... بكثير من الصدمة وقليل من الأصداء تلقى الوسطان السياسي والإعلامي في بيروت الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بحبس الإعلامية والباحثة اللبنانية حنين غدار ستة أشهر بتهمة «الإساءة إلى الجيش اللبناني»، عبر قولها في محاضرة ألقتها في واشنطن العام 2014 ان «الجيش اللبناني يميّز بين إرهاب سني وإرهاب شيعي، ويتسامح مع الأخير».فرغم حملة التضامن مع غدار، الباحثة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، على مواقع التواصل الإجتماعي، فإن قلقاً متزايداً يطفو على السطح في بيروت من «التسامح»، مع ملامح جنوح متمادٍ نحو التضييق على الحريات الإعلامية والثقافية في بلاد تنزلق نحو «صيف وشتاء» تحت سقف واحد، وسط مخاوف من تحويل «التسوية السياسية» إجازة لكمّ الأفواه.وبدا الحكم الغيابي بحقّ غدار لستة أشهر عقاباً على موقف قالته في واشنطن وغالباً ما كان يتردّد بـ «مكبرات الصوت» في بيروت، وكأنه في سياق مبرمج بعدما كانت هذه الإعلامية (من جنوب لبنان) تعرّضت لحملة شرسة في أوقات متفاوتة بسبب اقتناعات المناهضة لـ «حزب الله» وإيران وسياساتهما في لبنان والمنطقة.ولم تقلل الغضبة العارمة من نشطاء سياسيين وإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي على ما اعتبروه نذير شؤوم لما يحوط بحرية التعبير ومحاولة لـ «الغدر» بها، من وطأة الصمت السياسي والنقابي حيال التحديات المتزايدة التي تواجه الحريات العامة في البلاد، من أحكام واستدعاءات ورقابة وعمليات منع، وهي ظواهر غالباً ما قاومها اللبنانيون حتى في عزّ سطوة الميليشيات وأزمنة الوصاية والاحتلال.فالحكم بحقّ غدار يأتي بعد صولات وجولات شكّلتها عملية استدعاء أشهر الإعلاميين في لبنان مارسيل غانم، و«محاولة» استدعاء النائب السابق فارس سعيد، وملاحقة «مغردين» وتعقب ناشطين سياسيين ومنع أفلام سينمائية، في مسارٍ يُخشى تَحوُّله «بقعة زيت».ومن هنا، شكّل قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق برفْض طلبٍ لمنع عرض فيلم «the post» للمخرج ستيفن سبيلبرغ بارقة ضوء، بعدما انزلقت الرقابة في الفترة الماضية الى استخدام «مقص» المنْع أكثر من مرة.وكان نشطاء دشنوا حملة ضد الفيلم لأن سبيلبرغ قدم دعماً مالياً لإسرائيل خلال حربها في 2006 مع «حزب الله» في جنوب لبنان، إلا ان المشنوق قال لوكالة «رويترز»: «لا أرى مانعا يحول دون عرض الفيلم لأنه لا علاقة له بلبنان ولا بالصراع مع العدو الإسرائيلي».وخلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني يوم أمس دافع وزير الاعلام ملحم الرياشي عن موقف المشنوق لجهة توقيعه السماح بعرض فيلم سبيلبرغ، واقترح تشكيل لجنة وزارية لوضع معايير جديدة وغير خشبية حول مقاطعة اسرائيل بعدما كان أعلن «مش كل ما واحد غنى منمنعو... سبيلبرغ ما بينتخب بزبوغا (منطقة لبنانية)».وعلى الأثر حصلتْ مشادة بين الرياشي والوزير علي قانصوه الذي قال: «ما في غير الرياشي بيحكي بهالموضوع»، ليتدخل وزير الخارجية جبران باسيل داعماً وزير الإعلام ومعتبراً ان «الرياشي ليس وحيداً، قاطِعوا شركات أخرى معروفة بارتباطها باسرائيل» مضيفاً «في شي مش مقبول...».
خارجيات
فيلم سبيلبرغ محور مشادّة بين وزراء في الحكومة
حكم غيابي بالسجن على حنين غدار و«غضبةٌ» من محاولاتِ «غدْر بالحريات»
04:01 م