... وهل انتهت بقاع العالم كلها، لكي تستضيف بقعة منه تُدعَى «أنا... بوليس» مؤتمراً يستسلم فيه العرب لمن اغتصب فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر، بما في ذلك القدس والمسجد الأقصى الذي بارك الله حوله؟ أنا بوليس؟ لماذا؟ فعلى الأقل لو كانوا قد بحثوا عن مكان يُدعَى «أنا جيش» لكان ذلك دليلاً على «استقلال» الدول التي تريد أن توفّر الحماية لـ«إسرائيل»! أما «أنا بوليس» فلها علاقة رمزية واضحة جداً بالرؤية الصهيونية للحدود الصهيونية التي تمتد عندهم «من النيل إلى الفرات»، إذ إن «أنا بوليس» تدل دلالة رمزية واضحة على الرؤية الصهيونية لمدى «استقلال» هؤلاء الـ«بوليس» الذين عليهم حماية «دولة إسرائيل الكبرى»، من غير أن يُعتَرف حتى بـ«استقلالهم» من الجانب الصهيوني! بدليل اعتبار «إسرائيل» تلك الجهات تابعة لـ«إسرائيل»، باعتبارهم «بوليس» الحماية للمواطن «الإسرائيلي»، وليس جيش حماية له... من خارج «إسرائيل الكبرى»!الأميركيون و«الإسرائيليون» يريدون، أيضاً، إدخال العرب «المعتدلين» في محاور ضد دول ومنظمات إقليمية، مما يسبب مشاكل كبيرة لهؤلاء المعتدلين مع تلك الجهات الجارة «الموجودة» في الإقليم...وجوداً دائماً! كما يسبب دخول العرب «المعتدلين» في محاور ضد تلك الجهات الإقليمية مشاكل لتلك الدول المعتدلة مع من يحبون «حماس» أو «حزب الله»، أو «حماس و«حزب الله» من شعوبهم، مما ينذر بقلاقل داخلية ومشاكل أمنية داخل تلك الدول التي تسير ضد التيارات والرغبات الشعبية العارمة داخل حدودها.فالربح الصافي، التي ستجنيه «إسرائيل» والولايات المتحدة من مؤتمر «أنا بوليس»، حسب ما ترى وزيرة الخارجية «الإسرائيلية» تسيبي ليفني، هو استقطاب العرب «المعتدلين» إلى جانب «إسرائيل» في مواجهة إيران و«حزب الله» و«حماس»، إذ سيقوم العرب أولاً بتوفير الغطاء لـ «إسرائيل» في القيام بعملية واسعة لضرب «حماس» في قطاع غزة.عموماً، الأمل يظل قائماً، دائماً وأبداً، في الوعي العالي لشعوب المنطقة، أساساً، ثم في وعي الجهات الرسمية، إلى خطورة أن يتم إدخال «دول مستقلة» تتشكل منها المنطقة، في محاور وأحلاف، يتم توجيهها من الأجانب، ضد أطراف إقليمية، مما يخلق العداوات مع تلك الجهات الإقليمية، بما يضر بمصالح تلك الدول «المعتدلة» ضرراً استراتيجياً بالغاً، بسبب دخولها في حرب يريدها الأجنبي الذي لا يعد جزءاً من المنطقة، مثل الأميركيين و«الإسرائيليين» أيضاً، ضد دول وجهات أخرى هي جزء أصيل دائم في المنطقة. فهل سيستوعب الجميع ما تمليه عليهم مصالحهم الاستراتيجية؟ أم إنهم سيقعون أسرى المخططات الأجنبية الشريرة التي تضر بمصالح هذه الدول «المعتدلة» ضرراً استراتيجياً... وآنياً أيضاً؟

د. جلال محمد آل رشيد

كاتب وأكاديمي كويتيdr_j_alrasheid@hotmail.com