أكد وزير المالية الدكتور نايف الحجرف، أن الموازنة العامة تقوم على 3 ركائز تشريعية، إحداها المرسوم بالقانون (50 /‏1987) وتعديلاته، والذي أتاح للحكومة الغطاء التشريعي للاقتراض كلما دعت الحاجة، معتبراً أنه أصيب بالعطب مع انتهاء مدة القانون في أكتوبر الماضي.وفي لقاء مع برنامج «راي وراي» على شاشة تلفزيون «الراي» مساء أول من أمس، أكد الحجرف أن الدفع بقانون طلب الإذن باقتراض 25 مليار دينار إلى المجلس لا يعني أن الحكومة ستلجأ للاقتراض غداً، وتستهلك الملبغ بالكامل.وقال «اليوم يجب أن نفكّر في الاستدامة، فالاحتياطي العام وصل إلى مرحلة قد يتآكل بشكل سريع جداً، وعدم إقرار قانون الإذن للحكومة بالاقتراض، يجعلنا أمام خيار واحد فقط، هو الاحتياطي العام ما سيؤدي إلى استنزافه، إذ قد يغطي عجوزات العامين الحالي والمقبل، وقد نضطر بعد ذلك إلى تسييل أصول قد لا تكون أيضا قابلة للتسييل».وأكد الحجرف أن الاقتراض يأتي لحماية الاحتياطي العام وللحفاظ على التصنيف الائتماني، وتمكين البنك المركزي من ممارسة دوره في الحفاظ على دعم العملة، فلا يجب التخوف من الأمر كونه يأتي في إطار حماية المالية العامة للدولة، وتوسيع منطقة الأمان بين تمويل الميزانية واحتياطي الأجيال القادمة، وفق عمليات الاقتراض الحصيف والمدروس.وشدّد الحجرف على ضرورة تغيير مفهوم استهلاك الثروة إلى صناعة الثروة وتنميتها، مبيناً أن الحكومة تبدأ بنفسها قبل الذهاب إلى المواطن عبر ضبط الهدر الحكومي، كاشفاً أن تقديرات الميزانية للعام 2018/‏2019 جاءت من الجهات الحكومية بقيمة 26.7 مليار دينار، وهو ما عملت الوزارة على تخفيضه بـ 6.7 مليار دينار دون التأثير على الرواتب والدعوم وبنسبة صحية للإنفاق الرأسمالي، مقابل ضبط شديد للإنفاق الحكومي ووقف للهدر.وبيّن أن هناك عملية قادمة لإعادة توجيه الدعوم، خصوصاً وأنها تذهب حالياً للمستحق وغير المستحق، بينما تعريفها ينصب حول ضمان الحياة الكريمة وفق شبكات الضمان الاجتماعي لمن يستحق، فدعم العمالة يصرف لمن يتقاضى 20 ألف دينار، وكذلك لمن يتقاضى ألفاً فقط ما يتطلب إعادة نظر ليوجه الدعم لمستحقه.ولفت إلى أن التموين يصرف للكل وأن وزارة الداخلية تسمح بـ 4 خدم على الإقامة للمواطن والخامس والسادس تدفع عليهم رسوماً تصاعدية، فيما تجد أن البطاقة التموينية للبعض متضمنة 30 خادماً وهو أمر غير منسجم وفيه تكلفة.وأكد أن بعض الضبط لا يمس بالمستحقين للدعم، مع المحافظة على الحياة الكريمة للمواطن، والمحافظة على شبكات الضمان الاجتماعي، وإعادة توزيع الدعوم لمن يستحق فعليا، ما يحتاج إلى فكر ورؤية واضحة ومشاركة مع الإخوان في مجلس الأمة، ومشاركة مع المواطنين في ظل إيماننا بالشفافية. ونوه بأن الدولة لديها مشروع بإعادة تقديم مشروع بقانون بديل لمرسوم (31/‏1978) الذي ينظم قواعد إعداد الميزانية والرقابة عليها، حيث مر عليه 40 عاماً، ونحن في 2018 نستحق قانوناً حديثاً يواكب أفضل الممارسات في المحاسبة الحكومية.وفي ما يلي نص اللقاء:

