استطاع بعض المخرجين المميزين أن ينتجوا أفلاماً تدور قصتها حول الساعات الأخيرة من حياة إنسان محكوم عليه بالإعدام قبل تنفيذ الحكم، ووصف مشاعره وخلجات نفسه ووصاياه، وعاش المشاهدون معها لحظات درامية مثيرة.
أشعر بأن الكويت قد عاشت تلك اللحظات أو الساعات من الاثارة بانتظار الحكم في مصير حياتها السياسية ومجلس أمتها وحكومتها ولا تدري ان كانت الامور ستؤول إلى اجهاض لجميع ما تم بناؤه خلال سنوات والعودة بالامور الى الخلف، أم ان هذه التجربة بالرغم من مرارتها ستفتح أبوابا مغلقة من «التابو» السياسي الذي لم يكن أحد يجرؤ على اقتحامه.
لست أدافع عن المستجوبين ونياتهم ودوافعهم من الاستجواب، فهم قد أخطأوا بسبب عدم تشاورهم مع اخوانهم وأقرب الناس اليهم حتى ولو شعروا بالحزن على موقف اخوانهم منهم، فهم في الاساس لم يستشيروا أحدا ولم يعبروا آراء الآخرين فكيف يتوقعون من الآخرين أن يقفوا معهم ويصفوا خلفهم، لكني اعتقد بأننا قد وصلنا إلى قرب نهاية الحلقة المفرغة من العلاقة بين المجلس والحكومة وبين أبناء الاسرة بعضهم البعض وبدأ الناس بالحديث عن أهمية ايجاد علاج جذري لذلك التوتر والاضطراب الذي شل الحياة السياسية في الكويت منذ عقدين من الزمان، ولم تعد المسكنات و«البندول» تجدي نفعا، بل لا بد من فتح الجرح وتنظيفه وعلاجه.
لا أستطيع التعليق على اقتراح عدد لا بأس به من النواب حول التصويت على تأجيل استجواب رئيس الوزراء سنة أو سنتين، فبالنسبة لي لم أسمع عن امكانية اللجوء الى تلك السويلة الا قبل يومين، ولئن كان المعارضون لذلك المبدأ يحتجون بأنه تفريغ للدستور من محتواه وسحب لسلطات المجلس وحقه في الاستجواب، وهو رأي وجيه، لكن يقابله رأي بأن اساءة استخدام سلاح الاستجواب وتفريغه من مضمونه وتحويله إلى سيف مصلت على الحكومة في كل مناسبة هو اجهاض للدستور لا تجميد له فقط، وقد قالوا سابقا بأن التحويل للمحكمة الدستورية هو تفريغ للدستور من محتواه.
ولو تأملنا ملياً في الاستجواب المقدم لوجدنا بأن فيه شقين: الأول ما يتعلق بزيارة الفالي، وهذه القضية قد أسدل عليها الستار بعد خروجه وختم عليها كما ختم على جوازه بعدم امكانية العودة مرة أخرى، الثاني: ما يتعلق بفشل الحكومة في تحقيق انجازات ملموسة، وهذه كما قال علي رضي الله عنه: كلمة حق يراد بها باطل، فالحكومة الحالية لم يمض على تشكيلها أكثر من خمسة أشهر أغلبها في عطلة الصيف، فكيف نحاسب الحكومة على عدم بنائها مستشفى أو تشييد شوارع أو الانتهاء من تشييد الجامعة أو جسر الصبية وهي لم تقدم خطتها حتى الآن ولم تبدأ أي عمل ذي جدوى؟!
النقطة التي أوافق فيها المستجوبين مئة في المئة هي التردد والتراجع كلما لوح لهم نائب بالاستجواب وهو أكبر عيب في الحكومة، لكن هل كان يرضى نوابنا عن حكومتهم ان هي لم تتراجع؟! ولماذا «ناجروها ودخلوا في بلاعيمها» على كل قضية أصرت على تطبيق القانون فيها مثل الانتخابات الفرعية وازالة مخالفات الدواوين ورفض اسقاط فوائد القروض والحزم مع مؤبني الهالك مغنية وغيرها؟! ولماذا تلعبون سياسة مع الحكومة ومتى ما استجابت لكم ولعبت معكم سياسة صحتم وصرختم وتباكيتم على الدستور؟!

د. وائل الحساوي
wae_al_hasawi@hotmail.com