أتذكر خلال دراستي للبكالوريوس أن المدرس طلب من الفصل تحديد قضية مهمة لنتناقش حولها!اقترحت بأن نتناقش حول أزمة الغذاء العالمي التي تهدد كثيراً من بلدان العالم، لكن توصل الفصل إلى أن الموضوع الأهم هو أزمة السكن الداخلي في الجامعة، فأدركت حينها أن المواضيع المحلية هي الأهم لدى الناس مهما كانت المواضيع بسيطة!عاشت الكويت الأسبوع الماضي في ما اصطلح على تسميته بأزمة البصل، وهي أزمة مصطنعة ساهم فيها بعض التجار من أجل مضاعفة أرباحهم، وغرد المغردون عبر وسائل الاتصال عن مشكلة البصل المصري الذي اتهموه بأنه «متربي» في مياه المجاري وأنه خطر على الصحة ويسبب السرطان. كما تحدثوا عن صفقة بين حكومتنا وحكومة مصر لاستيراد ذلك البصل بالرغم من مقاطعة بقية الدول له!لا أعرف حقيقة الأمور، ولكن من متابعتي للأخبار، سمعت مندوبي الحكومة يتمنون أن يكون البصل المصري قد تم إدخاله للأسواق خلال اليومين الماضيين أو أن يكون هو السبب في الأزمة!أما رئيس اتحاد تجار ومصنعي المواد الغذائية (عبدالله البعيجان)، فقد تحدث عن وجود أكثر من 200 حاوية بالمخازن تحوي ما يعادل 600 طن من الخضار والفواكه محتجزة بسبب تأخر نتائج عينات الفحص لدى الهيئة العامة للغذاء والتغذية، حيث إن طاقة مختبر فحص الأغذية لا تستوعب حجم هذه العينات اليومية، والتي أصبحت مكدسة داخل المختبرات، وأدى ذلك إلى تغير خواصها الطبيعية، وبالتالي عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي («الراي» 18/ 11/ 2017).ومع احترامي لما يقوله التجار، لكن الأمر أبعد من قضية حاويات محتجزة، بل هو احتكار هدفه رفع الأسعار وإثارة البلبلة في صفوف الناس، وتحقيق أرباح طائلة من وراء ذلك الاحتكار، لاسيما ونحن نتكلم عن البصل الذي يمكن أن يبقى زمناً طويلاً قبل أن يتلف!وماذا عن التقرير البرلماني حول اختفاء الحاويات من ميناء الشويخ وإلقاء كل جهة اللوم على الجهة الأخرى بالتسبب في تلك الجريمة؟!وماذا عن تصريح صحافي لوزير الداخلية الشيخ خالد الجراح بأن الصراع بين مؤسسة الموانئ وإدارة الجمارك دائم وحديثه عن وجود بعض الموظفين الذين يتلقون مقابلاً شهرياً لإخراج بعض الحاويات من دون تفتيش ومن دون أن يعرف ما بداخلها؟!إذاً، فالموضوع أكبر من مجرد بصل «متربي» على مياه المجاري، بل هو فوضى عارمة في حكومتنا وسرقة علنية يتم تسجيلها ضد مجهول! عبثاً نحاول معالجة الأزمة من خلال الحديث عن «شم البصل أو شم الفسيخ»، فالمطلوب هو إزاحة الرؤوس الأمنية التي تتحكم في أهم مرافق البلد وتجني الأموال الطائلة من وراء تلك الفوضى العارمة!
مقالات
نسمات
أزمة حكومة أم... أزمة بصل؟!
01:29 ص