?  ما أسباب الدفع بقانون طلب الإذن باقتراض 25 مليار دينار إلى مجلس الأمة؟- في البداية نؤكد أن الأمر لا يعني أن الحكومة ستلجأ للاقتراض غداً وتستهلك الـ 25 مليار دينار بالكامل، ويجب أن نشير إلى أن الميزانية العامة للدولة ترتكز على 3 دعائم تشريعية، الأولى هي قانون رقم (1/‏1960)، والمعدل بالقانون رقم (31/‏1978) في شأن قواعد إعداد الميزانية والرقابة عليها، والذي يُعنى بتحديد نظام وإطار الميزانية العامة للدولة.ولدينا أيضاً الدعامة التشريعية الثانية، والتي تتعلق بقانون احتياطي الأجيال القادمة، والذي حدّد آلية الاستقطاع من الإيرادات السنوية، أما الدعامة التشريعية الثالثة فهي المرسوم بالقانون (50/‏1987) وتعديلاته، والذي أتاح للحكومة الغطاء التشريعي للاقتراض كلما دعت الحاجة.ونلفت أيضاً إلى أن مدة هذا القانون المحددة بـ 20 عاماً انتهت في أكتوبر 2017، ما يعني تعطل أداة من المنظومة التشريعية التي تحكم إطار الميزانية ومالية الدولة.ومن هنا، فإن مرسوم الإذن بالاقتراض ليس بدعة، خصوصا وأن المادة رقم (136) من الدستور نصّت على أن للدولة حق الاقتراض، ولكن بقانون إذ تحسب المشرعين عند وضع الدستور لفترة قد تضطر الدولة فيها إلى الاقتراض من خلال إصدار سندات سيادية، وبالتالي نظّمت كمادة صريحة في الدستور.?  مَن الذي يقترض أو يصدر السندات؟- إن وزارة المالية ليست من يصدر السندات، فالمصدر هو «الاحتياطي العام» الذي يكون من وفورات السنوات الماضية، وقد تم توكيل إدارته وتنميته إلى الهيئة العامة للاستثمار، بما يمثل منطقة الأمان بين متطلبات وزارة المالية لتمويل الميزانية بمصروفاتها ومشاريعها، وما بين احتياطي الأجيال القادمة لكي لا نلجأ إليه، خصوصاً وأنه لا يُمس إلا بقانون.?  ما دور الاحتياطي العام خلال الفترة الماضية؟- نشير هنا إلى أن الاحتياطي العام موّل جميع التزامات الدولة التي تأتي خارج بنود الميزانية، إذ تصدر قوانين وتغطّى تكاليفها منه، كما غطى العجوزات في 2014 /‏2015 بنحو 2.7 مليار دينار، وفي 2015 /‏2016 بنحو 5.9 مليار دينار، وفي 2016 /‏2017 بنحو 5.9 مليار دينار، منها 2.33 مليار اقتراض داخلي، وآخر خارجي بـ 2.440 مليار.?  إذا كيف تنظرون إلى عملية الاقتراض؟- لا ينظر إلى عملية الاقتراض بتمويل عجوزات، بكثر ما ينظر لها باستدامة، وعلينا اليوم أن نفكر في الاستدامة والمحافظة على الاحتياطي العام لفترة أطول والاستفادة منه، خصوصاً وأننا الآن في ظروف غير طبيعية ليس لنا دور بها لجهة انخفاض أسعار النفط وتأثيراته المباشرة.وحين نقارن الأوضاع، سنجد أن أعلى نقطة لأسعار النفط في الكويت كانت يوم 3 يوليو 2008، بحيث بلغ سعر البرميل الكويتي 136.57 دولار للبرميل، وأقل سعر وصل إليه في 20 يناير 2016 بنحو 19.4 دولار للبرميل، ما يشير إلى أن الانخفاض كان أكثر من 110 دولارات، ما يتطلب الاستشعار بالأسعار خلال رسم السياسة المالية، خصوصاً وأننا ملتزمون مع «أوبك» بإنتاج 2.8 مليون برميل يومياً، ولابد أن نحتاط في تعزيز وتقوية الاحتياطات العامة التي تمثل المصدات لنا، ومن هنا جاء موضوع قانون الإذن للحكومة بالاقتراض.?  