غالباً ما يتحوّل دَرَج مار نقولا التراثي في حيّ الجميزة البيروتي الصاخب إلى مدرج لمسرحياتٍ جوالة وأفلام سينمائية وعروض فنية وحكايات جميلة وقصص غريبة و... أسرار.وغالباً ما تُصادِف في نواحي دَرَج الـ 200 درْجة وحجارتها العثمانية المرصوفةِ بعنايةٍ، رجُلاً قلّما يغادر المكان وكأنه بيته أو مكتبه أو المساحة الرحبة لاستراحته.فمَن يقصد الدَرَج المترامي بين حي السراسقة الأرستقراطي وحيّ البيارة الشعبي لالتقاط صورة تذكارية أو لترْك رسالة في «أقفال الحب»، يلفته هذا الرجل ذو اللحية الطويلة.الرجل عيْنه أطلّ أخيراً في «فيديو» مثير متحدّثاً بلهجةٍ كويتية عن اعتناقه المسيحية بعدما عاد من الكويت إلى طرابلس في شمال لبنان، قبل أن يقصد حي الجميزة العامر بالمقاهي والملاهي والمطاعم.اسمه سمير، ولم يشأ الإفصاح عن كنيته، وقال في شريط الفيديو الذي بدا نادماً عليه بعدما التُقط صدفة مع بعض السياح، إنه عاد من الكويت أواخر العام 2009 ولم يزرها ثانية.وروى أنه اعتنق المسيحية بعدما أُعجب بالإنجيل «لا لمصلحة ولا لأي شيء آخر»، كاشفاً عن أنه أقام لسنة في طرابلس قبل أن يقصد الجميزة للإقامة في هذا الحي الشهير بحياة الليل.وعن سبب انتقاله إلى هناك، قال في الفيديو: «في الشمال عارفين الله، ومو مريضين. والمريض هو مَن يحتاج إلى طبيب»، أي أنه يريد هداية سواه «نسحب كمّ واحد إلى برّ الإيمان».وللوقوف على حكاية سمير ولهجته الكويتية وخفايا اعتناقه المسيحية وسرّ لجوئه إلى الجميزة، قصدتْ «الراي» دَرَج مار نقولا، فبدا الرجل مشغولاً بلقاءٍ مع أحد أصدقائه. انتظرناه بعدما أبلغناه رغبتنا في التحدث إليه.والمفاجأة أن سمير، الذي بدت عليه مَظاهر المعاناة، رَفَضَ وعلى نحو حاسمٍ أي كلام. فثمة أسرار شخصية وعائلية تمنعه من البوح بأي شيء على الإطلاق، رغم إلحاحنا أقلّه لإظهار بعض النواحي الملتبسة لحكايته. لم يكن في وسعنا إلا احترام خصوصيات الرجل وإصراره على التكتم بعدما اكتفى بالقول إنه لبناني وليس كويتياً، وهو ربما يكون استخدم في الفيديو اللهجة الكويتية التي يُتْقِنها لأنه كان في دردشة مع سياح كويتيين.وما فهمْناه ممّن يعرفون سمير، أنه سافر إلى الكويت وكان في الرابعة من عمره قبل أن يُرحّل منها العام 2009 بعد سجْنه لأعوام في قضايا «تجارة عامة وتعاطي مخدرات» وهو مُسْلِم من شمال لبنان يجاهر باعتناقه المسيحية.