رأى أستاذ القانون الدستوري الدكتور محمد الفيلي، أن إعداد الدستور الكويتي تم بشكل واقعي وليس مثالياً، نتيجة ما وصفه بـ«فشل» تجربة 1938، معتبراً أن الدستور وضع وفق مواصفات كويتية وقابل فى نفس الوقت للتطور، ما جعله من الدساتير الجيدة، إلا أنه استدرك بالقول «اذا بحثنا بمعنى المثالية المطلقة والمجردة، فهو ليس مثاليا».وقال الفيلي في الندوة التي نظمها ديوان منتدى القرآن الكريم في منطقة الرميثية أول أمس، إن «الدستور كان بالفعل مثاليا وفق الحالة الكويتية، خصوصا وأن صانعيه استندوا فى إعداده على تدارك الاخطاء التى وقع بها مجلس 1938»، مضيفا «الدستور صنع بصعوبة ولم يكن مثاليا للأطراف المتفاوضة آنذاك».وأضاف «من الصدف أن أهم مهندسي دستور 1962 مثل الشيخ عبدالله السالم وعبداللطيف ثنيان الغانم، عايشوا واستذكروا التجربة الفاشلة والعنيفة لمجلس 1938 والذي كان نتاج (النخبوية) فى رفع سقف الطموح». وقال الفيلي إن الكتل السياسية فى الكويت فشلت في خلق قدر من الثقة المتبادلة مع مختلف الاطراف السياسية، واصبحت توجه رسائل لـ«تكسير عظام» الآخر، معتبرا أنها الإشكالية الاساسية التي تواجه عملية تطور أي نظام دستوري.وشدد على أهمية أن يكون هناك حد أدنى لنقاء النفوس والذكاء الكافي، لفهم أنه لايمكن العيش من خلال مسح الآخرين، حتى لو تم تعديل النصوص الدستورية، قائلا «عندما تستبعد جميع المكونات تكون قد حفرت قبرك بنفسك».وقال إن «أحد اسباب فشل مجلس 1938 كان نتيجة عدم وجود ذكاء لصناعة نظام يشارك فيه جميع مكونات النظام السياسي، والذي اكتشف في ما بعد أنه لايمكن أن يصمد واقعيا، ذلك أن تجربته صمدت 6 أشهر فقط». وأوضح الفيلي أن «من صنع دستور 1962 أراد أن يصنع نصاً يتجنب معه عناصر الفشل، وأن يكون واقعياً جداً»، معتبرا أن «مسألة الأحزاب التى دار خلاف حولها آنذاك انتهى بأن يكون القرار في ما بعد للمشرع دون منع بالدستور، دليل على ذلك». وأشار إلى أن «النظام السياسي كان عبارة عن اعادة تفصيل نموذج العلاقة بين السلطات، انطلاقا من النظام البرلماني، مع مايمكن وصفه بالرتوش الكويتية، والذي على إثره ظهر لنا النظام البرلمانى الحالي». واعتبر أنه صنع بطريقة تسمح بالابتعاد بحد ما عن النظام البرلماني التقليدي، مع دعوة للاقتراب والأخذ منه، مضيفا «يمكن القول إنه أخذ بمباح ومقبول، ودعا لمستحب ومأمول».وقال «المقبول هو تشكيل الحكومة دون ربطها بالأغلبية البرلمانية، والتي تعتبر من الأفكار الأساسية فى النظام البرلماني التقليدي، والحكومة بموجبه يجب أن تتقدم ببرنامج عمل يعرض على البرلمان قبل تسلم مهامها»، مضيفا «إذا أعلن البرلمان ثقته بالبرنامج تكمل، وإذا لم يعلن ثقته تسقط ونبحث عن حكومة غيرها».وشدد على ضرورة وأهمية تنظيم الحياة السياسية لتطبيق النظام البرلماني التقليدي، خصوصا وأن «الدستور لم يسمح بإنشاء الأحزاب السياسية أو يمنعها، وهذا كان أحد أشكال الواقعية التي أعد من خلالها الدستور».
محليات - مجلس الأمة
«الكتل السياسية فشلت في خلق ثقة متبادلة وأصبحت توجه رسائل تكسير عظام»
الفيلي: الدستور الكويتي ليس مثالياً وإنما واقعي أخذ بمباح ومقبول ودعا لمستحب ومأمول
الفيلي متحدثاً في الندوة (تصوير كرم ذياب)
08:09 ص