هل يمكن أن تصبح المرأة العربية جندية تذود على جبهات القتال عن أمن البلاد والعباد؟سؤال تلقى الإجابة عنه معارضة تارة من أطراف ترى أن «الأيادي الناعمة» لم يخلقن للجهاد عن النفس والدين وحدود الأوطان بل لـ«الجهاد» في محراب الأسرة وتربية النشء، وتأييد ودعم تارة أخرى ممن يرون أن ساحات الجيش في حاجة إليها إلى جانب الرجل لاسيما في المواقع الإدارية والتمريضية التي تبلي فيها المرأة بلاءً حسناً.وبين الأصوات المعارضة والمؤيدة لإشراك المرأة في السلك العسكري، نرى على أرض الواقع دولاً عربية بالفعل قد خرطت المرأة في صفوف جيوشها منذ سنوات كثيرة، توازيها خطوات جادة من قبل أصحاب القرار في الدول الخليجية بصفة عامة والكويتية على وجه الخصوص بشأن إشراك العنصر النسائي في المعترك العسكري، وكان آخرها ما كشف عنه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد عن دراسات موضوعية جدية «ستجرى لمشاركة العنصر النسائي جنباً إلى جنب مع اشقائها في الخدمة الوطنية العسكرية»، مشيراً إلى «رفع هذه الدراسات إلى القيادة العليا عند استكمالها»، والتي تؤكد أن مسألة وقت فقط كي يتحقق حلم النساء في الوقوف على جبهات القتال.ووسط هذا الجدل الواسع في عدد من الدول العربية التي تسمح بعضها بالخدمة العسكرية للنساء بينما يرفض البعض الآخر، وبين اختلاف درجات المشاركة النسائية في الجيوش العربية بين دول أوصلت نساءها إلى رتبة جنرال، ودول اقتصرت مشاركة النساء في جيوشها على أمور بعيدة عن العمل العسكري نستعرض في هذا التقرير بعض التجارب العربية في ما يتعلق بإلحاق المرأة بالسلك العسكري: المغربية في الجيش من التمريض إلى جنرالتعد المغرب من الدول التي لديها باع طويل في المشاركة النسائية بالحياة العسكرية، فقد دخلت المرأة المغربية الجيش للمرة الأولى في العام 1963، حيث التحقت بالقوات المسلحة الملكية كطبيبة وممرضة ومساعدة اجتماعية وإدارية، وكذلك قامت بالمهام التقنية في القوات الجوية والاتصال اللاسلكي، واستطاعت أن تثبت ذاتها وتقدّم قيمة مضافة داخل القوات المسلحة الملكية، فضلاً عن مشاركتها في العمليات الخارجية الدولية، وخاصة منها العمليات الإنسانية.وهناك العديد من القياديات في الجيش المغربي اللاتي يلعبن دوراً مهماً في عدد من الملفات العسكرية والتعاون العسكري الدولي بين الرباط والدول الكبرى، فعلى سبيل المثال حرصت قائدة سلاح الجو الأميركي السابقة ديبورا جيمس في زيارتها الأخيرة للمملكة المغربية على الالتقاء بعدد من القيادات النسائية العسكرية والإطلاع على طبيعة عملهن. وأكدت جيمس أنها على مدى 30 سنة من خدمتها في الميدان العسكري رصدت تغيراً تدريجياً في النظرة إلى النساء، كما تبين لها أنه «في إمكان المرأة أن تقوم بالعمل العسكري نفسه الذي يقوم به الرجل».ووصلت المرأة المغربية لرتب عالية من بينها جنرال وعقيد ومقدم، وكذلك طيار مقاتل للطائرات الحربية، وهناك عدد من النساء في الجيوش الغربية مثل ألمانيا وإيطاليا ينحدرن من أصول مغربية. في سورية المرأة حاضرةوفي سورية كانت المرأة حاضرة وبقوة أيضاً حيث أنشئت كتيبة المغاوير الأولى في الحرس الجمهوري قبل قرابة أربع سنوات بقرار جمهوري، ولا تزال أبرز كتيبة نسائية عاملة في الجيش السوري وهي مكونة من 800 عنصر.لا اعتبار للمؤهل في الإماراتأما في الإمارات ففي عام 2014 أعلنت هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية الإماراتية بأنه يمكن للإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و30 عاماً التسجيل في الخدمة الوطنية، بغض النظر عن المؤهل الدراسي.