من أعظم الغايات التي يطمح لها الأفراد والجماعات والدول والأمم، بل وحتى الحيوان، الشعور بالأمن والأمان. وهي نعمة عظيمة لا يعرف قدرها وثمنها إلا من فقدها.ولقد عرفنا قيمة وأهمية الأمن عندما فقدناه في الكويت قبل 28 سنة خلال الغزو العراقي للكويت عام 1990، حيث كان الخارج من بيته مفقودا، والعائد إليه مولودا.كان الناس يتوقّعون في أي لحظة من ليل أو نهار، أن يقوم زبانية النظام البعثي باقتحام بيوتهم وترويع أطفالهم.لم يأمن المواطنون والمقيمون - خلال الغزو والذي استمر سبعة أشهر - على أرواحهم أو أعراضهم أو أموالهم... حتى منَّ الله تعالى على البلاد وأهلها بزوال النظام البعثي وجيشه عن أرض الكويت في 26 فبراير 1991. إن زوال الاحتلال عن أرض الكويت كانت له أسباب عدّة، ومنها:- صنائع المعروف التي اشتهرت بها الكويت على المستوى الحكومي أو الشعبي، فلا تكاد تجد بلداً إلا وللكويت فيه يدٌ بيضاء «وصنائع المعروف تقي مصارع السوء». وكما أن أهل الكويت ساهموا في تفريج كربات العديد من المحتاجين داخل الكويت وخارجها، فكان الجزاء من جنس العمل.- وحدة الصف ونبذ الخلاف، وقد التحم الشعب بقيادتهم آل الصباح، ولم يرضوا لهم حاكما بديلاً. وتمثلت أكبر مظاهر تلك الوحدة في الموتمر الشعبي في جِدّة.- عودة الناس إلى الله تعالى وزيادة القرب منه، بالمحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل.- الدعاء والتضرع إلى الله بقلوب صادقة خاشعة، ولم يردّ الله تعالى تلك الأيادي خائبة بل استجاب لها. وكما جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول لدعوة المظلوم: «وعزّتي وجلالي لأنصُرنّك ولو بعد حين».إن نعمة التحرير تحتاج منا إلى شكر دائم لله تعالى. وتحقق الأمان يتطلب القيام بالأعمال التي تساهم في المحافظة عليه، ومنها:تحقيق العدالة بين الناس، فإنّ فَقْد العدل يلازمه فَقْد الأمان. أرسل أحد ولاة الأمصار إلى الخليفة عمر بن عبدالعزيز يطلب منه الأموال لبناء حصون تأمّن المدينة، فكان جوابه: «وما تنفعها الأسوار؟ حصّنها بالعدل، ونقّ طريقها من الظلم».الأمر الآخر، منع المفسدين ودعاة الانحلال الأخلاقي من تحقيق أهدافهم، والتي يطمحون من خلالها إلى تشريع قوانين تسمح بالترخيص لممارسة المحرمات وشرب المسكرات... فإن انتشار الفواحش في المجتمعات سبب في زوال أمنها.ثم لا بد من دعم العمل الخيري والمؤسسات القائمة عليه، وعدم التضييق عليها أو محاولة تحجيم دورها. وكما ذكرت في البداية أن الأيادي البيضاء لأهل الكويت كانت أحد الأسباب المهمة في تحريرها.أخيراً، لا بد أن نتذكر أننا نعيش في أقليم ملتهب، والأخطار تحيط بنا من كل جانب، ولن يحمينا إلا القرب من الله وقوّة الصلة به، ثم ببذل الأسباب المادية التي تحمي البلاد من تلك الأخطار والتهديدات.اللهم اجعل بلدنا الكويت آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.Twitter: @abdulaziz2002
مقالات
رسالتي
نعمة الأمن... وتحرير الكويت... والعدالة
10:40 م