دانت الكويت وبأشد العبارات يوم أمس الاثنين الهجمات البشعة بالصواريخ والبراميل المتفجرة التي تعرضت لها المناطق السكنية المحاصرة في الغوطة الشرقية بسورية بما في ذلك الهجوم الذي وقع على مدينة دوما يوم السبت الماضي.

جاء ذلك في كلمة الكويت امام جلسة مجلس الأمن حول الوضع في سورية بعد الهجمات على دوما والتي ألقاها المندوب الدائم السفير منصور العتيبي.

وقال العتيبي إنه «منذ بداية العام الجاري تشغل الكويت المقعد العربي في مجلس الأمن ومن ضمن أهم أولوياتها التي أعلنت عنها قبل عضويتها هي الدفاع عن القضايا العربية ومساندتها ونقل همومها ومشاغلها والدفع باتجاه إيجاد حلول سلمية لها، ونشعر بالألم والأسى بأن القضايا العربية التي ينشغل بها مجلس الأمن لم نستطع تحقيق تقدم حقيقي وجوهري في أي منها وعلى وجه الخصوص الأزمة السورية».

وأضاف أن الأزمة السورية التي تشهد مع الأسف مزيدا من التدهور كما أن القرارات التي يصدرها مجلس الأمن حيال هذه القضايا لا ترى طريقها إلى التنفيذ ويبقى المجلس المكلف بصيانة السلم والأمن الدوليين عاجزا عن الاضطلاع بمسؤولياته وغير موحد بل منقسم في مواجهة هذه المخاطر والتهديدات وبالتالي تستمر هذه الأزمات ومعاناة شعوب دول المنطقة«.

وأشار الى أنه»قبل خمسة أيام شهدنا الذكرى الأولى لحادثة خان شيخون التي استخدمت فيها أسلحة كيميائية وفقا لما أكدته استنتاجات آلية التحقيق المشتركة وحددت الجهة التي أستخدمتها وشهدنا قبل يومين قتل وجرح العشرات من المدنيين بينهم أطفال ونساء في قصف وهجمات جوية على مدينة دوما وتسجيل حالات اختناق عديدة«.

وأكد العتيبي أنه في الحالتين ارتكبت جرائم أكدت العديد من التقارير الدولية بأنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، الأمر الذي يعيد مرة أخرى الطلب الرئيسي الذي يتفق عليه الجميع في مجلس الأمن وهو ضرورة وجود آلية جديدة لتحديد ما إذا تم استخدام الأسلحة الكيميائية وتحديد الجهة التي استخدمتها ومن ثم محاسبة مرتكبي تلك الجرائم في سورية.

ولفت الى أن هذه الآلية يجب أن تضمن إجراء تحقيقات نزيهة وشفافة وبكل حيادية ومهنية في كل الهجمات الكيماوية المرتكبة في سورية للحفاظ على مبدأ عدم الإفلات من العقاب الذي غاب عن مرتكبي الجرائم الكيماوية في سورية لخمسة أعوام تقريبا وتحديدا منذ أغسطس 2013 عندما وقعت أول جريمة باستخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية أيضا».

وتابع: «لا نريد أن تكون هناك ذكرى سنوية أولى لحادثة دوما دون أن يكون هناك طرف مدان في هذه الجريمة ونحن نريد أن تكون هناك آلية محاسبة ينشئها هذا المجلس تحدد الطرف المسؤول عن الجرائم الكيماوية في كل مناطق سورية على أن يقوم مجلس الأمن بمحاسبة هذا الطرف سواء كان حكومة أو كيانا أو مجموعة أو أفرادا وفقا لنصوص وأحكام القرار 2118».

ورأى العتيبي أنه على مجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته في صيانة الأمن والسلم الدوليين وأن ما يجري في سورية من استمرار لاستخدام الأسلحة الكيماوية يمثل تهديدا حقيقيا لمنظومة عدم الانتشار.

وأضاف أن هذه الهجمات سواء خلال الغارات الجوية أو عبر الهجمات المدفعية تشكل جميعها انتهاكات فاضحة لإرادة المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة القرار 2401 الذي طالب بوقف إطلاق النار دون أي تأخير لمدة 30 يوما على الأقل.

وأوضح أن أحكام القرار 2118 كانت قاطعة وحاسمة فيما يتعلق بضرورة محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية باعتبار ذلك انتهاكا صريحا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ولكن ما يجري الآن هو خرق واضح لأحكام ذلك القرار.

وأردف: «لا يمكننا كأعضاء في هذا المجلس القبول بالوضع الحالي وهو استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، ما يعني خذلانا جديدا للشعب السوري الذي لم نستطع وضع حد لمعاناته من استخدام هذه الأسلحة ضده في مناطق مختلفة من سورية».

وأكد العتيبي أن هناك مسؤولية جماعية لمجلس الأمن إزاء ما يعانيه الشعب السوري الذي سئم من مشاهدة اجتماعات مجلس الأمن دون أن يرى نتيجة ملموسة على الأرض.

وأفاد بأن مجلس الأمن استطاع في مراحل عدة من هذا الصراع الدامي في سورية أن يصل الى موقف موحد في سبيل المضي قدما نحو إنهاء الأزمة السورية.

وتابع: «علينا تجاوز الخلافات السياسية لنصل إلى آلية محاسبة جديدة في سورية تتمتع بالمهنية والمصداقية والحيادية ونرى بأن تلك العناصر متوفرة في مشروع القرار الأميركي محل النقاش ما بين أعضاء المجلس والذي تضمن تحديثات حول حادثة دوما وندعو جميع الدول الأعضاء للبناء عليه باعتباره أساسا جيدا لأي مفاوضات حول هذه الآلية المستقبلية».

وختم العتيبي بالقول «كنا ولا نزال نتطلع إلى الحل السياسي باعتباره الحل الوحيد القادر على إنهاء هذه الأزمة بكل أبعادها لا سيما أن خارطة الحل واضحة ومتفق عليها على أساس بيان جنيف الأول لعام 2012 والقرار 2254 وبما يحافظ على وحدة واستقلال وسيادة سورية ويحقق تطلعات وطموحات الشعب السوري المشروعة في حياة كريمة».