يدخل لبنان مع الأسبوع الطالع وبخطى متباطئة المدار الساخن للانتخابات النيابية المقررة في 6 مايو المقبل، رغم استمرار الشكوك «الخفية» في إمكان إجراء هذا الاستحقاق في موعده، ربْطاً بـ «قطب مخفية» داخلية أو رغبات خارجية أو انطلاقاً من التحسب لمفاجآت متّصلة بالواقع الإقليمي المتحرّك.وتتزايد في بيروت التوقعات بارتفاع وتيرة التشنجات السياسية في انعكاسٍ لحماوة المعارك الانتخابية وإنضاج تحالفاتها على الساخن في الطريق إلى الاستحقاق المنتظر، وهو المحطة المفصلية التي ترتسم في ضوء نتائجها التوازنات داخل السلطة.وشكلت المواجهة الشرسة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري حول ما عُرف بـ «مرسوم الأقدمية» نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه المنازلات السياسية في المدة الفاصلة عن الانتخابات، إما بهدف عمليات إرهاق متبادلة قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع وإما بغية شدّ العصَب الشعبي.وبدا أن معركة «المرسوم» تتجه نحو «تنويمٍ» مرحلي بعدما قطع عون الطريق على أي مساومات في شأنه، من دون أن يعني ذلك فكّ الاشتباك بين الرئاستين، وخصوصاً في ضوء إمساك وزير المال المحسوب على بري بالقدرة «التعطيلية» في إطار الردّ، وهو ما برز حين لم يشأ توقيع مرسوم الترقيات وأعاده إلى وزارة الدفاع.ورغم ان كلاماً كبيراً يقال عن الأهداف «المبيتة» جراء «حرب المرسوم» كالسعي إلى محاصرة بري الذي لن يعطيه التيار الوطني الحر (حزب عون) أصواته في انتخابات رئاسة البرلمان بعد الانتخابات، فإن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي تجنب الحديث عن الأزمة بين حليفيه (عون وبري) شدّد على الوقوف ضدّ عزل أحد أو كسر أحد.وأكد نصر الله، في اطلالة له أمس، أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، ملاحظاً أن أحداً من القوى السياسية لا يرغب بتأجيلها، وداعياً للإقلاع عن الاتهامات المتبادلة في هذا السياق، ومتوقعاً ارتفاع منسوب الحماوة السياسية ربطاً بسعي القوى السياسية لتعزيز حضورها.وكان لافتاً ان نصر الله أثار في إطلالته قرار إسرائيل بإقامة جدار على الحدود مع لبنان يمرّ في النقاط الـ13 المتنازع عليها، داعياً الدولة اللبنانية إلى عدم السماح لإسرائيل بفرض أمر واقع جديد على الحدود.ورغم أن قائد قوة «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان مايكل بيري أبلغ ظهراً بري ان إسرائيل قررت وقف بناء الجدار، كان لافتاً أن نصرالله تعمد «ربْط نزاع» مع إسرائيل في مسألتين وبلغة تحذيرية، هما:• كيفية التعاطي مع القرار الإسرائيلي في بناء الجدار فوق المناطق المتنازَع عليها.• التطور الخطير «الذي لا يمكن السكوت عليه» والمتمثل في الدلائل على تورط اسرائيل في محاولة اغتيال القيادي الأمني في «حماس» محمد حمدان في صيدا أخيراً.ورغم ان نصر الله أوحى باستعداده الوقوف خلف الدولة في الملفين، إلا إنه بدا كمَن يدفع المركب من الخلف، متوعداً بـ «عدم السكوت»، الأمر الذي أطلق تكهنات متناقضة حيال الاحتمالات التي تحوم فوق خط المواجهة «المسترخية» على الحدود الجنوبية في ضوء تمادي إسرائيل في غاراتها على «حزب الله» في سورية.