في سياق احتفالاتها بمرور 50 سنة على تأسيسها، أقامت الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية أمسية ثقافية احتفت فيها بالفنان التشكيلي الراحل عبدالله القصار، تزامنا مع إصدار كتاب أعده رئيس الجمعية رئيس اتحاد التشكيليين العرب نائب الرابطة الدولية للفنون الفنان عبدالرسول سلمان، في لمسة وفاء لهذا الفنان الرائد الذي يعد من المؤسسين للجمعية مع نخبة من زملائه. ويتحدث الكتاب عن حياة القصار الفنية وأعماله التي اتسمت بالتميز والحداثة.والأمسية قدمها الفنان التشكيلي عبدالله محمد الراشد، وحاضر فيها الناقد والكاتب الدكتور سليمان الشطي، الذي تطرق لابن «فريجه» الذي عاصر أعماله وشاهد إبداعاتها من بدايتها إلى تطورها الملحوظ، ومن ثم فقد استذكر الشطي محطات وحكايات كثيرة تختزنها ذاكرته عن هذا الفنان الذي يتميز بخصوصية مغايرة، مشيرا إلى صفات خاصة رافقته طوال حياته لعل من أهمها اعتزازه وحبه لأفكاره، ورفضه لأي وصاية من احد على إبداعاته، أو فرض أي أحد كان عليه ما لا يروقه من أفكار أو مواضيع.ذاكراً موقفاً يشير إلى هذا الاعتزاز- الذي كان يوليه القصار لأفكاره- حينما حصل على «صفر» في امتحانات الرسم، والسبب أنه لم يمتثل للموضوع المحدد في الامتحان ورسم من تلقاء أفكاره، مما اعتبره من صحح ورقته أنه لم يرسم في ذات الموضوع المحدد لذا فإنه لا يستحق أي درجة، فوضع له الصفر، وقال الشطي: «القصار لا يحب الاختلاط فهو وحشي... وكان مقلا في إقامة المعارض الشخصية، مقارنة بزملائه الفنانين من أبناء الفريج نفسه مثل الفنان الراحل بدر القطامي»، وأضاف: «نحن أمام إنسان أحب عمله وفنه»، متذكرا علاقة القصار بالمرسم الحر، فيما أشار الشطي إلى مواضيع القصار الفنية التي كان ينتقيها من البحر الذي كان يكنّ له كل الحب، ومن الصحراء والبيوت والبيئة الكويتية، مرورا برصد البيئة المصرية حينما قضى ردحا من الوقت مقيما في مدينة الأقصر المصرية، بحضارتها وجوها الريفي الخلاب، فيما تقمصته في مراحل فنية أخرى فكرة الموت، مبديا حزنه لجنوح القصار في بعض الأحيان إلى إتلاف أعماله التي كان يرى أنها غير مكتملة.وقال الشطي في ختام كلمته: «عبدالله القصار فنان ترك في الحياة بهجة ورسم خطا مهما في الحركة التشكيلية، وكان يقوده غرامه بالفن ومتعته في الرسم».وألقى سلمان - في سياق الأمسية - كلمة قال فيها: «كان القصار حاضرا في المعارض التشكيلية المستمرة، واحتفالنا بذكراه في مناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، دليل على انه حاضر ومؤثر رغم غيابه».وأضاف: «القصار جزء من تاريخ الفن التشكيلي الكويتي، عبر علاقته الوثيقة بتاريخ وتراث الكويت... والمتابع لأعماله يلاحظ أنها ذات طابع تعبيري رمزي، وتعبيراته تؤكدها دلالات متعددة، من خلال تلخيصه للجسم الإنساني، مع أن العمق الوجداني للفنان يتفاعل مع معاني الأشكال بصورة مباشرة».وأشار سلمان إلى أن ألوان القصار صافية تموج بين السخونة العالية في اللون الأصفر، والبرودة في اللون الأزرق، وتسبح داخلها الأشكال بين السكون والحركة، في تصميم محكم، ينم عن وعي واهتمام بالمفردات التشكيلية، وقال: «تمتاز لوحات القصار بالدقة والبراعة في التصوير، فلا يكاد يأخذ موضوعا حتى يرسم لوحته رسما دقيقا، نشاهدها فنرى لوحة زيتية كاملة الخطوط، بارزة الملامح، تنطق براعة صاحبها وتعبر عن أصالته في هذا المضمار».واستطرد سلمان واصفا أعمال القصار ليقول: «لوحاته معبأة بالإيحاءات والرمز المشحون بنبض الاستبطان، لأرض الواقع، والتي يتحول هضمها وتحليلها إلى خطوط وألوان، وكتل تشي بعالم تحكمه إرادة الصراع، وهو يجعل من المرأة جسدا لتكثيف حالات كثيرة، لذلك نراها تتكرر في الكثير من لوحاته في أوضاع وأشكال عدة قد تكون غير مقصودة لذاتها».وفي ختام كلمته قال سلمان: «رحمه الله... القصار، رحل مع عصر الرواد الذين أسسوا الحركة التشكيلية، ووضعوا اللبنات الأولى للنهضة التي نشهدها اليوم».