جاء في كتاب «نثر الدُر»، أن رجلا صفع إمام مسجد صفعة شديدة على وجهه، فجيء بالرجل إلى الخليفة العباسي المتوكل، فقال له: إن لم تأتني بعذر مُقنع لفعلتك هذه، لأدبتك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين لقد مررت في وقت الفجر وأنا في طريق السفر بالقرب من أحد بيوت الله تعالى، فقلت في نفسي لم يتبق على صلاة الصبح إلا القليل، ومن الأفضل أن أصليها في ذلك المسجد كي لا أبتعد عنه وتفوتني الصلاة على الرغم من أني في عجلة من أمري. وما هي إلا لحظات حتى أذن لصلاة الصبح، فتوضأت ودخلت المسجد، فحضر الإمام وبعد أن أُقيمت الصلاة وكبر وقرأ الحمد، استفتح الركعة الأولى بسورة البقرة، فقلت في نفسي لعله سوف يقرأ منها بعض الآيات، لكنه أتم قراءة سورة البقرة حتى آخرها! ثم ركع وسجد وقام للركعة الثانية وبعد أن قرأ الحمد، قلت في نفسي أنه الآن حتماً سوف يقرأ بسورة من قصار السور، فإذا به يستفتح بسورة آل عمران، فقلت في نفسي أنه من المستحيل أن يأتي بها كاملة بعد أن قرأ سورة البقرة كاملة في الركعة الأولى، فأخذ يقرأ سورة آل عمران حتى بلغ آخرها! وبعد أن سلّم من الصلاة وأقبل بوجهه على المُصلين وكادت الشمس أن تطلع علينا، قال الإمام لنا: أعيدوا صلاتكم - رحمكم الله - فإني لم أكن على طهارة! فقمت إليه وصفعته. فضحك المتوكل من ذلك. انتهت القصة.بعض الناس يجتهدون بلا ترو وبلا دقة، كما فعل إمام المسجد في القصة السابقة، ومن دون مراعاة لظروف وأحوال الناس، وغير مبالين في أحوالهم وأوقاتهم ونفسياتهم. وهذا الأمر يوقع كِلا الطرفين في حرج شديد، أقول هذا الكلام لكل مجتهد لا يتروى في اجتهاده، وبالذات الاخوة أئمة المساجد، خصوصاً ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم حيث صلاة التراويح وصلاة القيام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه.halrawie@gmail.com