فيما أكد السفير العراقي لدى الكويت علاء الهاشمي، أن العام الحالي سيشهد الكثير من ملامح تثبيت واقع العلاقات العراقية الكويتية على المستوى العملي واعطاء نموذج مميز للعلاقة العربية العربية والجار لجاره، وسيكون هذا النموذج واعدا وحيا لكل دول المنطقة، أعرب عن تفاؤله بالنتائج التي سيحققها مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي تستضيفه الكويت فبراير المقبل.وأضاف الهاشمي في حوار مع «الراي»، ان الاستعدادات للمؤتمر جارية بين الكويت والعراق والوفود بدأت بلقاءات مشتركة، تمهيدا لعقده، وأرسلت الدعوات الى الكثير من الدول والمنظمات، مشيراً إلى أن التقدير الاولي للمبلغ المطلوب لاعادة الاعمار 100 مليار دولار، لافتاً إلى أن بلاده عملت ضد «داعش» نيابة عن كل الدول «وسمو الامير واع لهذا الأمر لذا استضاف مؤتمر الاعمار على نفقة الكويت».وفي الإطار الداخلي رأى أن «العراق اليوم هو رقم واحد و الاكراد اقتنعوا بالعراق الموحد وعاد العراق موحدا»، مشيراً إلى لجان مشتركة تعمل حاليا على تسليم مطار اربيل وتم تسليم مطار السليمانية الى سلطة الطيران المدني. وفي شأن علاقات بغداد الإقليمية، قال الهاشمي إن سياسة الدخول في محاور وتحالفات ضد دول اخرى ليست رغبة العراقيين وحكومتنا، مشيراً إلى أن «ايران تعرف مصلحتها وتعرف اقليمها المتواجدة فيه ومطلوب منها توضيح مواقفها»، داعياً قادة المنطقة إلى «وعي أهمية توحيد الرؤى والحوار دون الاحتكام الى لغة السلاح»، لافتاً إلى أن «للسعودية والعراق اليوم رؤية مشتركة لتعميق أواصر العلاقة الاخوية وفتح العلاقات التجارية والسياسية». وفيما يلي نص الحوار:

• كيف تصفون تطور العلاقات بين العراق والكويت؟- سأكمل خلال الاشهر القليلة المقبلة العام الاول على تسلمي مهامي كسفير للعراق في الكويت، ورأيت العلاقات بين العراق والكويت خلال هذه الفترة بأنها كورشة عمل مشترك بين البلدين يدعمها تأكيد القيادتين في البلدين وحرصهما على ترسيخ مبادئ حسن الجوار والمحبة والمودة والعلاقات الاجتماعية والديبلوماسية، والاسناد الشعبي والرسمي على المستويات كافة، وهذه المبادئ اصبحت مطبقة على أرض الواقع وابرز مثال عليها استضافة الكويت لمؤتمر دولي لاعادة اعمار العراق في فبراير المقبل، وهذا يعتبر علامة صحة ودلائل لعمق للعلاقات وترجمتها لخطوات عملية، والعام الحالي سيشهد الكثير من ملامح تثبيت واقع العلاقات على المستوى العملي بين البلدين، وإعطاء نموذج مميز للعلاقة العربية العربية والجار لجاره، وسيكون هذا النموذج واعدا وحيا لكل دول المنطقة.• كيف رأيتم الاستعدادات لعقد مؤتمر إعادة إعمار العراق؟- الاستعدادات جارية بين الكويت والعراق والوفود بدأت بلقاءات مشتركة تمهيدا لعقد المؤتمر، وهناك تواصل مستمر بين وزارتي الخارجية وايضا الامانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، حيث يتم التواصل مع المسؤولين في الكويت على كافة المستويات وابعاد كبيرة لتهيئة تفاصيل دقيقة يمكن للبلدين تجاوزها من خلال التعاون المشترك، كما ان الدعوات للمؤتمر بدأت، والكويت وجهت الدعوات بالتنسيق مع العراق وبعد توقيع الدول الخمس الراعية لهذا المؤتمر عليها، حيث ارسلت الدعوات الى الكثير من الدول والمنظمات، ومازلنا نترقب الكثير من ردات الفعل الايجابية بشأن المشاركة في هذا المؤتمر.