أبدت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية، شجاعة كبيرة في الرد على روسيا بعد تجاوزها جميع الأعراف الدولية وقامت بتسميم عميلها المزدوج في بريطانيا باستخدام غاز الأعصاب المحرم دولياً، وقامت ماي بطرد 23 ديبلوماسياً روسياً بعد وصفهم بأنهم ضباط استخبارات غير معلنين!بالطبع، فإن روسيا لم تتردد في اتخاذ إجراء مماثل بطرد 23 ديبلوماسياً بريطانياً من روسيا. أما الدول الغربية، فقد وقفت وقفة رجل واحد في مناصرة بريطانيا وعلى رأسها الولايات المتحدة وعشرون دولة أوروبية، وطردت تلك الدول عشرات الديبلوماسيين الروس!وقد اعتبر المحللون السياسيون أن تلك الخطوة هي الأقوى منذ انتهاء الحرب الباردة بين الغرب وروسيا في تسعينات القرن الماضي، لكن هذه اللعبة قد انكشفت وأدرك الجميع بأنها لا تتعدى خطوات مدروسة بين الجانبين لتسخين الساحة الدولية وشد الأنظار إليهم، بينما يعرف كل طرف منهم حدوده ولا يجرؤ على تخطيها!حتى الآن والأمر مقبول، لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو عن السر في تلك الفزعة القوية من الغرب ضد روسيا بسبب تسميمها لعميل ينتمي إليها بالكيماوي، وماذا عن آلاف الاطفال الأبرياء الذين أبادهم النظام بالغازات السامة مرات عديدة، وتحمس أوباما لتوجيه ضربة قوية ضد النظام السوري ثم تراجع عنها بعدما كذبت عليه روسيا وأوهمته بأنها قد اتفقت مع النظام السوري على التخلص من جميع الأسلحة الكيماوية! ومن يدري، فقد تكون هذه خطة متفق عليها بينهم وهل أصبح تسميم جاسوس روسي أهم عند الغرب من إبادة أحياء كاملة من الأطفال والنساء؟!ولماذا لم تتحدث أوروبا عن سر استمرار النظام المجرم في سورية بقتل الأطفال والنساء؟!إن الجواب واضح ولا يتطلب أي ذكاء، فالعرب والمسلمون لا قيمة لهم عند تلك الأمم ولا يستحقون الدفاع عنهم ذرة من الغضب أو الانتقام!مَن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميت ايلامأو كما قال الشاعر أديب اسحق:قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفروقتل شعب آمن مسألة فيها نظروالحق للقوة لايعطاه إلا من ظفرذي حالة الدنيا فكنمن شرها على حذروها هي روسيا تتحدى العالم كله وبكل بجاحة وتقصف يومياً المدنيين في محيط مدينة دمشق وتسعى إلى تهجيرهم، ربما لتنقض عليهم لاحقاً في مدينة دوما أمام صمت أميركي وغربي كامل، فالمهم هو حماية النظام السوري!أشعر بأن أردوغان قد ارتكب غلطة كبيرة باتفاقه مع الروس على أن يسمحوا له بقتال الأكراد في شمال سورية على أن يتفردوا بالانقضاض على غوطة دمشق ويقتلوا أهلها ويدمروا كل شيء فيها، فحسبنا الله ونعم الوكيل!
مقالات
نسمات
قتل شعب آمن... مسألة فيها نظر!
01:30 ص