كثير مما نشاهده في الواقع هو مجرد خداع... فليس كل ما يلمع ذهباً! هذا هو المحور الرئيس الذي تدور حوله مسرحية «نهيق الأسود» التي عرضتها فرقة المسرح الكويتي، أول من أمس، على مسرح الدسمة، في إطار الأنشطة الإبداعية لمهرجان القرين الثقافي الذي أُسدلت الستار على فعاليات دورته الـ 24 أمس. «نهيق الأسود»، التي أُعيد عرضها مجدداً لجمهور المهرجان، سبق أن قُدمت ضمن مهرجان «ليالي مسرحية كوميدية» في نسخته الثانية، كما عُرضت في الدورة الثامنة من «المهرجان المسرحي لشباب دول مجلس التعاون الخليجي» في دولة قطر، حيث حازت ثلاث جوائز هي أفضل عرض متميز وأفضل ممثل دور أول إلى جانب أفضل ممثل متميز، وهي من تأليف مشعل الموسى، وإخراج عبدالمحسن القفاص، وجسد شخصياتها مشعل العيدان، محمد طاحون، محمد عاشور، شملان المجيبل، ميثم الحسيني ومصطفى محمود. المسرحية اجتماعية تدور أحداثها في أجواء كوميدية، وهي تعتمد على الرمزية (وفقاً لعنوانها)، فالأحداث تبدو بسيطة للوهلة الأولى، غير أنها سرعان ما يتبين أنها تشير إلى قضايا أكبر وأعمق، عن طريق إسقاط إشارات على الواقع الذي نعيشه، ولو من خلال الضحك. تتحدث المسرحية عن رجلين يعيشان في قرية، أحدهما صاحب ديك، والآخر صاحب حمار، الأول منزعج بشدة من نهيق الحمار، والآخر متضايق بدوره من صياح الديك، وبعد مرور وقت اتفق صاحب الديك مع أحد الدلالين (جسد دوره شملان المجيبل) من أجل قتل الحمار، لكنه يُفاجَأ بعد قتله للحمار بأنه قد تحول إلى أسد، وبدأ يصدر زئيراً، وانتشر الخبر وشاع داخل القرية بأن ذلك الحمار قد كان مبروكاً، ولهذا يجب إكرام صاحبه الذي أصبح بعدها هو الآمر الناهي... وتمضي الأحداث إلى أن يتضح في النهاية أن كل ما حصل هو مجرد اتفاق مسبق تم ترتيبه بين صاحب الحمار ورئيس الشرطة، الذي يمثّل السلطة، ومساعده الشرطي، لكي يحصل الأول على السلطة، بعدما استطاعوا إيهام شعب القرية بتصديق قصة أن الحمار تحول بالفعل إلى أسد، وأنه كان مبروكاً! العرض يلقي الضوء على بعض الناس الذين تكون لهم مصلحة في تشويه الحقائق والعبث بها من أجل تضليل الناس طمعاً في تحقيق مكاسب ومنافع شخصية، فهناك من يتلاعبون بعقول الناس باستخدام الدين، وغيرهم باستخدام العادات والتقاليد، وآخرون باسم الأمن... إلى آخر تلك الادعاءات التي تنتشر في البلاد التي تعاني الاستبداد، وهو الأمر الذي تتكئ عليه المسرحية لتدعو الناس إلى الانتباه جيداً لما يجري حولهم، وعدم الانخداع بكثير مما يجري أمامهم، فليس كل ما يلمع ذهباً، فالبعض يروِّج الضلالات عمداً بين الناس لمآرب شخصية!
فنون
قدَّمها المسرح الكويتي على خشبة «الدسمة»
«نهيق الأسود»... ليس كل ما نراه حقيقياً!
مشهد من المسرحية (تصوير طارق عزالدين)
04:49 ص