لماذا لم يقدّم مشروع قانون بالاقتراض بالسقف القديم نفسه؟- كان متاح لدينا 10 مليارات في القانون القديم، ومع ذلك لم يتم استنفادها إلا بحدود 8 مليارات لجميع عمليات الاقتراض، خصوصاً وأن هناك حوكمة وإدارة حصيفة في الاقتراض، وقد بدأ التفكير فعلياً في 2015 وسط محاذير حقيقية في حال استمرار أسعار النفط بالانخفاض وتآكل الاحتياطي العام، الذي يمثل منطقة الأمان، وقد كتب وزير المالية الأسبق الشيخ سالم العبد العزيز الصباح عن الأمر، بضرورة التفكير في تمويل العجوزات بعيداً عن الاحتياطي العام، ومن قبل المرحوم الدكتور محمد السقا، الذي أكد الرأي نفسه، وكذلك اتحاد المصارف، ناهيك عن صندوق النقد الدولي.كما أن الهيئة العامة للاستثمار وبناء على تعليمات وزارة المالية، كُلفت بدراسة البدائل المتاحة للاحتياطي العام، وكان الإجماع على ضرورة المحافظة على الاحتياطي العام، والتفكير في بدائل لسد العجوزات، ما يتطلب أن يتم وضعه في خطة، وكان هناك لجنة للدين العام من وزارة المالية وبنك الكويت المركزي، والهيئة العامة للاستثمار، لتضمن الإطار التنفيذي لعملية الاقتراض، وأنشئت وحدة الدين العام في وزارة المالية، والتي تعنى بالتفاصيل الفنية الدقيقة، وما قدم من مشروع بقانون الـ 25 مليار دينار والمدة السنوية وفترة السداد.?  البعض يظن أن المبلغ سيستنفد بالكامل حال إقراره؟- بالتأكيد «ما راح أقدر حتى وإن احتجت»، فالأسواق لا يمكن أن تأتي حسب رغبتي دائماً، فسعر الفائدة يتغير دائماً، وفي حال الاتجاه نحو الأسواق فإن الأمر يتطلب معرفة أفضل وقت للدخول إليها، وهناك منافسون، وأنا لست وحيداً، ودخولي في الأسواق العالمية من عدمه يكون مدروساً بشكل كامل لجانب الحاجة، وسعر الفائدة، والوقت والمنافسين، ومن هنا لا يمكن أن أدخل اليوم بإصدار سيادي بـ 25 مليار دينار لأن السوق لا يمكن أن يلبي هذا الطلب.?  هل هناك خطة بديلة من «المالية» لو رفض مجلس الأمة طلب الاقتراض؟- إن عدم إقرار قانون الاقتراض يجعلني أمام خيار واحد فقط، وهو الاحتياطي العام، ما سيؤدي إلى استنزافه، فنحن نريد الاقتراض لحماية الاحتياطي العام، والحفاظ على التصنيف الائتماني، ولتمكين البنك المركزي من ممارسة دوره في الحفاظ على دعم العملة من خلال أدوات الدين، وأذونات الخزانة، التي يمارسها وفقاً لقانونه، ومن هنا لا يجب أن نتخوف من الاقتراض، فهو لحماية المالية العامة للدولة، وتوسيع منطقة الأمان ما بين تمويل الميزانية واحتياطي الأجيال القادمة.وفي حال لم يتم إقرار هذا القانون فالخيار الوحيد أمامي هو الاحتياطي العام الذي سيغطي عجوزات العام الحالي والمقبل، والذي قد نضطر بعده إلى تسييل أصول قد لا تكون أيضاً قابلة للتسييل.