واشنطن - وكالات - أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في البيت الأبيض مساء أمس، محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تركزت على تطوير العلاقات الثنائية الإستراتيجية بين البلدين وتعزيز التعاون الاقتصادي، إضافة إلى التهديدات الإيرانية وسبل التصدي لها، وأبرز الأزمات المشتعلة في المنطقة، من الحرب في اليمن إلى الأزمة في ليبيا والوضع في سورية وإعادة إعمار العراق، والأزمة الخليجية.وجاء اللقاء في مستهل زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة التي تستمر ثلاثة اسابيع وتشمل زيارة العديد من المدن الأميركية.وأكد ترامب لدى استقباله محمد بن سلمان، في المكتب البيضوي، أن العلاقات الأميركية - السعودية «ربما تكون أفضل من أي وقت مضى»، مشيداً بصداقته مع ولي العهد السعودي التي وصفها بـ «العظيمة».وقال: «يشرفني استقبال ولي العهد السعودي... العلاقات (بيننا) هي الآن أقوى من أي وقت مضى... ونحن نفهم بعضنا البعض... إن صداقتنا فعلاً قوية وعظيمة».وأشار إلى أهمية الاستثمارات مع السعودية في خلق فرص العمل بالبلدين، إلى جانب الاستفادة من تميز الصناعة الأميركية في ما يخص الصناعات الدفاعية والعسكرية.ورداً على أسئلة الصحافيين، قال الرئيس الأميركي «نعمل مع السعودية بشكل جدي لوقف تمويل الإرهاب من أي جهة»، مشدداً على أن الولايات المتحدة ستقطع علاقاتها بأي دولة تمول الإرهاب.وأضاف: «لن نتسامح أبداً مع تمويل الإرهاب»، مؤكداً أن «قمة الرياض شهدت أروع الاجتماعات التي عقدتها».وعندما سُئل عن الاتفاق النووي مع إيران، أوضح أن هذا الأمر سيحسم لاحقاً، مضيفاً «خلال شهر سترون ما سأقوم به تجاه إيران».من جانبه، أشار ولي العهد السعودي إلى أن العلاقة التاريخية مع الولايات المتحدة «قوية وعميقة»، و«نحرص على تعزيزها»، معلناً عن «خطة لاستثمار 200 مليار دولار بين البلدين».وأضاف: «نحن أقدم الحلفاء... أكثر من 80 سنة، والعلاقات تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية»، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين وفّرت نحو 4 ملايين وظيفة في أميركا وكذلك في السعودية، سواء بشكل مباشر أوغير مباشر.وإذ أكد أن هناك الكثير من الأشياء يمكن تحقيقها في المستقبل، أضاف محمد بن سلمان: «نسعى للتعامل مع 200 مليار دولار من المشروعات المشتركة، وكذلك 400 مليار كانت في وقت سابق... حتى نتأكد أننا نتعامل بشكل جيد مع الأزمات التي تواجه بلدينا»، مشيراً إلى أن المملكة نفذت 50 في المئة من اتفاقاتها الاقتصادية مع أميركا. وأضاف «هدفنا إيجاد أسواق نفط مستقرة بغض النظر عن انخفاض الأسعار وارتفاعها». وكانت السفارة السعودية في واشنطن ذكرت في وقت سابق أن ولي العهد، الذي سيلتقي أيضاً كبار أركان إدارة ترامب والعديد من المسؤولين ونواب الكونغرس، سيتوجه السبت المقبل إلى بوسطن، ويلتقي في السادس والعشرين من مارس الجاري كبار المسؤولين الماليين في نيويورك، ليتزامن هذا اللقاء مع عزم شركة «أرامكو» النفطية السعودية على طرح قسم من أسهمها في البورصة.كما يلتقي ولي العهد الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس.