في بريطانيا قبل قرابة ثمانية أعوام، التقيت بمسؤول حكومي في أحد الفنادق ودار حديث ودي بيني وبينه، ووجهت بعض النقد تجاه سوء إدارة مؤسساتنا وكان رده: «تركي أنا ما أقبل على الحكومة»!ووضحت له الفرق بين النقد والوطنية... فتفهم، لكن لك أن تتخيل وضع كل مسؤول يقرأ المقالات التي نكتبها: كيف سيكون انطباعه؟تذكرت هذا الموقف عندما التقيت المسؤول نفسه في إحدى المناسبات. وبما أنني سأشارك كمتحدث في مؤتمر ومعرض الكويت الثالث للمسؤولية الاجتماعية الذي سينعقد في 21 - 22 فبراير الجاري، أحببت أن أبين العلاقة بين الشعور بالوطنية والنقد المباح، حسب المعمول به مؤسساتيا.على المستوى الديني كمسلمين، نتذكر قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - «رحم الله إمرءا أهدى إلي عيوبي». وعلى المستوى المؤسساتي ذكر كبار الباحثين في علم الإدارة وتحديدا الإدارة الإستراتيجية منها «إن أخطاء اليوم... هي إستراتيجية الغد، بمعنى أنه من الأخطاء المرصودة حاليا? نحدد الإستراتيجية اللازمة لعلاجها في الغد».وعلاقتها بالعمل المؤسسي، خصوصاً المسؤولية الاجتماعية والتي تحدثنا عنها في مقال سابق معنون بـ «ضياع المسؤولية الاجتماعية» CSR. إن المسؤولية الاجتماعية تتحدث عن ما يؤرق المواطن والمقيم في ما يخص الخدمات والإجراءات الإدارية وطبيعة إدارة المؤسسات لدينا وإنه واجب على كل قيادي وضع الحلول لها طوعيا.إذن? نحن بصدد تسليط الضوء على مكامن الخلل ونعرض الحلول المناسبة، فإن أحسنت فمن الله? وإن أسأت فمن نفسي والشيطان.وللتدليل? عندما كنت أعمل مستشاراً، كنت أحضر اجتماعات تضم قياديين وتعرض المشاكل ويتباحث الحضور حول الحلول المناسبة لها... ونحن هنا نعينهم على هذا ومن دون مقابل، وعوضا عن توجيه الشكر? نجد البعض يتخيل له إننا معارضون! كيف وعلى أي أسس؟نحن يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي، نفعل المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقنا ككتاب رأي ومختصين بالقيادة والإدارة، ونعرض ما يؤرق كاهل المواطن الكويتي ونحاول جاهدين الخروج بحلول قد تحتاج إلى تنقيح معين لتصبح بعدئذ حلولا قابلة للتنفيذ بشكيل فوري.الزبدة:لنفهم إن أي فرد ينتقد أداء مؤسساتنا وقيادييها، إنما هو فعل المسؤولية الاجتماعية، واستشعر الحس الوطني المفروض الأخذ به تأسيا بقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو سلوك محمود متبع يحرص على تطبيقه المعنيون بالإدارة في وقتنا الحديث.حتى البروفسوران البريطانيان قوفي أند جونز من جامعة لندن العريقة، في بحثين لهما نشرا في عامي 2000 و2006 وأكدا أهمية اعتراف القيادي بنقاط الضعف لديه، ومن ثم فالنقد هنا يعد نهجا مردوده طيب على متلقي الخدمات والقيادي المسؤول عن تقديمها، وبالتالي يتدارك الأخطاء عبر صياغة إستراتيجيات تصحيحية.نريد من الجميع أن يفهم الفرق بين مفهوم «الوطنية» و«النقد» وتجاوز الخلط بين الكلمتين، حيث يبدو لنا ان هناك لبساً في الموضوع، ولذلك وجب علينا توضيح الأمر لأصحاب القرار من قواعد ثابتة على مر التاريخ القديم منه والحديث... الله المستعان.terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi