كان المرحوم الفنان والديبلوماسي حمد الرجيب، يجتمع في ديوان منزله في القاهرة مع العديد من الفنانين والمفكرين والأدباء المصريين. وكان من ضمن هذه الشخصيات المهمة الشاعر أحمد رامي، وهو أحد من أحبوا السيدة أم كلثوم حتى العشق، لكن أم كلثوم صدتهم جميعاً وظلت تستفيد منهم في أغنياتها لحناً وكلمات.وفي تسعينيات القرن الماضي، ربطتني علاقة وثيقة بحمد الرجيب، حيث كنا نحمل هموماً ثقافية مشتركة، فقد كان عضواً في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وكنت مديراً لإدارة الثقافة والفنون فيه، وكنا كثيراً ما نلتقي اما بشكل ودي في ديوانه بالشامية واما في شاليهه،واما من خلال عمل يكلفنا فيه الأمين العام للمجلس، كما كنا نحضر باستمرار وبشكل مستمر بروفات الفرقة الوطنية للموسيقى، وأنشطة مهرجان القرين الثقافي.وفي أثناء هذه اللقاءات، كنت أستمع للأستاذ حمد بشغف وإعجاب لحكاياته وذكرياته الغزيرة، ومن هذه الحكايات كيفية ولادة أغنية أم كلثوم الشهيرة «جددت حبك ليه»، إذ يقول العم حمد: ان أحمد رامي كان موجوداً في ديوانه بالدقي، من ضمن ثلة من الشخصيات السياسية والفنية والصحافية، وأتاه السفرجي وقال له: أستاذ حمد الست أم كلثوم تريد محادثتك في الهاتف. ويضيف حمد الرجيب أنه كلمها فطلبت منه أن تتحدث مع أحمد رامي، الذي كان لا يكلمها لفترة طويلة، فقال له السفير الرجيب: ان أم كلثوم تطلبه في الهاتف، وبعد عناد ورفض، اقتنع بمحادثتها على مضض.وعندما عاد لمكانه سأله السفير والجالسون: ماذا كانت تريد منك أم كلثوم؟ فقال بهيئة المتذمر وغير المهتم: تريدني أن أزورها لأشرب القهوة معها، فأقنعه الحاضرون لكي يذهب، وبعد رفض، وافق.وعندما وصل رامي إلى فلتيها، صعد السلم إلى الباب الرئيسي وهو يتساءل بينه وبين نفسه: «يا ترى جددت حبك ليه»؟ ومتوهماً بأن أم كلثوم جددت حبها له. وعندما قابلها وبعد القهوة قالت له أم كلثوم: يا رامي أنا عايزة كلام، فرد فوراً: موجود يا ست، فقالت أم كلثوم فرحة: «طب سمعني»، فتلى عليها البيت الأول من «جددت حبك ليه»، والذي ردده على سلم الفلا، فأعجبت السيدة أم كلثوم بالكلام، وسألته إن كانت القصيدة جاهزة، فقال نعم جاهزة، وذهب فوراً لمنزله وكتب القصيدة، ثم عاد وسلمها لأم كلثوم، لتظهر واحدة من أجمل أغانيها.ثم حكى لاحقاً وعلى انفراد القصة لحمد الرجيب، الذي كان يحبه ويقدره وكثيراً ما أخذ برأيه بأمور فنية. والرجيب الذي كان سفيراً مفوضاً فوق العادة، وبسبب احترام الفنانين والمفكرين المصريين له، قدم خدمة جليلة للفن في مصر، بتأسيسه فرقة التراث الموسيقي وبتبرع من الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، مع مجموعة من الفنانين والكتاب القدماء في مصر.osbohatw@gmail.com
مقالات
أصبوحة
«جددت حبك ليه»
09:06 م