من واقع المسؤولية والقسم بحماية مصالح الشعب وأمواله، وأن نؤدي أعمالنا بأمانة وصدق، يجب أن نكون واضحين مع مجلس الأمة، ونؤكد أن الأمر مهم جداً، وهو ليس دور الحكومة فقط، إذ نعمل لاستدامة اقتصادية ومالية، ويجب أن نغير مفهوم استهلاك الثروة إلى صناعة الثروة وتنميتها.?  ما الذي حدث داخل اللجان النيابية ليشكك النواب في أرقام الحكومة؟- تكلمت مع النواب بشكل شخصي، وكان هناك بعض الملاحظات، ووجهت دعوة بأن نجلس ونرى، فدائماً نحن متهمون بأن أرقامنا ليست دقيقة، وبالتالي «نضع أرقامنا ويضعون أرقامهم»، وإما أن نقنعهم أو يقنعونا، فنحن في نهاية المطاف فريق واحد، وإن تباينت الاراء، فنحن نهدف لتحقيق الصالح العام للكويت وخدمتها.وأشير هنا أيضاً إلى وجود دعوة نيابية بضرورة استفادة الدولة من الأرباح المتحجزة لدى الجهات الحكومية ذات الميزانيات المستقلة، وقد طلبنا شهراً للإجابة عنها، ومن ضمنها المبالغ المحتجزة في الجهات الحكومية.ونشير إلى أن «المركزي» و«الصندوق الكويتي للتنمية» و«التأمينات» يعاد استثمار أرباحهما بقوانين، أما الجهات الأخرى فقد احتفظت بأرباحها بناء على قوانين باعتماد حساباتهم الختامية الصادرة من مجلس الأمة.وننوه هنا بأن القطاع النفطي، على سبيل المثال، لديه مشاريع تطويرية طموحة بمئات المليارات، وبالتالي يحتفظ بـ 14 إلى 15 مليار دينار لمقابلة هذه الالتزامات التطويرية المهمة والمطلوبة، فأسس الاحتجاز هي قوانين صدرت من مجلس الأمة وبالتالي «المؤسسة» أو «المركزي» أو غيرها احتفظت بأرباحها بناء على اعتماد حساباتها الختامية داخل المجلس.?  كيف تكون المصروفات 20 مليارا والإيرادات 15 ملياراً والعجز 6.5 مليار؟- الـ 20 ملياراً هي المصروفات الفعلية، والـ 15 ملياراً هي الإيرادات النفطية وغير النفطية، وهناك 10 في المئة لاحتياطي الأجيال القادمة الذي يجب أن يحتسب لتبلغ نحو 1.5 مليار مع الالتزامات، ما يجعل العجز بعد احتساب احتياطي الأجيال 6.5 مليار دينار، و5 قبل احتساب الاحتياطي.?  هل مازالت وثيقة الإصلاح ضمن الأولويات؟- الوثيقة موجودة، وكان هناك فريق لإعادة مراجعتها، وبذل جهداً كبيراً في ذلك الشأن، والمحاور ما زالت قائمة، وتتضمن 3 محاور غير الإصلاح المالي، موزعة على جهات الدولة.?  ولكنكم لجأتم إلى جيب المواطن برفع أسعار الكهرباء وخلافه؟- نشير هنا إلى أن الارتفاع الذي حصل سابقاً لم يواكبه أي ارتفاع آخر ووقف عند ذلك الحد، وهناك عملية مقبلة لإعادة توجيه الدعوم التي تذهب اليوم للمستحق وغير المستحق ما يمثل تكلفة عالية على الدولة، بينما يأتي مفهوم الدعوم بمفهومه الرئيسي لضمان الحياة الكريمة وفق شبكات الضمان الاجتماعي لمن يستحق.وعلى سبيل المثال، يصرف دعم العمالة لكل من يعمل في القطاع الخاص، سواء كان راتبه ألفا أو 20 ألف دينار، ما يتطلب إعادة نظر ليوجه لمستحقه، كما أن التموين يصرف للجميع، ووزارة الداخلية تسمح بأربعة خدم على الإقامة، والخامس والسادس يدفع عليهم رسوماً تصاعدية.