وثمة انطباعات بأن هذا المناخ جاء لـ «يعكر» ما حاول وزير الداخلية نهاد المشنوق إشاعته في مؤتمر صحافي عقده امس لإبراز الوجه «الآمن للبنان» عبر الإنجازات النوعية التي تحققها شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي واجهزة الاستخبارات اللبنانية الاخرى.وكشف المشنوق أن «عملية استثنائية جرت في لبنان منذ أشهر على أعلى مستوى»، مشيراً إلى أنه «في شهر يونيو 2017 ألقي القبض على أبو جعفر العراقي وهو قيادي كبير في تنظيم «داعش» الارهابي على الاراضي اللبنانية ولكن الاستثناء الذي حصل انه بعد القاء القبض عليه تم تشغيله من قبل شعبة المعلومات لـ 5 اشهر من دون ان تعرف قيادة التنظيم انه مسجون وتم استئجار منزل له مجهز بأجهزة الرقابة وتم كشف كل العمليات التي من الممكن ان تحصل خلال 5 اشهر ولم يشعر التنظيم ولا عائلته بأنه موقوف».وقال المشنوق إن «الاعلان عن عملية «لبنان الآمن» هو لتأكيد استقرار الوضع الامني للبنانيين ولكل العرب والقول لكل من يريد ان يزور لبنان ان الوضع ممسوك بأعلى درجة احتراف متوافرة في العالم العربي وليس فقط في لبنان من قبل الاجهزة الاستخبارية ولاسيما شعبة المعلومات».وفي تصريح له بعد انتهاء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في القصر الجمهوري، عصر امس، قال المشنوق «ناقشنا موضوع التقرير المتعلق بالأمن العام» الذي نشرته وكالة «رويترز»، مؤكداً أن «فيه مبالغة كبيرة»، لكن ذلك «لا يعني انه غير صحيح وانها لا تحصل، إنما ليس لدرجة التجسس على 500 ألف خط وبهذه الطريقة».
بعد تقرير عن اختراق «مدعومين من إيران» حسابات عون والحريري
باحثون يتّهمون «الأمن العام» اللبناني بالتجسس عبر الهواتف الذكية... في 21 دولة
| بيروت - «الراي» |
باستثناء التعليق «الأوّلي» من المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم الذي أعلن ان «ليس لدى الأمن العام مثل هذه القدرات، كنا نتمنى أن تكون لدينا هذه القدرات»، مرّ اتهام شركةٍ متخصصة في أمن الهواتف ومؤسسةٍ معنية بالحقوق الرقمية لهذا الجهاز بالتجسس على الهواتف الذكية لآلاف الأشخاص في نحو 21 بلداً منذ العام 2012، من دون أي ضجيجٍ في بيروت التي لا «تنقصها» متاعب في علاقاتها الخارجية بفعل أزمات المنطقة والأدوار العسكرية لطرفٍ لبناني فيها (حزب الله).وذكرت شركة «لوك أوت» المتخصصة في أمن الهواتف المحمولة ومؤسسة «إلكترونك فرونتير» المعنية بالحقوق الرقمية في تقرير مشترك أن المديرية العامة للأمن العام في لبنان أدارت أكثر من عشر حملات على الأقل منذ العام 2012 تستهدف أساساً مستخدمي الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد في 21 بلداً على الأقل.ونقلت «رويترز» عن باحثين أن الهجمات عبر برامج خبيثة التي أحكمت السيطرة على هواتف «أندرويد» ذكية، سمحت للقراصنة بتحويلها إلى أجهزة لمراقبة ضحايا وبسرقة أي بيانات منها، وأن هذه البرامج التي تثبت على الهاتف بإمكانها القيام بمهام عدة عن بُعد، مثل التقاط صور من الكاميرا الأمامية أو الخلفية وتفعيل مكبر الصوت الخاص بالهاتف سرا لتسجيل محادثات، وانه لم يعثر على أي دليل بأن مستخدمي هواتف «آبل» قد استُهدفوا.