مارس شهر المرأة بجدارة. ربما لأن «وصل السيل للزبى» أو لأنها «طفحت الكوتة» على رأي إخوتنا المصريين. قلتها وأكرر مجددا: أننا لو أعطينا الثقة للمرأة و اوليناها دفة السفينة لنجونا منذ زمن بعيد. لرأينا قرارات تنموية مذهلة وفرجا اقتصاديا واجتماعيا حضاريا لماذا؟ لأنها اختبرت حرقة المعاناة الحقيقية من شقاء الحياة. تعبت في البيت والعمل ومع الأولاد وفي صميم تفاصيل الحياة اليومية. تابعت هذه الفترة قصصا مؤلمة. ولعل من ايجابيات السوشيال ميديا القليلة والمحدودة، نقل الوقائع إلينا «لايف» وفور حدوثها. فهذه امرأة كويتية تتوعد بتفجير نفسها حتى يصل صوتها للإعلام والمسؤولين. تركها أولادها لعدم توافر منزل وتنقلهم من بيت لآخر وشقق مفروشة. قالت «ما فائدة ورق الهوية والجنسية. فأنا لي في هذا البلد. أو فقط تنتظرون موتنا لتضعونا في حفرة». انهارت المسكينة وتساقطت دموعها قهرا. وأتساءل كيف تقبل الحكومة رؤية بنت من بنات البلد تعاني وتتوسل بهذه الطريقة؟ وكيف تكون بنت البلد ذليلة في وطنها، أم أن الوطن كلمة على ورق لا فعل ومسؤولية وحقوق وتمكين؟ ثم تابعت فيديو لأم كويتية أخرى تسرد معاناتها كموظفة وأم مع غياب خادمة، بسبب غلاء تكاليفها من أوراق استقدام ومعاش وغيره. السؤال هنا هو لماذا لا نرى مثل هذه التسجيلات إلا لكويتيات؟ لماذا لا نرى أيضا معاناة المرأة الخليجية إلا في ما ندر؟ ببساطة لأن ديرتها تعزها وتكرمها وتقدرها وتلبي طلباتها واحتياجاتها. المواطن ذليل في ديرته. سواء رجل أوامرأة لكن المرأة تعاني أكثر لأنها أم. وإن أصبحت مستقلة بلا رجل. نهش فيها المجتمع والقانون أكثر ليذلها ويحطم إرادتها، وهذا ما نراه يوميا. حين سلبت الدولة من الرجل حقوقه: حقه في المطالبة والتعبير، الفن والشعور بالإنسانية. وتحقيق الأحلام والطموحات. أثقلته بالديون وأرغمته التفرج على العجز والفساد بلا حول أو قوة. قالوا له اذهب لتتحكم بالمرأة لتعوض الضعف والقهر. وقالوا للمرأة صبي غضبك وظلمك على الزوج والأبناء. وهكذا جعلوا المجتمع يتخبط في بعضه. كفخار يكسر بعضه البعض. وفي ظل مجلس خايب ضعيف وحكومة هشة مفتتة. أصبح وضع المرأة من سيئ لأسوأ ومكانتها تضعف وحقوقها تكاد تتلاشى. ولا من منصت أو منقذ لها.  وإن حاولت أخذ حقها بيدها بالمطالبة والمناداة. بالكتابة والإبداع والاجتهاد. رموها بأقذر الأوصاف. فهم يرمون المجتهدة والناجحة بأبشع وأقسى المسميات والإشاعات لأنها تجرأت واقتحمت مجالات مقتصرة على الرجال. وامتلكت الشجاعة للخروج عن المألوف. يعاقبونها بالطعن بشرفها. وتلك أخس وأضعف السبل والحجج. فكلما زادت المسميات السيئة للنساء تأكدوا أن المجتمع بخير ويسير على خطى التحضر والمدنية. فالرجل لا ينعت بوصف عفيف أو غير عفيف. فاضل أو عاهر. بناء على ملبسه ومظهره أو فعله. لأن المجتمع يقف وراءه في كل صغيرة وكبيرة. فقط المرأة تحتكر تلك المسميات. لأن المجتمع ينظر لها كشيء طارئ. هامشي غير فاعل وفعال. وقد آن أوان تغيير هذا. ألم تلاحظوا حين استخدمت المذيعة إيمان نجم كلمة «جريئة». استبدلتها الأستاذة فاطمة حسين بـ «واضحة»!! لماذا؟ لأن في مجتمعنا تقترن الجرأة بالوقاحة في مخ بعض المرضى النفسيين، غير الواثقين بأنفسهم والجهلاء. اختارت أن تكون بخانة الأمان. مع أن الجرأة شرف سام لأنها تقتصر على الفرسان والنبلاء فقط. تخيلت لو أنني مكانها لما اعترضت على كلمة جريئة. بل لقلت: شكراً.