من جهة أخرى، تتضمن البطاقة التموينية للبعض 30 خادماً، وهو أمر غير منسجم ويؤدي إلى تكلفة باهظة، ومن هنا يجب علينا القيام ببعض الضبط بحيث لا يمس بالمستحقين للدعم، والمحافظة على الحياة الكريمة للمواطن الكويتي، والمحافظة على شبكات الضمان الاجتماعي، وإعادة توزيع الدعوم لمن يستحق فعلياً، ما يحتاج إلى فكر ورؤية واضحة ومشاركة من أعضاء مجلس الأمة، ومشاركة من المواطنين في ظل إيماننا بالشفافية.ونحن اليوم نبدأ بانفسنا كحكومة في ترشيد الإنفاق وفق فلسفة مختلفة في تطبيق ومتابعة الميزانية للسنة المقبل، وسيكون لنا لقاء مع جميع الوكلاء المساعدين المختصين الشؤون المالية، لشرح المحددات الجديدة والضوابط التي سنعمل على تنفيذها لضبط الإنفاق الحكومي، وسنطبق ما هو متبع في القطاع الخاص، على أن نقدم حساباً كل 3 أشهر لكي نكون على اطلاع بشكل مستمر على أي فروقات.? هل لديكم مشروعات أخرى بشأن الموازنة؟- لدينا مشروع لإعادة تقديم مشروع بقانون بديل لمرسوم (31/‏1978)، الذي ينظم قواعد إعداد الميزانية والرقابة عليها، الذي مر عليه 40 عاماً، إذ إننا في العام 2018 نستحق قانوناً حديثاً يواكب أفضل الممارسات في المحاسبة الحكومية، ويساعد وزارة المالية على ضبط الإنفاق مع فرض نوع من الرقابة المحكمة على الجهات الحكومية بالدرجة الأولى، وأكرر هنا أن الإنفاق وضبط الهدر يجب أن نبدأ فيه بالحكومة قبل أن ننتقل به إلى المواطن.?  كيف تنظرون إلى الانطباع الشعبي بأن الفساد سبب رئيسي في عجز الكويت الحالي؟- لا يمكن أن نسمح بفساد أو تعدٍ على القانون أو المال العام، ولكننا نعمل ضمن منظومة قانونية قضائية تشريعية، ومن خلال منظومة مؤسسية لتحقيق الأهداف التي نطمح لها، ولكن نشدد هنا على أنه يجب أن نبدأ بأنفسنا في الحكومة، والتركيز يجب أن ينصب بالدرجة الأولى على وقف وضبط الهدر بالإنفاق الحكومي، وتنمية الإيرادات غير النفطية وتحفيز القطاع الخاص للقيام بدوره المنشود لخدمة الاقتصاد الوطني ودعمه، ونحن اليوم نستكمل العمل الذي تم في السابق، وسنسلمه لمن يأتي بعدنا لاستكماله، خصوصاً وأن خدمة الكويت ليست مقتصرة على فترة معينة بحد ذاتها.? هل نعيش اليوم في الأيام الأخيرة من دولة الرفاه؟- نحن نعيش تحديات حقيقية إذا لم تعالج بشمولية ونظرة مستقبلية، فقد نجد في يوم من الأيام أننا أو ابناءنا أو الجيل التالي لهم سيدفعون ثمن عدم المعالجة الحقيقية، وبالتالي نحن لا نقلل من التحديات والاختلالات الهيكلية الموجودة اليوم في الميزانية، ولا من تأثير الاعتماد على مصدر وحيد للنفط، إذ إن الأسعار الحالية تعد خير شاهد على تباين الإيرادات، كما أننا لا نقلل من ضرورة الأخذ بالإصلاحات الاقتصادية التي لا تقتصر مسؤوليتها على الحكومة والمجلس بل تشمل المجتمع أيضاً.?  هل تعاكس التقارير العالمية بشأن الكويت ومستويات دخل الفرد وغيرها ما تعيشه الحكومة من واقع العجز؟