شّدد نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الدكتور حافظ غانم، على أن التنويع الاقتصادي في الكويت أمر ضروري مهما بلغت التغيّرات في أسعار النفط صعوداً أو هبوطاً، قائلاً «في منطقة الخليج يوجد هناك نحو 70 في المئة من السكان هم في فئة عمرية أقل من 30 سنة، وبالتالي هم يحتاجون لوجود فرص أكبر للعمل، وهو الأمر الذي يحتاج لتعزيز دور الاستثمار.ولفت غانم خلال مؤتمر صحافي، إلى أنه بالإمكان النظر إلى انخفاض سعر النفط كفرصة تعطي إشارة للمسؤولين بأهمية التنويع الاقتصادي، مؤكداً في الوقت عينه أن التنويع الاقتصادي ليس كافياً بل نحتاج أيضاً إلى تحول اقتصادي جذري.وأشار إلى أن أول تقرير كتبه البنك الدولي عن الكويت في العام 1962، حيث حثّ خلاله على ضرورة التنويع في الاقتصاد الكويتي، وأنه لا يمكن للبلاد الاعتماد على البترول إلى هذا الحد، مضيفاً «لم يحدث شيء حتى الآن، لأن التنويع الاقتصادي يجب أن يأتي عبر خطة من أصحاب القرار، فالكويت بحاجة إلى تغيير شامل في الاقتصاد وتغيير في عقلية التفكير في هذا الجانب، وتغيير فكرة الشباب الذين يتجهون في الغالب إلى العمل فقط في القطاع الحكومي، مع أهمية تعزيز العمل في القطاعات المنتجة».وقال «حتى نقنع المواطن في العمل بالقطاع الخاص يجب أن نقنعه بوجود قطاع ناجح، ويدفع أجوراً مرتفعة، وهذا من الممكن تحقيقه من خلال النظر إلى منظومة مناخ الأعمال، وهنا تكمن أهمية إيجاد تحسين كبير في هذه البيئة، ويجب أن تكون الكويت على الأقل في مصاف البلدان العشرين الأولى في مؤشر بيئة الأعمال»، مشدداً على أهمية زيادة الاستثمارات وفرص العمل والأجور في هذا القطاع التي عادة ما تكون مرتبطة بالإنتاجية، وكذلك تعزيز الاستثمارات الخاصة في البنية التحتية في مجال الطاقة والنقل والمياه».وأكد غانم على أهمية تنمية فرص الشباب في الاستثمار، وأن يبدأوا في بناء مشاريعهم مع التركيز على تنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي باتت تمثل اليوم ثلثي العمالة في الدول المتقدمة.وفي حين ذكر غانم أن من أهم الأمور التي تحتاجها الكويت والمنطقة بشكل عام، إصلاح منظومة التعليم وتهيئة الخريجين لسوق عمل متنوع، وتغيير النظرة نحو القطاع الخاص ودوره في المجتمع والاقتصاد، بالإضافة إلى إعادة النظر في دور المرأة وعملها، شدّد على أن دول الخليج تحتاج إلى تغيير المنظومة التقليدية لتقديم الدعوم والاتجاه نحو المنظومة الحديثة.وبيّن أن الدعم التقليدي يعاني من مشكلة واضحة، إذ إنه يدعم الغني أكثر من الفقير، موضحاً أن دول العالم بدأت بترك منظومة الدعم العيني، لتنتقل إلى منظومة الدعم النقدي، مما يسمح لها بتقديم الدعم للمستحقين ودعم الفقير أكثر من الغني.ولفت غانم إلى أن المنطقة تمر بأزمات أدت إلى حدوث مشكلات أمنية، كان لها تأثير اقتصادي على مستويات عدة، منها القطاع السياحي والاستثمار، منوهاً بأن البنك يسعى للتأكد من أن النمو الاقتصادي يشمل كل الناس لاسيما المجموعات المهمشة كالشباب الذين لايجدون فرصاً وظيفية، موضحاً أن لدى البنك مشروعا لتنمية الصعيد في مصر، بالإضافة إلى مشاريع أخرى للاجئين في الأردن ولبنان.التعليممن جانب آخر، أشار غانم إلى أن الملف التعليمي يعتبر من أهم الملفات التي يعمل البنك مع الكويت لإحداث التغييرات فيه، مبيناً أن هذا العمل أثمر إنجازات كثيرة تحققت على أيدي الكويتيين من حيث التغيير في الكتب الدراسية، والتحسين في التعليم، مؤكداً أن إحداث التغيير في القطاع لا يمكن أن نجني ثماره في فترة قصير، بل نحتاج إلى المزيد من الوقت لتحقيق نتائج واضحة.وتابع «تعاني الدول العربية في منظومتها التعليمية، إذ تشير نتائج الطلبة في المدارس والجامعات لاسيما في الاختبارات الدولية إلى حصولهم على معدلات أقل من المتوسط العالمي، وقد كشفت اختباراتنا لطلاب الثانوي وجود الكثيرين ممن لا يجيدون الكتابة، ولا القراءة»، مشيراً إلى أن هناك مشكلة في جودة التعليم، تنبع من استمرارية المؤسسات التعليمية بفلسفة التعليم التلقيني الذي بات غير مرغوب فيه في هذا العصر.وذكر أن البنك الدولي يعمل بالاشتراك مع البنك الإسلامي لإصلاح التعليم في كل الدول العربية، مع التركيز على تحسين التعليم في مرحلة قبل المدرسة، والاهتمام بتعليم اللغة العربية والرياضيات، وتعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين التي تهتم بالتفكير النقدي والعمل الجماعي وغيرها، وكذلك تغيير حوكمة التعليم في المنطقة، بحيث تتم محاسبة المسؤولين الإداريين في المدرسة والمدرسين عن النتائج التي يحققها التعليم، كذلك الاهتمام بتقديم المشورة للخريجين في سوق العمل، مشدداً على أهمية مشاركة القطاع الخاص في دعم التعليم المهني.وأوضح أن فكرة الضريبة بشكل عام هي فكرة سيادية، وعندما تستشيرنا الكويت حول ذلك، فإننا نقوم بجلب تجاربنا في مختلف دول العالم والنتائج التي حققناها هناك، والكويت هي من تقرر اختيار التجربة التي تناسبها.من جهته، أشار المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي، الدكتور نادر عبداللطيف إلى أن أي عمل فني يقدمه البنك للحكومة يتوافق مع الإطار الزماني المحدد له، ولا يوجد تأخير من جانب البنك في إنجاز معظم الدراسات، مبيناً أن البنك لا يعد القوانين التي تمثل أمراً سيادياً للدول. وأوضح أن البنك قدم مدخلات في عملية وضع الإطار العام في ما يخص أفضل النماذج في قانون الإعسار، وأنجز ما هو مطلوب منه، ويبقى أن تتم دراسة ذلك بتأن، بحيث تكون مواكب للأنظمة والتشريعات الكويتية، ونتمنى أن تتم العملية بصورة أسرع، مع استعدادنا لتقديم الرؤية الفنية إذا طلب منا.