ويكون التحاق الإناث بهذه الخدمة اختيارياً وبموافقة ولي الأمر، وتكون مدة الخدمة الوطنية 9 أشهر للمجندين من الإناث، ويتم تدريب الإناث في معسكر منفصل تماما عن معسكرات تدريب الذكور، إضافة إلى توافر مدربات ومشرفات وطاقم عمل كامل من الإناث? كما أفادت الهيئة.المصرية خدمة عامةوبينما في مصر لا يوجد تجنيد إجباري للفتيات غير أن هناك ما يسمى بالخدمة العامة التي تحل محل الخدمة العسكرية التي تعد إلزامية على الذكور مع استثناءات قليلة حددها القانون، نجد أنه قد ظهرت دعوات في المملكة العربية السعودية على فترات مختلفة منذ عدة سنوات تنادي بتجنيد المرأة السعودية في الحرس الوطني في أقسام تتناسب مع طبيعتها. تونس تدرس التجنيدوفي تونس صرحت وزارة الدفاع العام الماضي بأنها تدرس تجنيد الشابات وإدخالهن إلى الخدمة العسكرية إسوة بالشباب، بما أن الدستور التونسي ينص على كون الخدمة الوطنية واجبة على كل مواطن دون أن يستثنى منها النساء.لبنان منذ 1989في لبنان، يضم الجيش اللبناني مئات المتطوعات في الخدمة العسكرية من مختلف المناطق منذ العام 1989 حين صدر قرار وزاري يسمح بفتح باب التطوع للفتيات الراغبات بالانخراط في المؤسسة العسكرية. وتخدم الفتيات في مختلف قطاعات الجيش العسكرية جنباً إلى جنب العسكريين.

الأزهر:عمل المرأة بالجيشجائز عند الضرورة من الناحية الشرعية، أصدر مرصد الأزهر فتوى حول عمل المرأة في السلك العسكري قال فيها الأصل في عمل المرأة أنه مباح ما دام موضوعه مباحاً ومتناسباً مع طبيعتها، وليس له تأثير سلبي على حياتها العائلية، وذلك مع تحقق التزامها الديني والأخلاقي، وأمنها على نفسها وعرضها ودينها، حال قيامها به.وأوضح المرصد، ردا على حكم عمل المرأة المسلمة بالشرطة أو الجيش، أن عمل المرأة في الجيش أو الشرطة يجوز إذا كانت هناك حاجة ماسة إليها، فقد يُحتاج إلى المرأة الشرطية في الجوازات، أو في الجمارك لتفتيش النساء ونحو ذلك، بحيث تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، بدلاً من أن تتعامل مع رجل.وأما عن الجيش، فالأصل أن الله - سبحانه وتعالى - خص المرأة بالرقة والضعف، لذلك يكون دورها مناسباً لهذه الخصائص، فيمكن أن تشترك وتؤدي بعض الأعمال في الخطوط الخلفية مثل الإدارة والسكرتارية والطباعة على الآلة الكاتبة، والأعمال في المخازن والمستودعات، وبذلك توفر أعداداً من الرجال للقتال في الخطوط الأمامية، كذلك يمكن أن تقوم المرأة بأعمال التمريض، ورعاية المرضى والمصابين، وهذا ما كانت تفعله المرأة قديماً أيام - الرسول صلى الله عليه وسلم - تذهب إلى الجيش؛ لخدمة الجرحى وسقاية الجيش.وأضاف المرصد «كانت هناك خيمة لامرأة تسمى رفيدة الأسلمية، في غزوة الخندق، كانت تداوي فيها الجرحى، بل هناك أمثلة في التاريخ الإسلامى لاشتراك المرأة في الحروب، فهذه أم عمارة بنت كعب بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة الكبرى، وحضرت بعض الغزوات التي شاركت فيها، تضمد الجرحى وتسقي العطاش، وكانت عندما تشتد الحرب، ويفر بعض المسلمين، تقتحم ساحة المعركة مقاتلة من الطراز الأول، قال عنها - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد «ما التفتُّ يَمينًا ولا شمالاً إلاَّ وأنا أراها تقاتل دوني». وأشار إلى أن سفرها وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة؛ من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات عامَّة، جائز شرعاً ولا حرج عليها فيه؛ سواء أكان سفراً واجباً أم مندوباً أم مباحاً، وأنَّ الأحاديث التي تنهي المرأة عن السفر من غير محرم، محمولة على حالة انعدام الأمن، فالشافعية لم يشترطوا عين المحرم بل اشترطوا الغاية منه، التي هي الأمن فإذا تَوَفّرَ الأمن فكأن المحرم متحقق..