- لابد أن نفرق بين حساب الأرباح والخسائر والميزانية، فالأرباح والخسائر تعني الإيرادات ناقص المصروفات، ليظهر وجود عجز أم فائض وهو نتيجة عمل السنة، ولكن الميزانية تتضمن كل الأصول والالتزامات ونشدد هنا على أنها قوية جداً في الكويت، ومن هنا يجب أن نفصل بين أداء سنوي يأتي بعجوزات حقيقية وبين الميزانية.ونشير هنا إلى أن تقرير «ستاندرد أند بورز» عن الكويت، حافظ على التصنيف السيادي «AA» بنظرة مستقبلية مستقرة، وذكر أننا نتمتع باحتياطيات كبيرة وأصول قوية جداً، ولكنه ذكر أيضاً أن عمليات الإصلاح الاقتصادي تسير ببطء، وطالب بضرورة تسريع وتيرتها في الفترة المقبلة، ونستطيع هنا أن نلوم الحكومة على هذا الأمر.?  هل يعد هذا الاعتراف بمثابة إقرار ببطء إصلاحات الحكومة؟- اذا كان الموضوع يتعلق بتشريع، فلا يمكن أن نقيّد السقف بالتشريع لأنه محدد بشكل دستوري، كما أن مجلس الأمة هو الجهة المعنية الوحيدة بإصدار التشريع، ولكننا نشير هنا إلى أن ما يقع في إطار مسؤوليات السلطة التنفيذية نقوم فيه، والدليل على ذلك هو تخفيض المصروفات الحكومية بـ 6.7 مليار دينار، والذي يأتي ضمن حزمة أخرى يجب أن تقوم بها الحكومة.?  أتوافق على القول بإن الصندوق السيادي عبارة عن صندوق أسود لا يمكن معرفة تفاصيله؟- إن هذا الأمر يعرض ضمن الحالة المالية للدولة بكل تفصيلاتها في جلسة سرية بمجلس الأمة، لاعتبارات كثيرة، ويحدث الأمر مرة كل سنة، ونخن هنا نؤكد متانة الميزانية، وأن الصندوق السيادي قوي ومتين، ويشكل حقاً مكتسباً للأجيال القادمة.?  كيف تنظرون إلى ضريبة القيمة المضافة؟- لا بد من التنويه بأن الاتفاقية الخليجية لفرض ضريبة القيمة المضافة والانتقائية، كانت قد أقرت في المجلس الأعلى خلال 2016، على أن تدخل حيز النفاذ في بداية يناير الماضي وهو ما لم يحدث إلا لدى السعودية والإمارات.وفي الكويت الجميع يعلم الإطار الدستوري الذي نعمل من خلاله، إذ إن أي اتفاقية تبرمها الدولة يجب أن تخضع لموافقة مجلس الأمة قبل العمل بها رسمياً، ونكشف هنا أنه تم إرسال الاتفاقية إلى المجلس ودراستها في لجنة الشؤون الخارجية، وتحويلها إلى اللجنة المالية للنقاش، ولكن حتى اليوم لم تستدع الحكومة لمناقشة الاتفاقية.?  نرى أن حماسك للضريبة ليس كقانون الاقتراض لماذا؟- في الخارج ندفع الضريبة وفق أنظمة ضريبة متعددة، ولا ننكر أن هذا المفهوم غير واضح في المجتمع الكويتي، ونحن دولة تكفل حياة للمواطن، ومن هنا فإن تثقيف أفراد المجتمع حول القضية يحتاج إلى بعض الوقت، ونحن نتكلم الآن عن القيمة المضافة والجيل السابق لنا قد لا يعرفها، ومن الممكن أن يبدأ أولادنا بدفعها في الفترة المقبلة.وأؤكد أننا لا نثير الموضوع في نقاش قبل أن نستكمل إجراءاتنا الدستورية، ومازلنا في الخطوة الأولى قبل أن يصادق المجلس على الاتفاقية والتي لم نستدع لنقاشها، وبالتالي إذا ما أقرها، سنذهب حتماً إلى إطار تنفيذي داخل السوق.ونؤكد هنا أن الضريبة تتمتع باستدامة مالية، لأنها توفر مورداً ثابتاً للمالية العامة بعيداً عن اضطرابات النفط، ولكي نكون واقعيين حتى إقرارها، فإن هذا الامر يجب ألا يشغلنا عن الاستفادة من عامل الوقت في إصلاحات اقتصادية يجب تنفيذها وتأتي بفائدة مباشرة على الجميع.?  