من دون «إذن ولا دستور» رفع قبل نحو أسبوعين عدد من وكلاء السجائر المحليين، أسعار واحدة من أكثر السلع استهلاكاً في الكويت والعالم على حد سواء.زاد الوكلاء الأسعار من دون سابق إنذار، حتى إن المستهلكين لم يعلموا شيئاً عن التعرفة الجديدة إلا من خلال «الكاشير» في منافذ البيع، فقد تناسى الوكلاء ضرورة وأهمية الإعلان عن مثل هذه الخطوة، وهي من أبسط بديهيات وأدبيات حقوق البائع والمستهلك في عالم التجارة والاقتصاد.المفارقة الطريفة، أن أحداً لم يعلم حتى اليوم لماذا لجأ التجار والوكلاء إلى رفع أسعار السجائر، علماً أن السوق لم تشهد أي تغييرات تتيح لهؤلاء اتخاذ مثل هذا القرار، فلا ضرائب جديدة فُرضت، ولا أسعار المنتج نفسه ارتفعت، ولا شحٌ أو آفة موسمية ضربت زراعة وإنتاج التبغ حول العالم.يهمس مقربون من الوكلاء «الغائبين عن السمع»، أنه كان لابدّ من الخطوة لمكافحة «التهريب» إلى عدد من الدول المجاورة، وعلى رأسها السعودية، إذ إن الأرقام تبيّن أن أسعار السجائر في المملكة تتجاوز ضعف ما هي عليه في الكويت.هذا التبرير على سذاجته، يطرح وفق ما يرى مراقبون عدداً من الأسئلة الملحّة، لعل أبرزها من «خوّل» الوكلاء مكافحة «التهريب»، وتجاوز دور السلطات والجهات المعنية في القيام بمسؤولياتها وواجباتها؟أما السؤال الثاني والأهم، إذا سلّمنا جدلاً بـ«صحة» الخطوة التي اتخذها الوكلاء، فإنه من حق ملايين المستهلكين المتضررين، أن يعرفوا «كيف يمكن لهذا القرار العشوائي، وغير المسؤول مكافحة (التهريب) مع العلم أن الأسعار حتى بعد الزيادة الأخيرة في الكويت لا تزال أرخص بكثير، مقارنة بما هي عليه في السعودية، ما يعني أن الخطوة أدت تلقائياً إلى تضرر المستهلك المحلي فقط، وبالتالي لم تؤد الغاية المفروضة من أجلها!».فوق هذا وذاك، ثمة من وجهة نظر هؤلاء (المراقبون) علامات استفهام كثيرة حول أداء وموقف وزارة التجارة وغيرها من الزيادة، فلا هي (الوزارة) أيّدت رفع الأسعار، ولا هي كافحته كما ينبغي، حتى إن السوق السوداء أطلت برأسها من الباب العريض بفعل التذبذب الحاصل إزاء كيفية التعاطي مع هذا الملف.«التجارة» حذّرت الجمعيات والأسواق المركزية والبقالات من رفع أسعار السجائر، وإلا فإن المخالفة بانتظارها، في حين لم يتم التطرق بالوجه المطلوب للوكلاء الذين مضوا في قرارهم، وكأن شيئاً لم يكن، ما جعل الجمعيات وأخواتها في حيرة من أمرها، قبل أن تحسم قرارها لاحقاً بالتوقف النهائي عن بيع الدخان تجنباً للخسائر أو المخالفة.هذا التوقف القسري، فتح المجال واسعاً أمام باعة وتجار «مستترين» يجيدون فن اصطياد الفرص لتعظيم الأرباح والإيرادات، ليبيعوا السجائر بأسعار أغلى حتى بعد الزيادة التي أُقرت أخيراً، ليكتوي المستهلك وحده بـ «نارها»، وليبقى السؤال الأكثر أهمية، ماذا لو تحمس تجارٌ ووكلاء آخرون لتكرار السيناريو نفسه مع سلعة أخرى؟!
اقتصاد
الاقتصاد والناس
المستهلك... ونار السجائر!
| محمد الحايك |
11:46 م