مسؤولية النقصة من الأمهات والجدات إلى البنات لدى كثير من العائلات، فلم تعد ذلك الطبق من بيت الجيران والذي يتم غسله وارساله ثاني يوم لأصحابه.فـ «نقصة الأمس» تختلف عن «نقصة اليوم» إلى حد كبيرمن حيث الشكل والمكونات ووقت ارسالها. فاليوم أصبحت لها طقوس في ترتيباتها واختيارها، حيث دخلت العصرية والتمدن على طبق «النقصة» ليتحول الى صينية من الفضة أو الخشب المعتق الفاخر أو سلة صنعت خصيصا باسم العائلة أو صندوق مزين بتهنئة مبارك عليكم الشهر.ولن نجد بداخلها طبقا من الهريس او الجريش أو التشريب، وانما ملئت بالهدايا الرمضانية المختلفة كالعطور والبخور أو المكسرات أو أنواع الشاي أو الفيمتو وغيرها، وقد تم تغليفها بورق السولوفان وزينت بشرائط وكرت يحمل اهداء من العائلة المرسلة للنقصة. وداعاً لصحن أمي ولجدر الهريس وللبايركس الذي كتب أسفله بيت أم فلان بقلم أسود غير قابل للمسح وبخط صاحبة البيت. وداعا لصحن بيت الجيران فلم يعد هناك داع لكي نعزل صحن بيت فلان وبيت فلان تمهيدا لاعادته ثاني يوم لهم وقد ملئ بنقصة أخرى جديدة. فحتى صحن هريس أمي لم يعد يدور بين بيوت الفريج وإنما اصبح وحيدا بين الصحون الفاخرة التي تعطى هدايا غير قابلة لاعادتها مره أخرى للجيران. أين ذكريات نقصة رمضان الجميلة؟ وأين نحن الآن من باب الجيران عندما كنا نطرق بابهم ونقول: أمي تسلم عليكم وتقول وين صحن نقصة أمس؟ في الحقيقة، على الرغم ان نقصة رمضان فقدت شكلها التقليدي البسيط ودخلت عليها لمسات العصرية والحداثة، إلا انها لم تفسد قيمة «النقصة» أثرها في المجتمع اليوم. ومبارك عليكم شهر رمضان واللهم بلغنا وإياكم صيامه وقيامه وحياك الله يا رمضان. وأخيرا أقول، لا تنسوني من نقصة رمضان القديمة أو الحديثة.Najat-164@hotmail.com
مقالات
كلمات من القلب
نقصة رمضان ما بين الأمس واليوم
02:12 م