• ما المبلغ الذي قدره العراق تكلفة لاعادة الاعمار؟- تقييم المبلغ المطلوب لاعادة الاعمار سيقدم الى الجانب الكويتي قريبا، والتقييم كان قائما على فكرتين، الاولى تقييم على الارض من جانب العراق، بالتعاون مع المنظمات الدولية، والثانية رصد الاضرار عبر صور الاقمار الاصطناعية لمنطقة الموصل والمناطق الاخرى، بعد خروج «داعش»، ومقارنة الصور الحديثة بصور قديمة قبل دخول التنظيم، ولكن العراق واختصارا للوقت تكفل بعمل الرصد الميداني وخرج بنتائج. كما قدمت الوكالة التي كلفت بالرصد تقريرها بهذا الشأن ايضا، وتبين وفق ذلك ان التقدير الاولي للمبلغ المطلوب لاعادة الاعمار تقريبا 100 مليار دولار قد يزيد أو ينقص، اما اذا دخلنا في التفاصيل من الاكيد انها ستكشف عن حاجة تزيد عن هذا المبلغ، لأن الاضرار ليست مادية فقط بل نفسية ومعنوية، ولكن هذا هو المبلغ الاولي الذي أعلن عنه الدكتور مهدي العلاق.ماذا عن آخر التطورات المتعلقة بالملفات العالقة بين البلدين ومنها ملف ميناء مبارك وملف خور عبدالله و ملف التعويضات؟ هذه الملفات مستمرة منذ سنوات واللجان الفنية المتخصصة بين البلدين مستمرة بالتواصل والانعقاد لوضع الحلول المناسبة لحلها بأقصى سرعة، ومعظمها حل وبقيت اشياء عالقة بسيطة، سيتجاوزها البلدان هذا العام. ملف التعويضات تم حله تقريبا، بينما ملف خور عبدالله سيأخذ وقتاً لحله لأن العراق بعد اجتيازه محنة الارهاب يستعد الآن لاعادة الاعمار، ولا يوجد لدينا وقت كاف لتكثيف كل جهودنا على قضية الخور، لأنها قضية سيادية وفيها خبراء دوليون وتحتاج الى جولات اخرى من المباحثات مع الجانب الكويتي والجانب الاممي، لكن النية موجودة.• كيف رأيتم التحالفات الانتخابية القائمة في العراق وما يقال من انها ستكرس المحاصصة الفئوية؟- التجارب الانتخابية التي سبقت اثبتت ان الطريق الديموقراطي متواصل ويحتاج سنوات حتى تصل الديموقراطية الى الاستقرار، لكننا تمكنا في العقد الاول من تثبيت مبادئ ديموقراطية قد تغيب عن المواطن العادي، ومنها: عدم وجود توريث، عدم وجود رئيس دائم الى الابد، والتأكيد على ان الحل الامثل هو وجود دورتين انتخابيتين، بالتالي كل هذه المبادئ ثبتت من خلال ممارسات ديموقراطية، ومن يتواجد على الارض الآن، هي الاحزاب الطوائف او الاقليات وهذا امر واقع في العراق اذ لا يمكن ان ننسلخ عن جلدنا، وللاكراد احزاب تمثلهم، وعلى الناخب ان يكون واعياً ويقرأ التحالفات والواقع السياسي وحاجة منطقته ومحافظته ثم يذهب للتصويت.العقد الثاني من الديموقراطية العراقية يشهد حركة تغيير باتجاه احلال جيل الشباب وكسب اصواتهم، بينما الوجوه القديمة بدأت تنحسر للدفع بالوجوه الشابة، وبالتالي هذا هو نتاج العملية الديموقراطية، هو نتاج ايجابي جدا بالمنظور البعيد لاجيال العراق ومستقبل العراق، أنا متفائل بأن هذه العملية الديموقراطية ستستمر واذا شهدت الانتخابات المقبلة تغييرات بنسبة 30 في المئة يعتبر هذا مكسباً. العراق يتجه الى تحرير اراضيه وضمان وحدتها والانتهاء من الحديث عن التقسيم، فالعراق اليوم هو رقم واحد والاكراد اقتنعوا بالعراق الموحد، وتجــاوزنا هذه المرحلة وهناك لجان مشتركة تعمل حاليا على تسليم مطار اربيل، وقد تم تسليم مطار السليمانية الى سلطة الطيران المدني، وعاد العراق موحدا. على الاحزاب ان