ماذا عن زيادة الرسوم؟- إن الموضع ليس زيادة رسوم، إذ اننا نراجع الرسوم وأسعار الخدمات، والهدف هنا ليس جباية أو فرض رسوم لأجل الرسوم، بل لأنه لدينا خدمات مترهلة لا نرضى بها في الكويت، وقطاع حكومي متخم، وبالتالي من المطلوب تحسين كفاءة الأجهزة الحكومية وبنيتها، وتقديم خدمات تنال رضا المواطنين.? إلى متى، سنعاني من الاختناق المالي؟- إن الاختناق المالي الذي نعيش فيه ليس مبنياً على انخفاض أسعار النفط فقط، فهو منظومة متكاملة، ونشير هنا إلى أنه بعد منذ التسعينات كان هناك مناداة بإصلاحات حقيقية للاختلالات الهيكلية.ونحن هنا نريد النظر إلى المستقبل، وعلينا مواصلة جهود الإصلاح الحقيقية، ومنح دور أكبر للقطاع الخاص ودعم المنتج وخصوصاً الفعال منه، وخلق فرص عمل حقيقية وقيمة مضافة للناتج القومي الإجمالي.ولا بد من التنويه بأن هذا الأمر مرتبط بأسعار النفط، لأن المورد الأساسي للدولة هو النفط الذي يرتبط بالإنتاج والسعر ونحن لا نستطيع زيادة حصتنا السوقية نظراً لالتزامنا باتفاق «أوبك».?  ما رسالتك لعموم أفراد المجتمع وأنت بصدد طرح برنامج الاستدامة؟- كل الجهود التي تبذل هي من أجل المحافظة على الاستدامة، واستقرار الأوضاع الاقتصادية التي يستفيد منها المواطن في النهاية، فالشعب الكويتي مبادر وليس بخيلاً عندما يتعلق الأمر بالكويت، وبالتالي فإن المصلحة العامة اليوم تتطلب أن نكون واعين تماماً لما يواجهنا من تحديات، وأن نستثمر هذه التحديات لخلق فرص حقيقية، وأن نكون إيجابيين في تعاطينا مع هذه الملفات الساخنة والمستحقة.ونشير هنا إلى أن المعالجة لا يمكن أن تتم في ليلة وضحاها، ولكنها تستغرق وقتاً، والأهم هو البدء مع ضبط المصروفات الحكومية.

أسئلة النوابصفاء الهاشم: هل يمكن أن تعطينا إجابة واضحة حول وجود قائمة بالاستثمارات المسمومة التي مازالت الكويت تمتلكها، ولماذا لم يتم تزويد اللجنة المالية بها؟ وهل يمكن شرح القيمة الكاملة لهذه الأصول عند الشراء بعد خسائرها، ولماذا تم الاحتفاظ بها، وكم قيمتها الحالية؟- الاستثمارات المسمومة هو مصطلح ظهر بعد الأزمة المالية، ويعبر عن الاستثمارات في المؤسسات المالية والاستثمارية، التي تكون معدلات الدين مقابل أصولها عالية، وبالتالي هناك ديون شبه معدومة لا يمكن الحصول عليها بما يؤثر على الكيان، وقد وعدت صفاء الهاشم بأن أرى المعلومة وأزودها فيها إذا لم يكن هناك مانع دستوري بالأمر.الحميدي السبيعي: ما يحدث في الشركة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات، والتي ليس من اختصاصها نيل مشاريع تقنيات معلومات وبرمجيات، وقد أنشئت لغرض أكبر، ولكنها تأخذ مشاريع أصبحت جسر عبور للفساد؟- وعدت النائب بالنظر في الأمر، وأؤكد أن مظلتنا هي القانون وحماية المال العام، وهو واجب نتشارك فيه، ونشير هنا إلى أن إثارة الموضوع يعد حرصاً على حماية المال العام.