إن الأدوات التي يزيف بها الوعي هي الأدوات ذاتها التي من الممكن أن نبني من خلالها وعياً إيجابياً مشتركاً.إنني أدعو كل المدارس التي لها حسابات في شبكات التواصل الاجتماعي أن يخبروا الأهالي وأولياء الأمور بالحقيقة.تلك الحقيقة المتمثلة في أننا نواجه مشاكل في كيفية تقديم المنهج المدرسي بطريقة ترتبط بحياة الطلبة وجعلهم متحكمين في مجالهم الحيوي أو حتى ربط المنهج بحياتهم، والحقيقة في أننا نعاني من تصاعد حالات العنف والمشاكل الأخلاقية، وعدم تعاون بعض أولياء الأمور من خلال التطاول على المعلمين، وعدم مقدرة المعلمين على تفعيل منهج الكفايات، وعدم مقدرتنا على التشبيك وتفعيل دور المجتمع الأهلي المحيط بالمدرسة إلا عبر سلسلة من الإجراءات التي تقتل أي ربط وتشبيك ممكن.إن الملاحظ خلال السنوات الثلاث الماضية أن الكثير من المدارس قد أنشأت لها حسابات خاصة بالمدرسة عبر شبكات التواصل تبث من خلالها مجموعة من الفيديوهات والصور التي تخبر فيها أولياء الأمور أن كل شيء على ما يرام، ولكن من حقنا أن نسأل إذا كان كل شيء على ما يرام حقاً، فلماذا نحتل مراتب متدنية في التعليم؟ جميع الدراسات الغربية والعربية التي ناقشت علاقة أولياء الأمور بالمدرسة ومدى تفاعلهم مع الأنشطة والبرامج التي تقدمها المدرسة والمشاكل والمعوقات التي تواجهها المدرسة، قد أثبتت من خلال الإحصاء الميداني أنه كلما اشترك ولي الأمر في العملية التعليمية رفع ذلك من كفاءة النظام التعليمي، وهناك دراسة لطيفة حول هذا الموضوع بعنوان «كفاءة النظام التعليمي في دولة الكويت» للدكتور غازي الرشيدي، وقد قدمت الدراسة في إحدى توصياتها إنشاء إدارة أو قسم تكون مهمته الأساسية دعم وتعزيز التعاون بين البيت والمدرسة، ولكنني أعتقد أن وسائل التواصل مثل (تويتر- انستغرام) هي أدوات مناسبة لتعزيز هذا الدور عبر طرح المشاكل والبحث عن المشاركة المجتمعية من أجل إيجاد الحلول المشتركة، وليس من أجل بث رسائل وصور مغلقة تشبه تلك التي كان يبثها «غوبلز» الوزير الألماني في الحزب النازي.وللأسف الشديد فإن الواقع الميداني لدور الاختصاصي الاجتماعي ومجلس الآباء هو واقع ورقي وتصويري بحت وليس عملياً وتربوياً يعمل على تعزيز الدور المجتمعي فعلاً... إلا من رحم ربي.إن أولياء الأمور ليسوا أولياء أمور فقط، ولكنهم أيضاً موظفون في وزارات ومدراء قطاعات ووكلاء مؤسسات ومسؤولون صغار وكبار في الدولة ووزراء سابقون ومتقاعدون يمتلكون شبكة علاقات جيدة، وإخبارهم بحقيقة المشاكل التي تواجه المدارس التي فيها أبناؤهم لن يجعلهم يرمون المدرسة بالمنجنيق أو ينصبون المقصلة في طابور الصباح للمدراء أو وكلاء التعليم، ولكن إخبارهم بالحقيقة سيشعل فيهم جذوة «الفزعة» من أجل المشاركة في إطفاء حريق الغابة وزراعة أشجار المزرعة، وهذا طريق أفضل بكثير من استخدام حسابات «السوشيال ميديا»، من أجل إظهار ما لا يعول عليه بحيث نجعل من أولياء الأمور كالنائمين في سفينة نوح بينما الفيضان يملأ كل شيء حولهم.قرأت في أحد الأدلة الإرشادية للعمل مع الشباب يوماً عبارة أخذتني لمساحة جديدة في الحياة وتقول هذه العبارة «إذا أعطيتني سمكة، فستكون أطعمتني ليوم واحد، وإذا علمتني كيف أصطاد، فبذلك أطعمتني حتى يجف النهر أو يتلوث، ولكن إذا علمتني كيف أفكر وأعمل مع غيري في مجموعة، فمهما كان التحدي سنتعاون لنجد الحل معاً»، ولذلك أقول مرة أخرى إن الأدوات التي يزيف بها الوعي هي الأدوات ذاتها التي من الممكن أن نبني من خلالها وعياً إيجابياً مشتركاً.كاتب كويتي moh1alatwan@