ازدان الأسبوع الثقافي اللبناني في الكويت بالكثير من الإضاءات حول الثقافة والفنون في لبنان، وما يمثلانه من أهمية في حياة اللبنانيين على مر العصور، وفي هذا الصدد فقد اجتهدت السفارة اللبنانية في الكويت من أجل حشد فعاليات ثقافية وفنية مهمة وملهمة، تعبر خير تعبير عن التطور الذي حظيت به هذه العلوم الإنسانية في الوجدان اللبناني.ومن ضمن هذه الأنشطة والفعاليات جاء المعرض التشكيلي الذي افتتح مساء أول من أمس في قاعة الفنون في ضاحية عبد الله السالم، بالتزامن مع افتتاح معرض مقابل حول الآلات الموسيقية التاريخية المعروفة والمستخدمة في لبنان، في وجود شروحات تحدد مساراتها وأهميتها.والمعرض التشكيلي اللبناني أقامه المجلس الوطني للثقافة للفنون والآداب ضمن الأسبوع الثقافي اللبناني، برعاية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله وبحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة ووزير الثقافة اللبناني غطاس خوري والقائم باعمال السفارة اللبنانية في الكويت ماهر خير.وشارك في المعرض نخبة من الفنانين التشكيليين اللبنانيين وهو يضيء إضاءة سريعة على مختلف الأساليب والرؤى والاتجاهات التشكيلية المتبعة في لبنان، من خلال اختيار مجموعة منتقاة من الأعمال الفنية تعبر عن مسارات الحركة التشكيلية اللبنانية بكل تداعياتها وأشكالها، وهي الحركة التي بدأت مبكرا منذ نهاية القرن التاسع عشر حينما اتجه بعض الفنانين للرسم والنحت في محاولات أولى انحصرت في محاكاة مشاهد الطبيعة وتصوير وجوه الشخصيات الدينية والسياسية، وبعد تأسيس الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة في منتصف الأربعينات من القرن العشرين نهض التشكيل اللبناني وأصبح له اتجاهاته الخاصة، وبتوالي الخريجين من معهد الفنون الجميلة وغيره نشطت الحركة التشكيلية وتطور مفهومها كي يندمج الفنانون من خلال أعمالهم مع الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية لبلدهم من خلال الرصد الفني الذي اتسم بالعمق والتناول المعبر للحياة بكل ألوانها.كما اسهم التنوع في الأفكار والرؤى التي اعتمدها التشكيل اللبناني عبر مساراته في خلق رؤى خاصة وفي الوقت نفسه مغايرة لما هو متبع في البلدان العربية المجاورة، ما ساعد في انتاج خصوصية متميزة لهم، وساهم في الارتقاء بالأفكار والأساليب إلى مستويات عالية، وبالتالي فقد اتخذ الفنان التشكيلي اللبناني مساراته الواضع عبر أطر فنية منتقاة من الواقع والخيال معا.وتنوعت الرؤى والمدلولات في الأعمال التشكيلية المقدمة في المعرض، من خلال ما تضمنته الألوان من تنوع وحضور، واستلهام حسي وفني لمختلف المواضيع المتعلقة بالحياة والطبيعة، بالإضافة إلى الأعمال التي تعتمد في أساليبها ومضامينها على التجريد والرمز، كما أن الكثير من هذه الأعمال اتسمت بالفلسفة، والولوج إلى أعماق النفس البشرية، من أجل استشراف ملامحها، والوقوف عند أحلامها وتطلعاتها.ويعد المعرض «بانوراما» فنية تشكيلية لبنانية، يمكن من خلالها قراءة المشهد التشكيلي اللبناني عن كثب، ومن ثم التعرف على ملامحه واتجاهاته، وما حققه خلال مسيرته الطويلة من تطور وحضور.واستخدم الفنانون في رصد أفكارهم على أسطح اللوحات- إلى جانب أساليب فنية متنوعة- ألوانا تنوعت بين «الاكريلك»، والمواد المختلفة، إلى جانب الألوان الزيتية، وذلك وفق تقنيات فنية متميزة وذات حضور عال.فيما اختار كل فنان مواضيع أعماله من خلال مدلولات فنية ذات أثر إنساني وإيجابي على وجدان المتلقي، ومن ثم فقد غلب على معظم الأعمال الرؤى الرمزية البعيدة على الواقعية، وذلك في استلهام تقني للتيارات الحداثية التي تناولها الفنانون بحرفية شديدة، وذلك وفق مضامين تتحرك في أكثر من اتجاه.