يسّر الله تعالى لي زيارة بعض الإخوة المحكومين في قضية دخول المجلس، وممّا سرّني ما وجدته لديهم من عزيمة قوية، وإرادة صلبة، وثقة بالله كبيرة بتفريجه لكربتهم.إلا أن المنظر المحزن الذي آلمني كثيرا، هو رؤيتي لبعض الفتيات الصغيرات - واللائي كن في عمر الزهور - وقد اجتمعن مع أمهاتهن وقريباتهن، في صالة الانتظار قبل تسلم تصريح الدخول لزيارة ذويهم من المحكومين في القضية نفسها.آلمني أن هؤلاء الفتيات الصغيرات لم يعتدن على التواجد في مثل أجواء السجون والمعتقلات. فقد اعتدن على الاجتماع في زيارة العائلة الأسبوعية، أو في رحلات التنزه، أو السفرات الجماعية، لكني أجزم بأنهن لم يدُر في أذهانهن يوما، أن يكون اللقاء في المؤسسات الإصلاحية.إنها تجربة جديدة في حياتهن - وهي كذلك مريرة - وأعتقد بأنها لن تُمحى من ذاكرتهن.ومما يزيد الألم والمرارة، أن من جئن لزيارته لم يرتكب جريمة قتل، أو اعتداء على الأعراض، أو كان مختلساً للأموال العامة أو الخاصة، أو أنه هدد أمن بلده أو استقرارها.وإنما هم مسجونون بسبب حادثة لم يخططوا لها مسبقاً، ولم يقصدوا الإساءة فيها إلى أوطانهم أو إلحاق الأذى بأي مخلوق.الكل يعلم أن قضية دخولهم للمجلس صاحبتها أحداث سياسية، عصفت بالبلاد، ثم تلتها مصالحة، أدّت إلى تهدئة الأجواء.لقد صدرعلى المتهمين في القضية حكم البراءة في محكمة أول درجة، ثم جاءت أحكام الإدانة على معظمهم في محكمة الاستئناف.وقد نفّذ معظمهم الحكم، والكثير منهم مضى على سجنه أكثر من 70 يوماً.لكم أن تتخيّلوا أوضاع ما يقارب من 70 أسرة قد تشتت شملها، وفارقت أحبابها، تأملوا وضع الأمهات التي حيل بينها وبين فلذة كبدها، وحالة البنت التي حرمت من تواجد والدها، تاج رأسها وعمود بيت عائلتها الذي يجمع شملها، تأملوا حال الزوجات والأخوات.إنها بالفعل صدمة قاسية على هذه العوائل الكريمة من أبناء هذا الوطن.لقد عُرِفنا في الكويت بروح العفو والتسامح، وليس أدل على ذلك من تجاوزنا عن الغزو الغادر لبلادنا، والمصالحة مع جار الشمال.وها هي الكويت تعقد هذه الأيام مؤتمرا لتعمير العراق، ذلك البلد الذي غزانا أبناؤه واحتلوا أراضينا. أليس من باب أولى أن نتجاوز عن أبناء وطننا؟ والذين لا يضمرون إلا كل الحب والوفاء لهذا الوطن.هناك مقترح لقانون «العفو الشامل» والذي سيتقدم به بعض أعضاء مجلس الأمة من أجل العفو عن المحكومين في قضية دخول المجلس. وكلّنا أمل في أن يتم إقراره في مجلس الأمة، وأن يسجل التاريخ لنواب المجلس الحالي حرصهم على جمع شمل الأسرالكويتية التي تشتتت، وخطوتهم العظيمة في تحقيق إنجاز مشرف يُسجل في صفحات حياتهم، وأن يكون العفو الشامل خطوة كبيرة نحو استقرار البلاد، وزيادة الترابط بين أبنائها، خصوصاً أننا نعيش في عالم مضطرب، وإقليم ملتهب، يحتاج أن نقف صفّا واحدا لمواجهة تحدياته.فاللهم اجعله فَرَجاً قريبا لإخواننا المحكومين في القضية، وأقر بذلك أعين الوالدين والأبناء، والزوجات والأخوات، اللهم آمين.Twitter: @abdulaziz2002