إنَّ لفساد الحكومات فوائد كثيرة...! فهي تعطي مادة لأحاديث لا تنتهي في المقاهي وفي وسائل التواصل من «فيسبوك» و«تويتر»، وطبعاً مجموعات «الواتس اب» الموقرة. وتجعل الشاب والشايب لا يحتاران في ما يتحدثان إذا أصبحا وسط مجموعة، غرباء كانوا أم أصدقاء.وطبعاً هذه ليست الفائدة الوحيدة بل الفائدة العظمى تكمن في تهيئة النوم القرير! نعم فهي تجعل الناطق الرسمي عن فساد الحكومة والمطالب الصارخ بالعدالة، يشعر بأنه أدى مسؤوليته ودوره تجاه المجتمع وتجاه الدولة بل وحتى تجاه الله! بتذمراته وشكاويه التي لا تنتهي وفضحه لأسرار لم تستطع حتى «البنتاغون» الوصول اليها. بالطبع بعد هذه الخدمات الجليلة يرضى عن نفسه تمام الرضا فيخلد للنوم قرير العين معافى!وفي الصباح حين يحتاج إلى معاملة إدارية لا يسمح له وقته الثمين الذي يقضيه بفضحه الدول، ان يتابعها في الإدارات والحكومات الفاسدة، فانه يطلب من ابن عمه الموظف ان يتمها له من دون ان يحتاج الى مراجعة او الوقوف بالدور.وحين يأتي وقت الانتخابات يصوت لذلك النائب الذي استطاع ان يحصل على موافقة الوزير لابتعاث ابنه خارج البلاد رغم انه كان في الأولوية العاشرة وكان يسبقه من يفوق عليه عقلاً وعلما. لكن هذا من حقه فهو ناشط في الدفاع عن حقوق الشعب ألا يستحق هذا القليل منهم ؟!وإذا سألته من هي الحكومة يا ترى؟ هل الحكومة هي أبواب وحائط وسور الوزارة والإدارات؟ هل هو الوزير ووكيل الوزارة فقط؟أصلاً من هو الوزير؟ ومن هو الوكيل؟ ومن هو النائب؟ بالطبع سوف يجيب، الوزير هو الوزير والوكيل هو الوكيل والنائب هو النائب، وانتهى!لكن أليس النائب قبل أمس كان موظفاً حكومياً وناشطاً متذمراً مؤدياً لدوره الرسالي؟ والوزير والوكيل وغيرهم أليسوا هم الشعب؟ أليسوا أنا وانت؟ حين تختار النائب الذي تضمن أنه «يمشي معاملاتك» رغم أنك تعلم انه فاسد، فأنت فاسد.حين تكون في لجنة المناقصات في وزارة الاشغال او البلدية وتسعى لفوز الشركة التي تريد ان تأخذ منها حصتك، فانت الفاسد وأنت الحكومة وأنت الشعب.حين تكون مديراً وتوافق على توظيف العشرات من الموظفين من أصدقائك وعائلتك من دون الحضور في الوظيفة، فأنت وأصدقاؤك هم الفاسدون.حين تسرق من الدولة وانت موظف بسيط، وانت موظف مهم، وانت عضو في لجنة مهمة، وانت نائب وانت وأنت، فأنت الفاسد وأنت الحكومة التي تتذمر منها وأنت الشعب.إذن من الذي يجب أن يتغير... الحكومة أم الشعب؟mosawi.75@gmail.com