توعي جماهيرها بالنظام الديموقراطي والانتخابي وبدستــــور العراق، وعليــــنا ان ننظر الى الايجابيات اكثر من السلبيات، خاصة ان لدينا الان أجندات كثيرة في الاعمار والتطوير وخلق بيئة للاستثمار، فالعراق لا يريد الدخول في محــــاور تؤثــــر على وضعه واستقراره في المنطقة، وسياسة الدخول في محاور وتحالفات ضد دول اخرى ليست رغبة العراقيين وحكومتــــنا، لان سيــــــاسة العـــــراق اليوم سياسة معــــتدلة تحافــظ على امن شعبها واستثمارها، وتطوير البنى التحتية والحفاظ على الاقليم ككل.• ما مصير عناصر «داعش» بعد العمليات العسكرية، خاصة وأن قلة اعدادهم دفع البعض الى وصف عمليات التحرير بأنها تمثيلية؟- الشعب العراقي فقد مئات آلاف الشهداء لتحرير ارضه وبلده واعادة اللحمة الوطنية، وينبغي على كل الدول شكر العراق الذي عمل في هذا المجال نيابة عن كل الدول، وسمو امير الكويت واع لهذه النقطة، لذا استضاف مؤتمر اعادة الاعمار على مسؤولية الكويت وعلى نفقة الكويت بالتعاون مع العراق.• وماذا بشأن الاتهامات بوجود تدخلات ايرانية وتركية في العراق؟- المنطقة كلها بأبعادها الجيوسياسية تغيرت، وتجربة «داعش» ادت الى تغييرات جوهرية في السياسة الدولية في المنطقة ككل وليس في العراق فقط، العراق كان اشارة النجاح الاولى التي دعمت الحلول في سورية وستدعمها في اليمن ولبنان وليبيا، لأن العالم اكتشف خلال المرحلة الماضية ان التحالفات التي حدثت قبل «داعش» و«القاعدة» ودخولها الى المنطقة بعد افغانستان لم تأت بنتيجة بل سببت الدمار والخراب لشعوب المنطقة، اما اليوم استراتيجية الدول العظمى والمهتمين في المنطقة، هي ايجاد حلول اكثر من الدخول في صراعات، العالم كله اليوم يتعرض للارهاب، ليس العراق وسورية فقط، بل اصبح الارهاب ظاهرة عالمية، لذا المنطقة كلها بتحالفاتها ورؤيتها السياسية تغيرت الان، واصبح هناك اتجاهات في المنطقة لايجاد توازنات جديدة يريد ان يدخل فيها العراق تهدف لاستقرار شعبه وتجنب الدخول في حروب جديدة، وعدم تعرض المنطقة الى تهديدات، ما يسيء للكويت يسيء للعراق وما يسيء لإيــــران يسيء للعراق، وكذلك ما يسيء لسورية يسيء للعراق وهكذا، لذلك موقفنا في حل الازمة السورية ايضا قائم على عدم دعم الجماعات الارهابية، وايجاد منصة للحوار العقلاني للحل السياسي.• هل هناك تأثير من تهديدات أميركا لإيران على تأخير عملية استقرار العراق؟- نحن نفصل بين العراق وايران لان كل دولة لها سيادتها، والصراع الاميركي الايراني موجود منذ قيام الثورة الاسلامية في ايران ولم يتوقف، لكنه يأخذ اشكالا مختلفة، كما ان ايران تعرف مصلحتها وتعرف اقليمها المتواجدة فيه، ومطلوب منها ان توضح مواقفها، والولايات المتحدة من خلال مصالحها في العالم متواجدة في اكثر الدول المحيطة بايران، ولا اعتقد بأن هذه التهديدات ستؤدي الى نتائج لم نعهدها منذ 30 عاما، ولا اتصور ان يكون هناك جديد خارج نطاق التوازنات الحاصلة بجهد كبير من قبل الاتحاد الاوربي وروسيا وتركيا وايران والعراق وغيرها من الدول، لذا على قادة المنطقة الوعي لاهمية توحيد الرؤى والجلوس على طاولة الحوار دون الاحتكام الى لغة السلاح.• كيف ترى علاقة العراق بالسعودية وتأثير الأزمة الخليجية عليها؟