وحسب الوكالة، فقد استخدم القراصنة الذين أطلق معدو التقرير عليهم اسم «دارك كاراكال» أو (السنور الأسود) نسبة إلى قط بري يعيش في الشرق الأوسط، هجمات التصيد وغيرها من الحيل لإغراء الضحايا لتحميل إصدارات مزيفة من تطبيقات الرسائل المشفرة ما يتيح للمهاجمين السيطرة الكاملة على أجهزة المستخدمين.ووفق التقرير، ركز قراصنة «دارك كاراكال» هجماتهم على مسؤولين حكوميين وأهداف عسكرية وخدمات ومؤسسات مالية وشركات صناعية وشركات عسكرية.ووجد الباحثون أدلة تقنية تربط الخوادم المستخدمة لإدارة الهجمات بمقر المديرية العامة للأمن العام في بيروت عن طريق تحديد مواقع شبكات انترنت لا سلكي (واي فاي) وعنوان بروتوكول إنترنت داخل أو بالقرب من المبنى «ولا يستطيع الباحثون القول على وجه اليقين ما إذا كانت الأدلة تثبت أن المديرية العامة للأمن العام مسؤولة عن ذلك أم أن هذا الأمر من فعل موظف مارق».ورداً على سؤال من «رويترز» عن المزاعم الواردة في التقرير، قال اللواء عباس إبراهيم إنه يريد الاطلاع على التقرير قبل التعليق على مضمونه. وأضاف «ليس لدى الأمن العام مثل هذه القدرات.. كنا نتمنى أن تكون لدينا هذه القدرات».وفي سياق متصل، نقلت الوكالة عن فريق مؤسسة إلكترونك فرونتير وشركة (لوك أوت) انه جرى تحديد مواقع الأهداف أساسا في لبنان والمنطقة المحيطة به بما في ذلك سورية والسعودية، ولكن ليس إيران أو إسرائيل، «وهما هدفان معتادان لهجمات التجسس الإلكترونية الحكومية»، وان «الضحايا يعيشون أيضا في خمس دول أوروبية وروسيا والولايات المتحدة والصين وفيتنام وكوريا الجنوبية».وحسب الباحثين، فقد استعار المهاجمون رمزاً لإنشاء برمجيات خبيثة خاصة بهم من مواقع المطوّر واعتمدوا بشكل كبير على الهندسة الاجتماعية لخداع الناس للنقر على روابط أرسلت لهم وتنقلهم إلى موقع يسمى سكيور أندرويد، وهو متجر وهمي لتطبيقات أندرويد «وهناك يجري تشجيع المستخدمين على تحميل تطبيقات رسائل مشفرة وأدوات خصوصية مزيفة لكنها تعمل بشكل كامل منها واتساب وفايبر وسيجنال».في السياق نفسه، أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن غالبية الهجمات التي اكتُشفت مربوطة بعنوان البريد الإلكتروني op13@mail.com، ناقلة عن الباحثين انه جرى ايضاً استخدام برمجيات خبيثة مصمّمة للعمل على أنظمة تشغيل متعدّدة مثل «ويندوز» و«ماك» و«لينوكس» وقادرة على سرقة لقطات لمحتوى حاسوب الضحايا واستخدام كاميرا الحاسوب للتجسس على أماكن تواجدهم وتسجيل أصواتهم وما إلى هنالك.وإذ أشارت الصحيفة الى ان من ضحايا التجسس صحافيون وعسكريون، لفتت الى أنه بعد ساعات على نشر التقرير «إلكترونك فرونتير» و«لوك أوت» اختفت الخوادم التي كانت تقوم بعمليات التجسس.يُذكر انه في نوفمبر الماضي أورد تقرير فرنسي نشرته صحيفة «لو فيغارو» ان قراصنة مدعومين من إيران اخترقوا الحسابات والبريد الإلكتروني لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري وخوادم مكاتب الرئيس اللبناني ميشال عون، ووزارتي العدل والخارجية، والجيش وعدداً كبيراً من المصارف في لبنان، مشيراً إلى أن «طهران تسعى للتأثير في نتائج الانتخابات اللبنانية العام المقبل ومد نفوذها في الشرق الأوسط».ونقلت الصحيفة الفرنسية المعلومات الحساسة عن مصدر من مخابرات غربية، أكد حينها «أن ما يحدث يندرج في إطار هجمات منسقة وذات بعد استراتيجي».