الهزّةُ «الصاروخيةُ» في ريفيْ حمص وحماة (2.6 درجة على قياس ريختر)، والارتداداتُ «الارتجاجيةُ» في بيروت... فلم يكن أغمض الليلُ على أنباء عن غارةٍ اسرائيلية، رَفعتْ التحدي الى الذروة مع إيران باستهدافِ معاقل للحرس الثوري ومستودعاته في ريفيْ حمص وحماة، حتى أطلّت مع شمس بيروت أسئلةٌ كـ «الشهب» عن توقيت انهيار آخر الكوابح والانزلاق الى الكارثة المدمّرة، وعن السيناريوات المأسوية التي قد تجرّ لبنان الى آخر الحروب التي يتوعّد الجميع بأنّها...«يا قاتل يا مقتول».ورغم تَدافُع الغبار الانتخابي الكثيف في بيروت التي تستعدّ لفتح صناديق «الأحد الكبير» وتعالي صراخِ الماكينات وخطابها الخشن، فإن الضربة القاسية التي تلقّاها رأس «محور الممانعة» أي إيران، دفعتْ لبنان وبقوةِ العصْف الى ما يشبه «انعدام الجاذبية» مع تَعاظُم الانطباعات بأن طهران التي تجرّعتْ ضربة الـ «تي فور» في ابريل الماضي لن يكون في وسعها التسليم بانهيار هيْبتها تحت وطأة عنجهية اسرائيل التي بدتْ وكأنها تقتاد طهران الى مواجهة بتوقيتٍ تحدّده تل ابيب.ولا يحتاج أي مراقب للتدليل على أن «حزب الله»، رأس الحربة الايرانية في المنطقة، في حال جهوزيةٍ ما فوق عادية كجزءٍ من المواجهة الآخذة بالاقتراب بين طهران وتل ابيب، رغم استدارة الحزب باتجاه الداخل في معركةٍ يطلق عليها «تحرير القرار» عبر سعيه للفوز بكتلةٍ نيابية مرجِّحة يقودها وتضمّه الى حلفائه من داخل الطوائف الأخرى، وهي المعركة التي تنطوي على واحدٍ من بُعديْن: إما إحكام القبضة على الإمرة في الحُكم تتويجاً لما يَعتبره انتصارات إقليمية لمحوره وإما السعي للاحتماء بالشرعية اللبنانية من العاصفة التي تهبّ على إيران وأذرعها.ورغم أن المدّة الفاصلة عن الانتخابات في بيروت لم تعد تتجاوز أيامُها عددَ أصابع اليد الواحدة، فإن المنطقة بأسرها ومعها «حزب الله»، تخضع لسيفِ الوقت واستحقاقاته في ضوء «جدول الأعمال» الذي تفرضه إسرائيل واتجاه الرئيس دونالد ترامب لتعطيل «النووي الإيراني» واتساع نادي الدول الداعية لمعاقبة طهران، وهو الأمر الذي يفتح باب الاحتمالات على مصراعيه حول ما إذا كانت إيران ستردّ بالمباشر أو عبر أذرعها الطويلة ما يفتح المنطقة على مواجهةٍ كبرى.وهكذا تحت ظلالٍ «حربية»، يستمرّ لبنان في الاحتراب الانتخابي وسط انفلاتِ «الصدامات السياسية الفوضوية» على أكثر من «جبهة» وأحياناً داخل «البيت الواحد» من خلف ظهر الصراع الكبير على العناوين الاستراتيجية، ما يطرح علامات استفهام حيال مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية وتحالفاتها واذا كان ما زال متاحاً إيجاد «مخفِّف صدمات» يسمح بتبريد اللعبة والإبقاء على ضوابطها الحالية.وفيما بدا خصوم «حزب الله» قبل 5 أيام من فتْح صناديق الاقتراع «على سلاحهم» الانتخابي في محاولةٍ للعودة بأوزان مؤثّرة إلى البرلمان من ضمن «استراتيجية صمود» لحفْظ توازن الحد الأدنى تحت سقف التسوية السياسية التي تحكم الواقع اللبناني منذ إنهاء الفراغ الرئاسي، فإن الحزب يَمضي في التحديد المتدرّج لـ «بنك أهدافه» من استحقاق 6 مايو وما بعده من ضمن «خطةٍ هجومية» لـ «الإطباق» على المزيد من مَفاصل السلطة والقرار.وفي هذا السياق، برز أمس موقفان لا يحتملان التأويل: الأول لنائب «حزب الله» نواف الموسوي الذي أعلن خلال لقاء انتخابي «أننا نريد في معركة الانتخابات التي نخوضها اليوم تحرير القرار اللبناني، ونحن على وشك تحرير هذا القرار، لأنه في الانتخابات سيتبيّن إن شاء الله بروز كتلة نيابية قوية واسعة تضم حركة أمل وحزب الله وحلفاؤهما من شخصيات وأحزاب وقوى، وستكون هذه الكتلة النيابية نواةً صلبة من أجل أكثرية نيابية، وهكذا نكون قد حررنا لبنان من سياسات الاقتراض التي تأخذه إلى الانقراض».والثاني لوحدة النقابات والعمّال في «حزب الله» التي أصدرتْ بياناً لمناسبة عيد العمّال توجّهتْ فيه الى الأخيرين: «أنتم اليوم أمام فرصةِ الإنقاذ الحقيقي للبنان واللبنانيين من خلال الوقوف بالاستحقاق الانتخابي في 6 مايو في جبهة تحرير لبنان من السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي حكمتْه خلال العقود الثلاث الماضية وأمعنتْ فيه فساداً، والانتخابات المقبلة فرصة ثمينة لإسقاط الفريق الذي أَوْصل لبنان واللبنانيين إلى مَشارِف الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي».وفي موازاة رسْم السقوف السياسية لـ «حروب الصناديق»، فإن لبنان دخل عملياً في «ربع الساعة الأخير» قبل أحد الانتخابات الذي سيكون جزءاً من «ويك اند» طويل يمتدّ من الجمعة حتى الاثنين، ويسود فيه الصمت الانتخابي وفق القانون قبل 48 ساعة من فتْح صندوقة الاقتراع، ما يجعل البلاد في الساعات الـ 72 المقبلة في ما يشبه «حال طوارىء» سياسية - انتخابية سيزدحم فيها آخر الكلام وآخر المهرجانات وأبرزها اليوم لـ «حزب الله» في بعلبك - الهرمل وزحلة حيث يجري رصْد المواقف التي سيطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله.وفي حين تستمرّ تفاعلات «حرْق المراكب» في العلاقة المتّوترة أصلاً بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر»(حزب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون) الوزير جبران باسيل (صهر عون)، فإن «الجبهة المشتعلة» أيضاً بين الأخير ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية تسجّل ارتفاعاً غير مسبوق في الحماوة بلغت حدّ ردّ الأخير على باسيل وكلامه الانتخابي عن المعركة في زغرتا مستحضراً قول أحدهم «حين سئل مَن هما أهمّ زعيمين في التاريخ بالنسبة لك: «بينيتو موسوليني وصدام حسين»، وعندما سألوه لماذا وما الذي يجمع بينهما؟ كان ردّه «هذان الزعيمان هما الوحيدان في التاريخ اللي استرجوا انو يقتلوا صهرهما».
خارجيات
ترجمةً لانتصاراته الإقليمية أم احتماءً من العاصفة ضدّ إيران وأذرعها؟
«حزب الله» يعلنها معركة لـ «تحرير القرار» اللبناني
10:50 ص