- العراق تجاوز في علاقته مع المملكة الكثير من الخطوط والنقاط التي كانت تضعف العلاقات، وللبلدين في تحركهم اليوم رؤية مشتركة لتعميق اواصر المحبــة والعلاقـــــة الاخـــوية وفتح العلاقــــات التجارية والســــياسية، كما ان الســـفــــير العراقــــي تم تعيــــينه في الرياض وقنصليات سعودية ستفتح في محافظات عراقية، وتم افتتاح اكثر من منفذ حدودي بين البلدين، كما ان حركة الحجاج العراقيين متواصلة، اضافة الى الربط السككي واعمال المجلس التجاري، والعلاقات انطلقت بشكل افضل مما كانت عليه سابقا.• كيف تقرأون الازمة الخليجية وتداعياتها؟- الكويت بذلت الكثير وما زالت تبذله بهذا الشأن، ونتمنى للكويت ولسمو الامير التوفيق، والعراق مستعد لتقديم ما يتطلب منه وهذا ما اعلنته القيادات العراقية في لقاءاتها مع سمو الامير، بأن العراق مستعد لتقديم كل ما يسهم في اذابة شوائب العلاقات الخليجية مع بعضها البعض، والعراق يمد يده لجميع الاخوة ونأمل ان يكون ساحة لاستثمارات الاخوة الخليجيين بكل اتجاهاتهم، حيث ان النوايا السليمة موجودة، والازمة القائمة ليست ازمة رئيسية وسيتم تجاوزها بحسن الظن والتعاون المشترك، وفتح قلوبنا لبعضنا البعض.

على الهامش

أسلوب المزايدة في الوطنية انتهى ومصير العراق والكويت واحد ومشتركقال السفير الهاشمي رداً على مدى تأثر العلاقات الكويتية العراقية بتصريحات أشخاص تصدر بين الحين والآخر في البلدين، إن العلاقات مع الكويت اساسية وراسخة وتسير في مسار متقدم وصاعد، واصوات النشاز التي تصدر من اشخاص هدفها الحياكة في الظلام، وبالتالي لن تؤثر هذه الاصوات على علاقاتنا المتينة، ونحن نعتبر ان الاساءة للكويت هي اساءة للعراق والعكس صحيح، وننصح من يحب الكويت واميرها بألا يسيء للعراق، ومن يحب العراق عليه الا يسيء للكويت، فالكويت والعراق مصيرهما واحد ومشترك، ومن يرد ان يصطاد في الماء العكر ننصحه بعدم فتح باب الفتنة، والفتنة نائمة لعن الله من ايقظها، قد تكون نوايا هؤلاء الاشخاص سليمة، لكن هناك من يستفيد منها ويوظفها للاساءة لعلاقات البلدين، لذا ننصح هؤلاء بتحكيم العقل، وعدم المزايدة على الوطنية في الكويت بالتهجم على العراق، لان هذه الاساليب انتهت، وكذلك الامر بالنسبة لمن يزايد على الوطنية في العراق من خلال الاساءة للكويت، ان امن وسلامة الكويت من امن وسلامة العراق وامن وسلامة العراق من امن وسلامة الكويت.تسهيلات للكويتيين لزيارة العراق أشار الهاشمي إلى أنه منذ اعادة افتتاح السفارة العراقية في الكويت، مددنا يد التعاون وقدمنا كافة التسهيلات اللازمة للاخوة الكويتيين سواء الراغبين في الزيارات الدينية الى العراق او الزيارات السياحية او التجارية والاستثمار، وهذه التسهيلات مازالت موجودة، والسفير لديه صلاحيات بتسهيل امور كثيرة لمن يرغب بزيارة العراق والاستثمار فيه، وأتمنى من الكويت ان تسهل في المقابل عملية دخول العراقيين الى اراضيها على المستوى الديبلوماسي وجوازات الخدمة واصحاب المصالح والتجار والوفود، وهذا من شأنه تعميق العلاقات وفتح آفاق ارحب للتعاون بين البلدين مستقبلا، خاصة عندما نرى ان مؤتمر اعادة الاعمار القادم سيفتح افق تعاون استثماري بين العراق ودول الاقليم والدول الاخرى، والابواب مشرعة ومفتوحة لها، لذا نتمنى ان يتم تسهيل شروط واجراءات اصدار التأشيرات الكويتية للعراقيين، لنرى الوفود العراقية السياحية وغيرها في الكويت.