وابتداء من الثلاثين من مارس الجاري، ينتقل محمد بن سلمان إلى الشواطئ الغربية للولايات المتحدة، فيزور لوس انجليس وسان فرانسيسكو للالتقاء بالمسؤولين عن كبرى شركات التكنولوجيا مثل «غوغل» و«آبل»، اضافة الى شركة لوكهيد مارتن لتصنيع السلاح.بعدها، ينتقل إلى سياتل حيث شركة «أمازون»، ثم يختتم جولته في السابع من ابريل المقبل في هيوستن حيث شركات الصناعات النفطية.وفي مؤتمر صحافي عقده ليل أول من امس في مقر السفارة السعودية، أوضح وزير الخارجية عادل الجبير أن ولي العهد سيجتمع مع مسؤولين في شركات بقطاع النفط والغاز في هيوستون، وسيعقد لقاءات في «غوغل» و«آبل» و«لوكهيد مارتن». كما سيشارك في منتدى سعودي - أميركي لرجال الأعمال في نيويورك.وشدد على ما يفترض أن يكون النقطة الاساسية في أول زيارة لمحمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة منذ توليه ولاية العهد في يونيو 2017، قائلاً «هناك مفهومان متعارضان» في المنطقة، مفهوم «النور» الذي تمثله السعودية، و«مفهوم الظلمات» الذي تمثله إيران.وأضاف «ان النور هو الذي ينتصر على الدوام على الظلمات»، مذكراً بأن المملكة «دعت منذ سنوات إلى تبني سياسات أشد تجاه إيران».وإذ أكد أن البحث سيتناول «سبل التصدي لأنشطة إيران المشينة في المنطقة»، لا سيما دعمها نظام بشار الأسد في سورية وجماعة الحوثيين في اليمن، انتقد الجبير الاتفاق النووي الموقع بين إيران والدول الكبرى في 2015، معتبراً أنه يتضمن «نواقص» وواصفاً إياه بـ«المعيب».وبشأن اليمن، قال الجبير «نحن لم نُرِد هذه الحرب، ونسعى لعملية سياسية إلا أن الحوثيين لا يريدون ذلك».وأوضح أن الوفد السعودي سيشرح «هذه الحقيقة» لأعضاء الكونغرس، لافتاً إلى أن المملكة لديها «آلية لتقييم الحوادث» وأن «الأخطاء تقع في كل الحروب».وحول الأزمة بين قطر والدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) المقاطعة لها، قال الجبير «إن مسألة قطر صغيرة» مقارنة بالملفات الاقليمية الاخرى.ولفت إلى أن «ما فعلته قطر حتى الآن أنها وقّعت مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهذه خطوة غير كافية»، معتبراً أن واشنطن تتعامل مع «الجانب البرّاق من قطر ونحن نتعامل مع الجانب المظلم».وبعد أن طلب مجدداً من قطر التوقف عن «دعم الارهاب»، أكد ان السعوديين «ليسوا مستعجلين»، وأن حل هذه الأزمة «سيأخذ الوقت اللازم».ورداً على سؤال عما يتردد بأن محمد بن سلمان يبدو مستعجلاً جداً، اعتبر الجبير أن «هذا المفهوم خاطئ».في سياق متصل، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن ترامب يعتقد أن الوحدة بين دول الخليج مهمة، وإنه لا يزال يريد تنظيم قمة خليجية - أميركية.وأضاف المسؤول ان ترامب يريد أن تحل قطر وأعضاء مجلس التعاون الخليجي خلافهم بأنفسهم، لكنه أكثر قلقا الآن بشأن الأثر الطويل الأمد في المنطقة.وبشأن المحادثات السعودية - الأميركية، أشار إلى أن ترامب وكبار مساعديه سيسعون إلى المزيد من الصفقات التجارية للشركات الأميركية، مضيفاً «خلال وجود ولي العهد في واشنطن، سنعمل على اتفاقات تجارية بقيمة 35 مليار دولار للشركات الأميركية تدعم 120 ألف وظيفة في الولايات المتحدة».