«هذي الكويت صل على النبي... أهيه ديرتنا وفيها كل اللي نبي»... كلمات بسيطة تترجم من خلال أحرفها حقيقة عظيمة يعرفها جميع الكويتيين. فنحن جميعا من دون الكويت... نكون بلا هوية، وان كنا جميعا نتحدر من أصول مختلفة من جميع دول العالم والبعض منا مازال يحتفظ بعلاقات قرابة أو مصاهرة أو صداقات في هذه الدول فإنها لا تغني عن العيش في ربوع بلادنا الحبيبة، فإن كنا في سفر لأي سبب كان للدراسة، للعمل، للسياحة أو حتى لطلب العلاج نجد الحنين يلح علينا بالعودة مسرعين وحتى المريض يطلب من اطبائه أن يسمحوا له بالعودة سريعا فالغربة تزيد من شقائه.كويتنا هي عروس الخليج التي طمع الكثيرون في التودد لها، أينما تحل ضيفة على بلد ما تمد له يد العون وتمسك بيده لتصعد به الى بداية سلم النهضة والنجاح ثم تتركه ليكمل طريقه بكفاح وجد. تراقبه بفرح تبتسم له كلما حقق صعودا في سلم النجاح. وهكذا تمضي أيامها وحولها أحباؤها بسعادة مستمدة من سعادتهم. حتى طمع بها جارها في جهة الشمال وعندما رفضت تودده لها بالصد عنه هاجمها مع عصابته وخطفها في يوم الخميس الأسود الموافق 2 /‏‏8 /‏‏1990 ليضمها الى سلطته رغما عنها مكبلة اليدين والرجلين خوفا من هروبها، حتى وهي في سجنها أسيرة يخافها ويهابها لأنه يعلم بأن وراءها رجالا ولن يغمض لهم جفن حتى تكون في بيتها معززة مكرمة. هؤلاء هم اخوان مريم وشعبهم ومن أحبهم من الدول والشعوب الصديقة. وهب العالم بأسره مطالبا بعودتها الى ديارها. فليس للهمجية مكان في عالمنا المتحضر، والوقوف مع الحق الواضح كوضوح الشمس في الصباح الباكر الذي لا يغطيه منخل الأكاذيب الذي عجز عن رؤيته بعض أهل الظلم الذين أعمى الله بصيرتهم قبل بصرهم وناصروا الطاغية صدام حسين وعصابته في ظلمه، وهكذا مرت بنا أيام سوداء في ظل التهديدات بأنها لن تعود. كما كانت بل جثة هامدة. لا كويت بعد اليوم تعني بأنه لا كويتيين بعد اليوم... ولكن هيهات منا الذلة، «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».حيث عمل أبناؤها في الداخل والخارج مواصلين الليل بالنهار بمساعدة أحبائهم في كل مكان لإيصال صوت بلدنا الحبيب، إلى أذن كل شريف على وجه الأرض، نشكو إلى الله ما حدث من جارنا في الأرض والدين واللغة ومن خيانته حتى وصل الأمر إلى كل البشر الذين انتفضوا لمناصرة الحق واجتمعوا في 17/‏‏1/‏‏1991 لمحاربة المعتدي وتحرير الغالية من أنياب الوحش واستمر القتال حتى أشرقت شمس التحرير في 26 فبراير 1991.وهكذا عادت الكويت مرفوعة الرأس حرة أبية بصحبة أبر أبنائها المغفور لهما بإذن الله تعالى بابا جابر الأحمد الصباح، وبابا سعد العبدالله الصباح، وكم أبكتنا قبلة أميرنا الراحل جابر الصباح، التي طبعها على جبين الكويت فور وصوله أرض الوطن، معلناً عودة الأفراح والحرية لنا والتي استمرت إلى يومنا هذا وستستمر إلى ماشاء الله لأن الكويت محفوظة بحفظ الرحمن إلى آخر الزمان. هذه القصة المؤلمة لا ننساها ونكررها كلما مررنا فوق مطب سياسي أو مشكلة ما.نمر بهدوء الحكمة وننهيها نستلهم العبرة منها حيث إن العالم بأسره كان وما زال شاهداً على قوة سور الكويت العظيم الذي بُني بتلاحمنا في هذه المحنة وغيرها من المحِنْ السابقة، حيث سطر آباؤنا ومن قبلهم أجدادنا ملاحم في حب الكويت وذلك بوقوفنا صفاً واحداً يجمعنا فيه حب بلدنا الغالي.ونحن من جميع الأطياف والأصول نحب بعضنا البعض. فكل منا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ويكره لأخيه ما يكره لنفسه سنةً وشيعة، بدوا وحضرا، مسلمين ومسيحيين.أثرنا الإعجاب وغدونا الأعجوبة الثامنة في هذا العالم، فهنا يكمن السر في قوة هذا السور الذي بني منذ نشأة الكويت وحتى يومنا هذا لحمايتها من الأخطار الداخلية والخارجية، فلنبتعد دوماً عن جميع أنواع الفتن والطائفية فأي تصدع في هذا السور قد يحدث فجوة حينها الخطر والطوفان سيعم على الجميع بلا استثناء. وحتى لا نخسر كل ما بناه آباؤنا وأجدادنا، نرجو أن نستمع جميعا الى قول العقل والمنطق وان نتمسك ببعضنا البعض، نعم... نختلف فهذه سنة الحياة، ولكن كما قال الشاعر «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية». فنحن الكويتيين أخوة متحابون في الله نجتمع. نتحاور بأسلوب راق هكذا أدبنا ربنا عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين، بعيدا عن الصراخ والمهاترات التي لا معنى لها.فالكل بات يصرخ بأعلى صوته. وهذا الصراخ يمنعنا أحيانا عن سماع الآخرين أصحابه الرأي السديد والحكمة، رغم ان الله عز وجل قد خلق لنا أذنين وفما واحدا لنستمع أكثر من أن نتكلم. دعونا ننهض ببلدنا بتنفيذ مشاريع التنمية. ونصمت صوت غربان الفتن التي تدعونا للنزول الى الهاوية في هذا الزمان وفي كل زمان ولنمضي نحو مستقبل مشرق لنا ولأجيالنا القادمة وكفانا عقوقا لأمنا الكويت التي أعطتنا الكثير... والكثير والكثير. وهذا العطاء أثار حسد الكثيرين الذين يعزفون سيمفونية الغربان، لكننا نصم آذاننا ونسمع فقط صوت قائد سفينتنا والدنا الشيخ صباح الأحمد الصباح، قائد الإنسانية، فمن خلال كلماته وأفعاله يدعونا إلى أن نحافظ على سور الكويت العظيم فهو عنوان وجودنا واستمرارنا وان نجتمع دائما حول قيادتنا متكاتفين يدا بيد. وآخر كلامنا دعاؤنا بأن يحفظ الله العلي القدير الكويت وأميرها وولي عهده الأمين وشعبها وكل من يحبها من كل شر ومكروه.* مدرب معتمدفي مجال التطوير الذاتي والإدارة